فكرة إحداث كونفدرالية اقتصادية في منطقة ماوراء القوقاز تحت رقابة أوروبية لم تكن وليدة الأمس، وإن كانت مؤسسات الاتحاد الأوربي وبرنامج " الشراكة الشرقية" قد تصورتها سابقا كإطار جامع لثلاث دول هي جورجيا وأرمينيا وأذربيجان. لكن هذا التصور سقط حينما رفضت باكو الفكرة من أساسها، فاضطر الأوروبيون للتسليم بفكرة كونفدرالية مصغرة بين جورجيا وأرمينيا، تكون جورجيا فيها الحجر الأساس، كونها منطقة ترانزيت رئيسية لموارد الطاقة من منطقة بحر القزوين إلى أوروبا.اللافت أن جورجيا كانت على الدوام تؤكد رغبتها علنا بالانضمام إلى الأسرة الأوروبية بخلاف أرمينيا التي كان حتى الآونة الأخيرة تفضل التكتم على الأمر، رغم أن الحديث عن التوجه نحو أوروبا يدا بيد مع جورجيا كان يدور في الأروقة السياسية الأرمينية دون إغفال أهمية علاقتها الاستراتيجية مع روسيا.ويرى محللون أن بروكسل رسمت مستقبل أرمينيا الأوروبي في إطار حصري مع جورجيا حينما اقتنعت أن طريق يريفان إلى الحض الأوروبي مغلق من جهة أذربيجان (بين البلدين حالة حرب مجمدة بسبب منطقة ناغورني قره باخ) وكذلك من جهة تركيا (تركيا وأرمينيا لم تنجحا بعد في تطبيع العلاقات الثنائية).فكرة الكونفدرالية في ماوراء القوقاز كانت مرت بصيغ متعددة منها ما طرحه الرئيس الجورجي ميخائيل سآكاشفيلي في 18 يوليو 2010 على نظيره الأذريجياني إلهام علييف حينما تحدث عن " كونفدرالية جورجية – أذربيجانية".لكن باكو امتنعت رسميا حينها عن هذه الفكرة، فحولت جورجيا في السنوات الأخيرة نظرها عن تركيا وأذربيجان باتجاه الاتحاد الأوربي لتقبل بفكرة الكونفدرالية مع أرمينيا.. وفي هذا السياق تم في العام 2011 خلال اجتماع مجلس الأعمال الجورجي الأرميني مناقشة مشروع إنشاء طريق سريعة للحافلات بين مدينة باتومي الجورجية والعاصمة الأرمينية. واليوم تجري مباحثات جورجيا أرمينية لفتح الخطوط الحديدة الأبخازية التي تربط أرمينيا مع روسيا.كما يؤكد مراقبون أن العلاقات الاقتصادية الجورجية الأرمينية تشهد في الآونة الأخيرة تحسنا ملحوظا، إذا راح كثيرون من رجال الأعمال الأرمن من داخل أرمينيا ومن الجالية الأرمينية في جورجيا، يضخون استثمارات ضخمة في الاقتصاد الجورجي.بالمقابل تنظر موسكو وباكو بانتباه إلى المشروع الجورجي – الأرميني الذي ينسقه الاتحاد الأوروبي، ويرى مراقبون أنه كلما اقتربت جورجيا وأرمينيا من تكوين كونفدرالية اقتصادية كلما ازدادت العلاقة الروسية الأذربيجانية متانة.