قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، ناصر جابي، إن عناصر ”توليفة الحكم الجديدة” تمكنوا أن ”يفرضوا رئيسهم العاجز على النخب المنافسة وعلى الشعب”، وتمهد نتائج الانتخابات، وفقه، ل”ميزان قوى سياسي جديد قد يجعل هذا التحالف يفكر في العودة إلى فكرة التوريث التي سكت عنها بعد 2011”. ربط المحلل السياسي ناصر جابي بشكل متقارب جدا بين معالم الرئاسيات الأخيرة وبين مشروع التوريث، معطيا تصورا بأن الانتخابات الرئاسية الحالية نزعت كثيرا من الألغام من طريق هذا المشروع، وذكر جابي في مساهمة يقول: ”صورة الرئيس تحت الأضواء وهو يقوم بأداء واجبه الانتحابي، على كرسي متحرك، مع أفراد عائلته، توحي بأن ميزان القوى السياسي الجديد هذا لن يتوقف عند نقطة الانتخابات..فما هي إلا البداية التي قد توصلنا إلى التوريث وأشياء أخرى من وحي الثقافة السياسية لحكامنا”. ويحلل جابي محطات من الانتخابات الأخيرة، ويصل في النهاية إلى قناعة بأن النخب الحاكمة لم تعد تطيق العملية الانتخابية من الأصل، وأنها مجبرة على العمل بها فقط لإقناع الخارج: ”الانتخابات الرئاسية لم تتحول إلى آلية مقبولة داخل النظام السياسي الجزائري حتى الآن وتسببت في صداع كبير له كل خمس سنوات” والسبب ”لأنها مرتبطة جزئيا بالجانب الدولي الذي يجب إقناعه بنوع من الشرعية التي يجب أن تضفى على رئيس النظام، وهي نفس الشرعية المطلوبة جزئيا أمام جزء من المواطنين وليس كلهم”. ويلفت ناصر جابي إلى تحول مهم في معطى الانتخابات بشكل يتحول من سيئ إلى أسوأ، على أساس أن ”التجربة التاريخية تقول إن التوافق على الرئيس يتم بين مجموعات صغيرة من أصحاب القرار العسكري والسياسي، ليتم فرضه على المواطن بعد ذلك عن طريق انتخابات، أما الجديد هذه السنة أن الرئيس مريض بل عاجز وأن التوافق بين أصحاب القرار ليس أكيدا وأن هناك ساحة إعلامية جديدة”، ويلاحظ جابي أن ”بوتفليقة، حتى وهو مريض وعاجز، قد استطاع أن يفرض إرادته على الكل عن طريق توليفة من الميكانيزمات”. و مصدر قوة الرئيس الفائز بعهدة جديدة ”حكومة موالية ونخب حزبية وجمعوية حاضرة والكثير من المال العام والخاص، وجزء مهم من الساحة الإعلامية الجديدة على رأسها القنوات الخاصة الجديدة”، والأهم من كل ذلك ”ابتعاد كلي عن القانون والشكليات التي لا طائل من ورائها، كاحترام مؤسسات الدولة أو الرأي العام أو القانون”. ويصف هذه التوليفة بأنها ”رجال قليلون لكنهم فعالون”، وبما أنهم تجاوزوا هذه الرئاسيات فإن أحدا لن يقف في طريقهم، يقول ”لقد كانوا خائفين هذه المرة من نتائج الانتخابات، بل مرعوبين، ما جعلهم لا يتورعون أمام أي إجراء مهما كان”. وأدى هذا الوضع بجماعة الرئيس إلى ممارسة الابتزاز الخارجي (إسبانيا) وفي الداخل بلغ ”مستويات غير مسبوقة مع المواطن البسيط الذي خير بين الفوضى وعدم الاستقرار أو بوتفليقة”، موضحا أن ما يهم في هذا الموضوع قد لا يكون الانتخابات التي زورت، كما كان متوقعا وانتهى أمرها. المهم قد ”يكون ميزان القوى السياسي... ليس بين النخب الرسمية وداخلها وبينها وبين والمعارضة فقط، بل بين هذه النخب الحاكمة الجديدة التي سيطرت على المال والسياسة والإعلام”.