3 سنوات سجنا لأخت الضحية أصدرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء سكيكدة، الليلة قبل الماضية، حكمها النافذ في حق قاتل ابنته بمساعدة شقيقيها، وسط ارتياح لدى الرأي العام المحلي، خاصة وأن هذه الجريمة كانت شغله الشاغل طيلة الأشهر الماضية نظرا لفظاعتها. أول قضية افتتحت بها دورة محكمة الجنايات لمجلس قضاء سكيكدة، كانت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وقعت بحي 50 مسكنا بقرية علي بوشبشب ببلدية الكركرة غربي سكيكدة، متهم فيها ثلاثة من أفراد عائلة الضحية “ق.ب” ووجود 14 شاهدا وشاهدة في هذه الجريمة. وقائع هذه القضية تعود إلى يوم الرابع مارس من السنة الجارية، حيث تلقى رجال الدرك الوطني في حدود الساعة السادسة من مساء نفس اليوم، مكالمة هاتفية من رئيس بلدية الكركرة تفيد بأنه سمع بأن جثة فتاة تسمى “ق.ب” بمنزلها. وعلى إثر هذه المكالمة، تنقل رجال الدرك إلى المنزل لمباشرة التحقيق ووصلوا إلى مرتكب الجريمة فيما النيابة اتهمت كلا من والد الضحية “ق.م” وشقيقها “ب.ق” وشقيقتها “ق.ف”. لغز القاتل وبتحويل نتائج التحريات الأمنية إلى النيابة، قامت هذه الأخيرة بتوجيه الاتهام لكل من الوالد، وشقيقها وشقيقتها، بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، خاصة بعدما قال هؤلاء أن الضحية انتحرت، وتظاهروا أمام عامة الناس وللمحققين بحالة الحزن الشديد والقنوط والدهشة من الحادثة، لأن الضحية سبق لها وأن هددتهم بالانتحار بسبب معاناتها من اضطرابات نفسية وعقلية. إنكار للنهاية وأثناء التحقيق، أنكر المتهم “ق.ب” التهمة المنسوبة إليه، مؤكدا أنه لم يقدم على إزهاق روح شقيقته، ذاكرا أنه بتاريخ الواقعة دخل المنزل في حدود الساعة الثانية ونصف بعد الزوال وتناول وجبة الغداء، وأخته الضحية كانت بالبيت وغادر المنزل العائلي بشكل عادي وانتقل إلى الكركرة رفقة “ح.ق”، وظل هناك لمدة حوالي 30 دقيقة. وأثناء ذلك، اتصل به شقيقه هاتفيا وأخبره بوفاة أخته، فانتقل على الفور إلى المنزل، فشاهد شقيقته وهي مذبوحة، متجاهلا إن كان الأمر يتعلق بجريمة قتل أو انتحار. والد الضحية “ق.م” بدوره، أنكر التهمة وصرح خلال التحقيق أنه بتاريخ الواقعة كان متواجدا بحقله رفقة زوجته وابنته وجارته، مضيفا أنه غادر الحقل بعد العصر إلى المنزل القديم، بعدها توجه نحو المسجد، فيما عادت زوجته إلى المنزل. وأضاف أنه بعد صلاة العصر توجه إلى المقهى، قبل أن يحضر ابنه طالبا منه مرافقته إلى المنزل، وفي الطريق أخبره بأن شقيقته انتحرت. ولما دخل المنزل أمر بإعادة السكين إلى مسرح الواقعة، في انتظار قدوم مصالح الحماية المدنية والدرك الوطني لمباشرة التحقيقات ورفع البصمات. وروى الوالد أنه عثر على ابنته مذبوحة ولا يعلم إن كان الأمر جريمة قتل أو انتحارا، مؤكدا أنه لم يقتلها. أما المتهمة “ق.ف”، فقد أنكرت التهمة وصرحت أنها في ذلك اليوم نهضت باكرا، وأدت صلاة الصبح ثم قامت بترتيب البيت رفقة أختيها فريدة وبريزة الضحية. وفي حدود الساعة العاشرة والنصف، غادرت الضحية البيت رفقة خالتها وعادت في حدود الساعة الواحدة زوالا وأدت صلاة الظهر وتناولت وجبة الغداء رفقة والدتها. وأضافت أنها غادرت رفقة والدتها المنزل في حدود الثانية بعد الزوال رفقة جارتها “ب.ا”، وابنتها الصغيرة قاصدين الحقل بغرض التنزه ولم يعدن إلا في حدود الساعة الرابعة والربع، مشيرة إلى أنها تركت أبويها بالمنزل القديم. ولما وصلت إلى المسكن في حدود الخامسة، قامت بدق الباب، لكن لا أحد فتحه، فطلبت من أخيها “ق.ف” الذهاب إلى المنزل الجديد للاستفسار إن كانت الضحية هناك. وحسب أوراق القضية، فإن المحققين عاينوا بقعا من الدم في المطبخ والحمام، ولما توجهوا إلى الغرفة التي تنام فيها وجدت الضحية ملقاة على الأرض مذبوحة غارقة في دمها. وخلال مساءلة القاضي لهم، تمسك المتهمون الثلاثة بتصريحاتهم التي أدلوا بها خلال مراحل التحقيق، فيما أكد الشهود أقوالهم السابقة من أنهم علموا بوفاة المسماة “ق.ب” بمنزل أهلها، لكنهم لا يعرفون إن كانت الوفاة ناتجة عن انتحار أو جريمة قتل ولا يعرفون القاتل.. أما النيابة، فقد أعادت سرد بعض وقائع هذه القضية والتمست عقوبة الإعدام للأب “ق.م” وابنه “ق.ب”، وخمس سنوات في حق “ق.ف” التي توبعت بجنحة عدم التبليغ عن الجريمة. الدفاع في مرافعاته التمس البراءة لموكليه، مركزا على بعض العناصر التي يراها تخدمه في هذه القضية. وبعد سماع كل الأطراف، انصرفت هيئة الجلسة إلى قاعة المداولات للتشاور مع المحلفين، قبل أن تعود وتنطق بحكمها بالمؤبد في حق كل من والد الضحية وشقيقها وثلاث سنوات سجنا نافذا في حق شقيقتها.