هل دخل رئيس الجمهورية من باريس إلى الجزائر بعد أكثر من شهرين من العلاج، لاستئناف مهامه الرئاسية؟ أم لمواصلة مرحلة النقاهة وإعادة التأهيل الوظيفي التي نصح بها الأطباء، في أعقاب الوعكة الصحية التي تعرّض لها يوم 27 أفريل الفارط؟ إن ترديد الخطاب الرسمي بأن الرئيس كان طيلة فترة مرضه في “فال دوغراس”، أو في مركز “ليزانفاليد”، يتابع الوضع في البلاد و”يعطي توجيهاته للحكومة”، وقام أيضا بإصدار مراسيم رئاسية، فهي معطيات تشير إلى أن الرئيس بمجرد عودته لأرض الوطن، سيعود لممارسة مهامه، بعد فترة انقطاع دامت شهرين بسبب المرض. وأول عودة لممارسة المهام، إن حدثت، ستكون من خلال استدعاء اجتماع مجلس الوزراء المعطّل منذ شهر ديسمبر الفارط، وذلك قصد المصادقة على حزمة من مشاريع القوانين الجديدة، وفي مقدمتها مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2013. وتسمح فترة عطلة البرلمان للرئيس بالتشريع بأوامر طبقا للمادة 124 من الدستور، وبالتالي يمكنه أن يرأس مجلسا وزاريا في نهاية شهر جويلية الجاري لإصدار مشروع قانون المالية التكميلي، باعتباره ذا “أولوية استعجالية”، لكونه يتضمن نفقات جديدة للتكفل بمطالب الجنوب وبتشغيل الشباب، وهي المطالب التي كانت محل احتجاجات في عدة مدن. لكن، هل عودة الرئيس جاءت بعدما انتهت متطلبات العلاج؟ أم أنها عودة فرضتها متطلبات دستورية؟ أشارت وكالة الأنباء الفرنسية، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قد لوحظ في مطار “البورجي” بفرنسا، جالسا فوق كرسي متحرك، وهي صورة غير بعيدة عن صور يوم 12 بمركز “ليزانفاليد”، لدى استقباله كلا من الوزير الأول عبد المالك سلال وقائد أركان الجيش الفريق ڤايد صالح، مما يؤشر أن الرحلة العلاجية للرئيس ستتواصل في أرض الوطن. ويتضح جليا أن متطلبات دستورية كانت وراء عودة الرئيس إلى أرض الوطن، رغم عدم امتثاله للشفاء الكامل، وذلك بعدما شلت أجهزة الدولة وكذا المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها البرلمان، الذي وجد نفسه في “بطالة مقنعة”، جراء عدم وصول مشاريع قوانين إليه لمناقشتها، بعدما توقفت اجتماعات مجلس الوزراء منذ شهر ديسمبر الماضي. من شأن عودة الرئيس تحرير مشاريع القوانين المعطلة، والتي تفوق 7 مشاريع قوانين، إضافة إلى العديد من التعيينات في هياكل الدولة. وفوق هذا وذاك، المرور لإعداد قانون المالية لسنة 2014 المربوط بآجال دستورية. فهل ستعطي عودة الرئيس ريتما جديدا في سير المؤسسات، بعدما ظلت لعدة أشهر تسير بخطى السلحفاة؟ قبل الوعكة الصحية للرئيس ليوم 27 أفريل، كان رئيس الجمهورية قليل الظهور وكانت تنقلاته محدودة، إذ باستثناء الأجندة البروتوكولية، فقد تجاهل العديد من المناسبات، على غرار افتتاح السنة القضائية وأيضا السنة الجامعية، وهو ما يعني أن عودة الرئيس بعد الرحلة العلاجية، لن تكون أفضل من الوضع السابق الذي تميز بالحد الأدنى من النشاط.