في شتى أرجاء القارة نشهد تزايدا للوجود الصيني في مواقع البناء وفي الشوارع وفي الموانئ والمطارات.ويحتدم التنافس حاليا على اقتطاع شريحة من الثروات الأفريقية بين المساهمين التقليديين أمثال البرازيل وكوريا الجنوبية والهند، جارة الصين.يذكر أن الهند منيت بهزيمة عسكرية مهينة على يد الصين عام 1962 وكانت دوما في حيطة من نواياها، كما كان النزاع الحدودي الدائم نقطة محورية بين البلدين.فمع زيادة الطلب على الموارد لتعزيز نمو اقتصادهما، بدأ التنافس بين العملاقين الاقتصاديين ينتقل في مناطق مختلفة من أنحاء العالم، وكان مقر جامعة نيروبي أحد هذه الأماكن.ففي أحد أركان هذه الجامعة يجتهد عمال من شركة (تشاينا وو يي) الصينية لبناء برج من 21 طابقا وإكمال أعمال بناء قاعات للمحاضرات تسع لنحو 3000 طالب إلى جانب مهبط لطائرات مروحية.وقال سا دي شوان، رئيس مركز تعليم اللغة والثقافة الصينية في الجامعة، "بمجرد الانتهاء من أعمال البناء في غضون عامين، سيصبح أطول بناية". دعم من بكينتساعد الحكومة الصينية شركة (تشاينا وو يي) في الدخول إلى ميادين العمل في كينيا، وهي حاليا تدير 18 مشروعا هناك.واستطاعت الشركة في فترة ليست ببعيدة أن تكمل بناء قسم مكون من ثماني حارات على الطريق السريع (ثيكا) بطول 50 كيلومترا، يوصف بأنه فخر المشاريع الكينية.وقال مولجيبهاي بيندوليا، أحد رجال الأعمال كيني المولد وينحدر من أصول هندية "كان الهنود موجودين في كينيا وفي هذه القارة منذ ما يربو على 200 عام. فلماذا لم يطوروا الصناعة مثلما فعل الصينيون خلال السنوات العشر إلى ال15 الماضية؟"وقال إن السبب يكمن في المشاركة الفعالة لبكين، وأضاف "لا نستطيع بمواردنا أن نطور ما يمكن أن نطوره مقارنة بدعم الحكومة".ويتضاءل حجم التجارة الهندية مع أفريقيا البالغ 65 مليار دولار أمام حجم التجارة الصينية التي تسجل 200 مليار دولار.وتنشط الشركات الصينية في شتى أرجاء القارة في مشروعات البنى التحتية الكبرى، لاسيما الموانئ والسكك الحديدية وبناء الاستادات الرياضية.وعلى النقيض تسعى شركات فردية إلى قيادة المبادرات الهندية بغية توسيع رقعة النشاط في قطاعات مثل الاتصالات والزراعة وقطاع السيارات والتعليم.وقال مانوج غوبتا رئيس شركة (جيندال) الهندية للصلب والطاقة متعددة الجنسيات في موزمبيق، "تجري الشركات الهندية تقديرات للمخاطر بطريقة منهجية للغاية مقارنة بالصينيين الذين يقتحمون العمل وينجزونه بسرعة، ويصلون إلى النتائج". كفاح من أجل المواردوأضاف "يقوم الصينيون بأعمال البناء المدنية، في حين يقوم الهنود بأعمال الفحم وحاليا الغاز. ويرغب الصينيون في الوصول إلى الغاز، غير أن الهنود يرغبون في الوصول إلى الغاز أيضا."وقال "هذا النوع من التنافس جيد بالنسبة لنا".وكما هو الحال بالنسبة للصين، تنظم الهند اجتماعات قمة لإشراك إفريقيا، ومناقشة اتفاقات بملايين الدولارات، غير ان التطبيق يتسم بالسوء".وقال تي سي إيه رانغاناثان، رئيس بنك الهند للصادرات والواردات، الذي يمول شركات هندية تستثمر في إفريقيا "قصة الهند هي قصة تنظيم أعمال خاصة، فإذا كانوا يرغبون في الذهاب إلى أفريقيا، سأساعدهم".ففي أحد اجتماعات القمة، قال وزير الصناعة الإثيوبي تاديس هيل "أحث المؤسسات المالية الهندية على دعم الشركات الهندية كما تفعل دول أخرى مثل الصين."وفي الوقت عينه تصر الصين على أنها تتوق إلى علاقة شاملة ومتبادلة.وقال سا "نحتاج إلى موارد، لكن باستطاعتنا أن نعمل معا للوصول إلى المزيد من الموارد. باستطاعة الشعب الهندي والشعب الكيني والشعب الصيني أن يعملوا معا."وقال شيا لو، العامل في شركة سياحة وسفريات صينية كينيا، في نيروبي"ارتفع عدد السائحين الصينيين الذي يأتون إلى أفريقيا بنسبة 45 في المئة سنويا".غير أن الوجود الصيني يثير شكوكا أيضا، حيث ثمة شكوى من أن الصينيين يأتون بمواطنيهم ولا يستعينون بالعمالة المحلية.وبسؤال شينوغ كاي هوا، من شركة (تشاينا وو يي)، عن مثل هذا القلق أكد أن شركته تستأجر عمالة محلية على الرغم من عدم معرفته بمسلك الشركات الأخرى حيال ذلك. نمو أفريقيمازال التوتر بين الصينيين والمحليين لم يهدأ بعد، وقال مارك كاباتشانغا، وهو صحفي في نيروبي يكتب لحساب دور نشر صينية "شاهدنا في تنزانيا هجرات غير قانونية من الصين يجري ترحيلها. وشاهدنا الأمر يحدث أيضا في غانا".وقال محلل في نيروبي يدعى أنيل بهانداري أن الكعكة الأفريقية كبيرة جدا على أن يستأثر بها طرف بمفرده.وأضاف "تسجل معظم الدول الأفريقية نموا من 7 إلى 9 في المئة، كما تنهض دول مهمة مثل الهند والصين والبرازيل ودول الإتحاد الأوروبي بدور."وفي حين يحتدم النقاش بشأن نوع العمل في أفريقيا، يقول الأفارقة إن ما يعنيهم هو تحقيق أفضل استفادة من أجل تحقيق تنمية، وأن كل ما تفعله الأطراف الخارجية من مراوغة لا يهم.