كأس العالم في طبعتها السادسة نظمت في السويد من 8 إلى 29 جوان 1958، وتم اختيار هذه الدولة في جوان 1954 من قبل الفيفا في مدينة برن السويسرية. وتنافس 46 بلدا في التصفيات المؤهلة لهذه الدورة التي شارك في نهائياتها 16 منتخبا يمثلون أوروبا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية. عرفت هذه الدورة الكثير من الأحداث التاريخية المهمة الخالدة أهمها على الإطلاق التغطية التلفزيونية لهذا الحدث العالمي لأول مرة في التاريخ ومتابعته على الشاشة من قبل مئات الآلاف من الأوروبيين دون سكان دول أوروبا الشرقية التي لم تكن تمتلك أجهزة ملائمة للاستقبال، وشارك في الدورة أيضا لأول مرة في التاريخ منتخب الاتحاد السوفيتي الذي كان يضم آنذاك 15 جمهورية من أوروبا الشرقية وضم في صفوفه كثير من اللاعبين المتألقين، لكنه لم ينجح في الوصول إلى الأدوار النهائية. وعرفت الدورة أيضا مشاركة جميع بلدان الجزر البريطانية الأربعة وهي: انكلترا وايرلندا الشمالية وبلاد الغال واسكتلندا، والأكثر من ذلك كله قيام المنتخب المتوج في الدورة البرازيل بتحضيرات مكثفة للغاية دامت لأكثر من 3 أشهر، وقدم منتخب ”السامبا” إلى السويد وفي عارضته الفنية طبيب نفسي مهمته الرفع من معنويات اللاعبين، وإضافة إلى هذا كله فإن مدرب المنتخب البرازيلي فينستي فيولا انتهج لأول مرة في تاريخ الكرة الخطة التكتيكية الجديدة 4/4/2 في مبارياته الست بالدورة. البرازيل تظفر بأول مونديال في تاريخها الكروي أحدثت ”الفيفا” في دورة السويد سنة 1958 تغييرا في نظام المنافسة من خلال تقسيم المنتخبات المتأهلة إلى 4 مجموعات، كل مجموعة تضم 4 منتخبات، وصاحبا المرتبة الأولى والثانية يصعدان إلى الدور ربع النهائي، وفي حال تساوي فريقين في المركز الثاني والثالث تتم إقامة مباراة فاصلة لتحديد هوية الفريق الصاعد، ووضعت ”الفيفا” تصنيف المجموعات من خلال تكوين كل مجموعة منتخب من أوروبا الغربية وآخر من أوروبا الشرقية ومنتخب من أمريكا الجنوبية والشمالية ومنتخب من إحدى الجزر البريطانية، وهو التصنيف الذي كان بمثابة ”الكارثة” على المنتخب الإنكليزي الذي وجد نفسه في مجموعة تضم كلا من البرازيل والاتحاد السوفيتي والنمسا، وهو ما جعله يقصى من الدور الأول بعد هزيمته في المباراة الفاصلة أمام الاتحاد السوفيتي بنتيجة هدف مقابل صفر.ولم يشهد الدور الأول أي مفاجآت كبيرة من خلال تأهل المنتخبات القوية في صورة البرازيلوالسويد البلد المنظم وفرنساوألمانيا الغربية، ونفس الشيء حصل في الدور الثاني بعد نجاح منتخب ”السامبا” في تخطي عقبة بلاد الغال في الدور ربع النهائي، وأقصت فرنساايرلندا الشمالية، وفوز السويد على حساب الاتحاد السوفيتي، وواصلت ألمانيا الغربية بدورها الدفاع عن مشوارها بالفوز على يوغسلافيا. الدور النصف النهائي شهد مباراتين كبيرتين، فالسويد استطاعت الوصول إلى النهائي بعد فوزها الصعب على ألمانيا الغربية بنتيجة 3-0، وفي المقابلة الثانية تفوق الجوهرة السوداء بيليه في صراعه مع الهداف الفرنسي جوست فونتين وفازت البرازيل بنتيجة 5-2 مع توقيع بيليه 3 أهداف كاملة، وبدوره سجل المهاجم الفرنسي فونتين 4 أهداف كاملة في المباراة الترتيبية أمام ألمانيا الغربية التي انتهت لصالح منتخب الديكة بنتيجة 6-3. المباراة النهائية جرت في ملعب ”رازوندا” وكانت انتقامية بالنسبة للمنتخب البرازيلي نظرا لما حدث له في دورة 1950، وارتدى لاعبوه قمصانا باللون الأزرق وليس الأصفر المعتاد لتشابهه مع اللون الرسمي للمنتخب السويدي، وكانت