يستفيد المواطن الجزائري الراغب في التنقل إلى الخارج من منحة سياحية قارة سنويا تعادل 15 ألف دينار، أي في حدود 130 أورو غير قابلة للتجديد. تعتبر هذه القيمة المالية التي لم تتغير منذ سنوات ”إهانة” بكافة المقاييس، لأنها لا تكفي لقضاء يوم واحد في أي دولة من الدول وتدفع المواطن إلى التعامل مع السوق الموازية للعملة الصعبة لضمان الحصول على مقابل مالي يفي الغرض، لقضاء مدة زمنية خارج الحدود. ويظل المواطن الجزائري أقلهم استفادة من هذه المنحة في المنطقة العربية، بحجة ارتباط مداخيل العملة الصعبة بالمحروقات وتقلباتها، وعدم قابلية تحويل الدينار الجزائري. وتشير التقديرات الإحصائية المتوفرة إلى أن المواطن التونسي يستفيد من مقابل 6000 دينار تونسي أي 2688.40 أورو كمنحة سياحية سنوية، وفقا لمنشور البنك المركزي التونسي رقم 2009-21 الصادر بتاريخ 13 نوفمبر 2009 المعدل لمنشور صادر في 9 فيفري 2007 والذي ضاعفت من مقتضاه قيمة المنحة منذ جانفي 2010، علما أن الناتج المحلي الخام التونسي يقدر ب45.6 مليار دولار. أما المنحة السياحية التي يستفيد منها المواطن المغربي فإنها أهم، حيث تصل إلى 40 ألف درهم أو ما يعادل 3583.4 أورو سنويا، يضاف إليها 10 آلاف درهم أو ما يعادل 750 أورو للشراء عبر الأنترنت. وفي حالة السفر للأعمال، يستفيد المغربي من 200 ألف درهم، بينما تقدر منحة الأعمال الحرة ب60 ألف درهم أو ما يعادل 5375.14 أورو، علما أن الناتج المحلي المغربي يقدر ب96.73 مليار دولار. في نفس السياق، يستفيد المواطن المصري من منحة سياحية يمكن أن تصل إلى 20 ألف دولار بالنسبة للأفراد، أي 14790 أورو، بينما منحة الشركات تبدأ من 50 ألف دولار فما فوق. أما المواطن السوري، فإنه يستفيد من منحة في حدود 2400 دولار سنويا، أي ما يعادل 1774.8 أورو. بالمقابل، وعلى عكس المستويات التي يستفيد منها المواطن العربي عموما، فإن المواطن الجزائري أقل استفادة من المنحة السياحية، حيث يتلقى سنويا 130 أورو هي قيمة زهيدة جدا لا تفي لقضاء يوم واحد بأي دولة في الخارج، ما يطرح تساؤلات حول المغزى والفائدة من مثل هذه المنحة، خاصة أنها تشجع فحسب اللجوء إلى التعاملات غير المعلنة والسوق الموازية، إذ أن السلطات تسمح للمواطن، في المقابل، بأن يحمل مبلغا يمكن أن يصل إلى 7500 أورو بمجرد إيداعها ثم سحبها من حساب بالعملة الصعبة. وفي ظل غياب مكاتب صرف وعدم السماح للمواطن الجزائري المقيم بالقيام بأي تعاملات بالعملة الصعبة أي تقديم دينار جزائري للحصول على عملة صعبة، يضطر للجوء إلى السوق الموازية. ويطرح هذا الوضع إشكالا كبيرا خاصة أنه يدفع أغلبية المواطنين إلى التعامل بطرق غير قانونية في ظل غياب أي رؤية واضحة المعالم في هذا المجال، بل إن الجزائر التي تمتلك أحد أهم ناتج محلي خام ب208 مليار دولار وهي بالتالي ثاني أهم ناتج بعد مصر التي تمتلك 257.3 مليار دولار، كما تحوز على احتياطي صرف يفوق 200 مليار دولار بحساب الذهب، لم تقم بتغيير المنحة منذ سنوات، بل إنها لجأت خلال التسعينيات إلى إلغائها ومنحها كل أربع سنوات على خلفية تراجع الإيرادات ثم أعيد العمل بها منذ 2007. لكن هل هذا التعامل ينطبق على الجميع أي على كافة المؤسسات والهيئات بما في ذلك تلك التي تخص خروج العملة الصعبة عبر المهمات والسفريات أم أنها تقتصر على المواطن فحسب؟ ثم إن التقديرات الإحصائية تشير إلى خروج حوالي 3 ملايين جزائري سنويا إلى الخارج. وعليه، فإن التقدير العام يفيد بأن قيمة المنحة المقدمة لا تتجاوز 390 مليون أورو، أي أنها أقل مستوى من قيمة المنح التي تقدم في باقي الدول العربية بكثير. كما أن السؤال يطرح حول كيفية تقدير القيمة المالية أي 130 أورو أو15 ألف دينار من قبل بنك الجزائر وعلى أي أساس تم تحديد هذه القيمة المالية بدلا عن قيمة أخرى. الحكومة تحرم الجزائريين من حقهم في العملة الصعبة الزيادة في منحة السفر مؤجلة إلى إشعار آخر بحلول أكتوبر المقبل تكون سنة كاملة قد مرت على إطلاق الحكومة وعودا تتعلق بالرفع من المنحة السياحية المقدمة للجزائريين عند مغادرتهم الوطن، والمحددة ب15 ألف دينار فقط، ما يعادل 130 أورو، ليبقى القرار معلقا إلى أجل غير مسمى، ومرتبط بوضعية تسببت فيها حكومة عجزت عن التحكم في مستويات وارداتها التي سجلت هذه السنة أرقاما قياسية، حيث من المرتقب أن تتجاوز 61 مليار دولار. وكان محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، أول من أعلن أمام نواب البرلمان عن دراسة كانت هيئته بصدد الانتهاء منها للرفع من المنحة السياحية، دون أن يفصل في قيمة الزيادة، ليتم بعد ذلك حصر هذه الزيادات بالنسبة لمن يريدون العلاج أو الدراسة في الخارج. غير أن ما لم يكشف عنه محمد لكصاسي والذي يكتفي في كل مرة بالرد على مآل ملف زيادة المنحة السياحية، بأنه مازال طور الدراسة، أن بنك الجزائر كان قد انتهى من إعداد ملف منذ عدة أشهر، وحوّله إلى وزارة المالية، والتي بالرغم من استقلالية بنك الجزائر، تبقى الجهة الوحيدة المخولة بتوصية من الحكومة للإفراج عن هذا الملف. وأكدت مصادر مطلعة على الملف ل”الخبر” أن الفصل في الملف الذي أرسل إلى وزارة المالية، قد أجّل إلى إشعار لاحق، بسبب الوضعية الحالية التي يتخبط فيها الاقتصاد الوطني، بعد عجز الحكومة عن التحكم في ارتفاع فاتورة الاستيراد، والتي ستتجاوز، حسب التوقعات بالنسبة لهذه السنة، ما قيمته ال60 مليار دولار، مقابل عائدات محدودة من مداخيل البترول والتي ستكون في حدود ال74 مليار دولار، ما يجعل فاتورة الاستيراد تلتهم ما يتجاوز معدله 80 بالمائة من مداخيل الجزائر من العملة الصعبة. وتعزز أسعار البترول المرتفعة والمتجاوزة معدل 104 دولار للبرميل هذه السنة، مدا خيل الجزائر من العملة الصعبة، في ظل تراجع الإنتاج، وهي الوضعية التي ستبقى الجزائر تسجلها لسنوات عديدة بسبب غياب الاستثمار الأجنبي في مجال التنقيب والاستكشاف لتعزيز القدرات الإنتاجية للبلاد. وأكدت ذات المصادر بأن عدم توفر الحكومة على ميكانيزمات للتحكم في تسيير العملة الصعبة، هو السبب في حرمان الجزائريين من حقهم من العملة الصعبة، والذي يوجه إلى استيراد عتاد دون أي قيمة تجارية، يتم التخلي عنه في الموانئ في غياب مراقبة تحويلات المستوردين من العملة الصعبة أو إلى عمليات تصدير يستفيد منها متعاملون اقتصاديون لا يقومون بإرجاع جزء منها إلى البنوك الوطنية، مخالفين بذلك القوانين السارية المفعول. على صعيد آخر، أوضح خبراء اقتصاديون ل”الخبر”، بأن ارتفاع فاتورة الاستيراد تبقى حجة غير مبررة لعدم رفع قيمة المنحة السياحية، مشيرين إلى أن قيمتها يمكن أن تتغير من سنة إلى أخرى بتخفيضها أو رفعها وفقا للمعطيات الاقتصادية الجديدة وذلك وفقا لقوانين أو تنظيمات يتم نصها من طرف بنك الجزائر. الجزائر: سمية يوسفي الإطار القانوني لمنحة السياحة ينص القانون على أن كل مواطن جزائري مقيم يرغب في السفر إلى الخارج يحق له الاستفادة من ”حق الصرف”، ويتم تحديد القيمة من قبل البنك المركزي أي بنك الجزائر، وتعرف القيمة المالية التي يتقاضاها المواطن ب«منحة أو علاوة السفر” أو المنحة السياحية، كما أنها تعرف قانونا بمنحة الصرف أو الحق في الصرف. ويؤطر هذا الحق بالمادة 77 الفقرة 4 للتنظيم رقم 07-01 الصادر بتاريخ 3 فيفري 2007 المتعلق بالقواعد المطبقة على التعاملات المالية الجارية مع الخارج، وتشير المادة إلى أن المواطنين المقيمين يستفيدون برسم السفر إلى الخارج من حق الصرف السنوي ويتم تحديد القيمة أو آليات الاستفادة من خلال تعليمات بنك الجزائر وتمنح المنحة من قبل البنوك الوسيطة المعتمدة سنويا للمواطنين المقيمين التي تحددها المادة 2 بالأشخاص الماديين والمعنويين نشاطاتهم الاقتصادية ممركزة محليا. وتقدم المنحة بتقديم تذكرة السفر والتأكيد على الخروج من التراب الوطني، وإلا فإن أي مخالفة يعاقب عليها بالحرمان منها لاحقا، وتترك لبنك الجزائر السلطة التقديرية لتحديد مستوى المنحة استنادا إلى التعليمة رقم 08-97 الصادرة في 28 أوت 1997 المتعلقة بحق الصرف للسفر إلى الخارج والتي تنص في مادتها 2 على أن ”القيمة السنوية لحق الصرف المرتبطة بالسفر إلى الخارج محددة بقيمة تعادل بالعملة الصعبة 15 ألف دينار جزائري لكل سنة مدنية، وتقدر القيمة بالنصف في حالة الأطفال البالغين أقل من 15 سنة، ولا يمكن تجميع القيمة من سنة إلى أخرى أي أن الجزائري يتقاضى سنويا ما بين 130 إلى 140 أورو وفقا لتقلبات صرف الدينار مقابل الأورو، وبالتالي فهو يخضع إلى جانب قلة القيمة إلى تقلبات الصرف. وفي حال إلغاء السفر، حسب المذكرة رقم 06-08 الصادرة عن بنك الجزائر بتاريخ 17 مارس 1998، فإن المواطن المستفيد ملزم بإرجاع المبلغ للبنك وإلا فإنه يعاقب بعدم الحصول على المنحة لاحقا”.