عاش سكان حي ميهوبي محمد ببلدية الشراڤة في العاصمة، أول أمس، ليلة رعب إثر نشوب حريق بمنزل من طابقين، خلف 5 قتلى وإصابة ستة آخرين بجروح من عائلة واحدة، اثنان منهم حالتهما خطيرة، حسب حصيلة للحماية المدنية لولاية الجزائر. كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة عندما وصلنا إلى بيت عائلة بوشيبة الكبيرة بحي عمارة بالشراڤة، حيث يتم تلقي التعازي من الأقارب والجيران والسكان، الأحزان تخيم على المكان والجميع يبكي الضحايا حليمة، 50 سنة، بشرى، 15 سنة، رفيق 8 سنوات، ذهبية 16 سنة، وإكرام 10 سنوات. وصادف وصولنا إلى المنزل خروج الضحية رابح من مستشفى الدويرة المختص في الحروق، كان رأسه ويداه مغطاة بضمادات، ولا يقوى على المشي، ليخبرنا أحد مرافقيه بأنه فقد زوجته واثنين من أبنائه في الحادث، ورغم المصيبة التي ألمت به إلا أنه بدا صبورا وهو يروي الواقعة: ”عندما كنت بصدد دخول المنزل، فاجأتني ألسنة النيران، حاولت إنقاذ زوجتي وأبنائي وباقي أفراد عائلتي، ولكن امتداد النيران إلى جميع أرجاء البيت والدخان الكثيف حال دون ذلك”، ينفجر بالبكاء وهو يشد رأسه ليواسيه أحد أفراد عائلته قائلا: ”رابح كوراج”. وفي هذه الأثناء يلتحق بنا شقيقه عمر الذي أصيب هو الآخر بحروق على مستوى اليدين والرأس، منتقدا دور مصالح الحماية المدنية: ”قضيت سهرة المولد النبوي عند أخي رابح مع زوجتي، وفي حدود الساعة العاشرة والربع ليلا فوجئنا بألسنة اللهب، حاولت الفرار بكسر شرفة المنزل حتى أعود إلى المكان لإنقاذ زوجتي الموجودة بالمستشفى وابنة أخي رحمها الله”. يتوقف عمر عن الكلام ويجهش بالبكاء، ليسترسل في الحديث بصعوبة: ”الحماية المدنية لم تقم بدورها، فشاحنة الإطفاء وصلت المكان فارغة من الماء”. كما انتقلت ”الخبر” إلى مكان الحادث بحي محمد ميهوبي، كانت رائحة الدخان تنبعث من المنزل الذي نشب فيه الحريق، وصلنا الحي على خبر وفاة الضحية الخامسة، فإحدى صديقاتها راحت تصرخ وهي تردد باكية ”إكرام ماتت.. اليوم الجنازة”. كان المكان مكتظا بالجيران الذين تركوا منازلهم لحظة سماع الانفجار، والمصدومين من هول ما حدث، إضافة إلى المواطنين الذين دفعهم فضولهم للوقوف على ما حدث. إحدى جارات الضحايا كانت واقفة على عتبة بيتها وهي تنظر إلى مكان الحادث والدهشة بادية على وجهها، روت ما حدث بمرارة، خاصة وأنها قلقة على شقيقة زوجها التي تقرب للضحايا، والموجودة بمستشفى الدويرة لإصابتها بحروق على مستوى الرجلين: ”كانت الساعة تشير الى العاشرة ليلا، صوت المفرقعات والألعاب النارية يدوي المكان قبل سماع دوي انفجارين، وصراخ النسوة، حينها هرعنا لتقصي الأمر، لتكون الفاجعة كبيرة ونحن نرى الضحايا يخرجون من المنزل متفحمين، لم يكن بيدنا فعل شيء سوى إمدادهم بالماء لإطفاء الحريق وإنقاذ البقية”، تتنفس بعمق لتضيف متحسرة: ”جارتي حليمة كانت تحضر طبق الشخشوخة احتفالا بالمولد النبوي الشريف، وكانت ستنجو من الحادث، ولكنها أصرت على إنقاذ ابنها رفيق صاحب الثماني سنوات ليفارقا الحياة سويا”. ونحن نتحدث إليها أبت الطفلة لينة، وهي صديقة وجارة للضحية إكرام ذات العشر سنوات، إلا أن تشاركنا الحديث قائلة: ”لقد دعتني صديقتي إكرام لقضاء السهرة عندهم بمناسبة المولد النبوي، ولكنني رفضت”، قالتها والدموع تملأ عينيها. وقد تباينت الروايات حول أسباب الحادث، ففيما تحدث السكان عن تسرب للغاز، كشف مصدر أمني أن الحادث يرجع إلى مفرقعة ألقيت أمام دراجة نارية فانفجرت وتسببت في الحريق، وتواصل الشرطة العلمية لشاطوناف التحقيق للتوصل إلى الأسباب الحقيقية للحريق.