تسببت التعويضات التي أمر بها الوزير الأول لفائدة أعضاء اللجنة الوطنية واللجان الولائية والبلدية لمراقبة الانتخابات، في زوبعة بالكثير من الولايات بسبب الإغراءات التي تثيرها الأموال الممنوحة للمئات من أعضاء اللجان. وتأكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن الحكومة كذبت عندما نفت وجود هذه التعويضات، والأخطر من ذلك أن قانون الانتخابات الذي يمنعها كان أكبر ضحية في هذا التجاوز الذي يعتبر مؤشرا على التزوير. شهدت بعض اللجان الولائية حركة غير عادية في الأيام الأخيرة، بسبب وصول أموال التعويضات إلى أعضائها عن طريق الولاة الذين تلقوا تعليمات من وزارة الداخلية بصرف المستحقات التي نص عليها مرسوم تنفيذي سرّي، أصدره الوزير الأول السابق عبد المالك سلال في فيفري الماضي، مع الحرص على عدم نشره بالجريدة الرسمية. وكان المبدأ في العضوية بهذه اللجان، هو التطوّع تفاديا للمشاحنات التي أثارتها التعويضات في المواعيد الانتخابية السابقة، قبل أن يخضع القانون العضوي للانتخابات للتعديل مطلع 2012، ويمنعها صراحة بموجب المادة 187 التي تقول صراحة: “تستفيد اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات من الدعم اللوجستي من قبل السلطات العمومية قصد آداء مهامها، ولا يحصل ممثلو الأحزاب والمترشحون على تعويضات”. ومعنى هذا أن رؤساء لجان المراقبة وأعضاءها، يستفيدون من الإيواء والإطعام والنقل وخدمات أخرى، مثل قسيمات البنزين، أما المال فهو ممنوع عليهم قانونا. ولم يجد بعض المترشحين الستة، في البداية، الكثير من المتطوعين في الولايات والبلديات للعضوية في لجان المراقبة. ولكن لما تناهى إلى أسماع العديد من مناضلي المترشحين الذين يرأسون أحزابا، وهم أربعة، بأن الأمر يتعلق بأموال نظير العضوية في اللجان، حدث تهافت وتدافع في أوساط “المناضلين” و«المتطوعين”. غير أن الكثير من الأعضاء رفضوا تلقي أموالا واعتبروا المبادرة الحكومية، “ابتزازا ومحاولة لشراء ذمم”. ويمكن اعتبار هذه الحركة غير القانونية وغير الدستورية، من جانب الوزير الأول سابقا ومدير حملة الرئيس المترشح حاليا، بمثابة تزوير للعملية الانتخابية. وخرق القانون العضوي للانتخابات من طرف الحكومة، هو في حد ذاته تزوير. فلماذا لجأ الوزير الأول ورئيس الجمهورية، الذي وافق على قرار التعويضات إلى التحايل على القانون، بمرسوم حرصا على إبقائه سريا؟ ولماذا نصح وزير الداخلية بالتعويضات، كما جاء في نص المرسوم، وهو قاضي ويعلم أن القانون يمنعه؟ لماذا ارتكبت عصبة الرئيس هذا التجاوز مع أنها ليست بحاجة إليه، طالما أن الموالين لبوتفليقة ظلوا يرددون خلال أيام الحملة الانتخابية، بأن مرشحهم فائز لا محالة على أساس أن الشعب يحبه؟ وتتكفل المادة 6 من المرسوم بالتعويضات، فتقول أن رئيس اللجنة الوطنية يحصل على 37.5 ألف دينار يوميا، فيما يتلقى أعضاؤها الخمسة 33 ألف دينار يوميا. ويأمر المرسوم بصرف 6 آلاف دينار يوميا لرئيس اللجنة الولائية، و5 آلاف دينار لأعضائها. أما رئيس اللجنة البلدية فيستفيد من 3 آلاف دينار يوميا بينما يأخذ أعضاؤها ألفي دينار. وقد نفى فاتح بوطبيق، رئيس اللجنة الوطنية، وممثل المترشح عبد العزيز بلعيد، أن يكون تلقى هو أو أي عضو في اللجنة أموالا بعنوان التعويض. وقال ل«الخبر”، في وقت سابق إن الأمر يتعلق “ربما بمصاريف مهمة”! وحتى هذه، يعلم بوطبيق المحامي والموثق، أنها ممنوعة قانونا. ومارست وزارة الداخلية كذبا مفضوحا، عندما سرّبت في مارس الماضي، بيانا للصحف العمومية (لم ينشر في وكالة الأنباء الجزائرية)، جاء فيه أن القضية وما فيها أن السلطات “أرادت أن تمكن أعضاء هذه اللجنة، بمناسبة قيامهم بالمهام الموكلة لهم، لاسيما التنقلات، من تجنب أي صعوبات من حيث الإيواء أو الإطعام”. وبذلك تم إعفاء الإدارة من التكفل بذلك وفضّلت أن تمنحهم مصاريف بشكل مباشر، وهذا ما جعل بوطبيق يتحدث عن “نفقات مهمة”!