بدايتها مؤلمة بالنسبة لرفقاء بيليه بعد تلقيهم هدفا أول من السويد من قبل المهاجم ليدهولم بعد مرور 4 دقائق فقط من بداية اللقاء، ولكن هذا الهدف كان كافيا لرفع حماسة المنتخب البرازيلي بعد نجاح المهاجم فافا في تعديل النتيجة بعد تمريرة ذكية من زميله غارينشا، ويعود نفس اللاعب في تمام الدقيقة الثلاثين كي يسجل الهدف الثاني لمنتخب بلاده وتنتهي المرحلة الأولى من اللقاء بتقدم منتخب ”السيليساو” بنتيجة 2-1. الشوط الثاني كان شوط بيليه بامتياز بعد استطاعته تسجيل الهدف الثالث لمنتخب بلاده بعد مرور 10 دقائق من انطلاقة اللقاء في أحد أجمل أهداف كأس العالم على مدار التاريخ، حيث استقبل الكرة بالصدر ودار بها 180 درجة متخلصا من المدافع ويسدد كرة صاروخية مباشرة في مرمى السويد، ولم يتوقف الضغط البرازيلي عند هذا الحد بعد نجاح زاڤالو في تسجيل الهدف الرابع، قبل تقليص سيمونسن النتيجة لصالح السويد، ولكن الكلمة الأخيرة كانت للاعب الشاب بيليه الذي لم يبلغ من العمر عند تنظيم الدورة 18 سنة، ليسجل الهدف الخامس في الأنفاس الأخيرة للمباراة، ليعلن بعدها فوز بلاده لأول مرة في تاريخها بلقب كأس العالم وأول منتخب باللقب العالمي بعيدا عن قارته. كثير من الطرائف والغرائب في مونديال السويد 58 شهد مونديال 1958 بالسويد الكثير من الحوادث الغريبة والطريفة لبعض المنتخبات المشاركة، وسنحاول تلخيص أهمها في نقاط: تعمد بعض المنتخبات العربية ومنها السودان إلى الانسحاب من التصفيات المؤهلة لهذا العرس العالمي بسبب ملاقاة منتخب الكيان الصهيوني ”إسرائيل” تضامنا مع القضية الفلسطينية، ما سمح للمنتخب الإسرائيلي ببلوغ الأدوار المتقدمة وكان قاب قوسين أو أدنى من التأهل لأول مرة في التاريخ قبل الاصطدام بمنتخب بلاد الغال في المباراة الفاصلة ونجاح ممثل بريطانيا من ضمان تأشيرة التأهل. انطلق العرس العالمي في السويد بعد 6 أشهر عن الكارثة الجوية التي أدت إلى مقتل 33 شخصا بينهم 8 لاعبين في نادي مانشيستر، 3 منهم ينشطون في المنتخب الإنجليزي الأول. عانى الطاقم الفني للمنتخب السويدي كثيرا قبل انطلاق الموعد العالمي بخصوص تحديد القائمة النهائية للاعبين المعنيين بحمل ألوان المنتخب في العرس العالمي، حيث لم يستقر على خيار الاعتماد على اللاعبين الهواة في البطولة المحلية أو المحترفين في البطولات الأوروبية، وفي النهاية اختار المدرب السويدي المحترفين أسبوعين قبل انطلاق الموعد، وكان قراره صائبا بدليل وصول المنتخب إلى النهائي وانهزامه أمام البطل البرازيل. رفض منتخب البارغواي إجراء أي مباراة ودية استعدادية أمام منتخب أوروبي قبل انطلاق المونديال، والسبب في ذلك يعود إلى تخوف المدرب من كشف خطته التكتيكية وطريقة اللعب التي كان سيعتمد عليها في الدورة، ولكن المفاجأة التي حصلت هي تعرض الباراغواي في مباراتها الأولى أمام المنتخب الفرنسي إلى هزيمة مخزية جدا بنتيجة 7-3. أظهر المنتخب البرازيلي قوة كبيرة في الدورة ليس في خط هجومه فقط بل في صلابة دفاعه، بدليل أن هداف الدورة الفرنسي جاست فونتين كان هو السباق إلى التسجيل في مرمى منتخب ”السامبا” في النصف النهائي، وذلك بعد نجاح الحارس البرازيلي جيلمار في الحفاظ على نظافة شباكه طيلة 368 دقيقة، وتأخرت البرازيل في النتيجة مرة وحيدة طيلة الدورة، وذلك في مباراة النهائي أمام السويد، لكنها نجحت في العودة وأنهتها لصالحها بنتيجة 5-2. تأهل جميع منتخبات جزر بريطانيا إلى هذه الدورة وهي بلاد الغال ”ويلز” وايرلندا الشمالية لأول مرة في تاريخيهما إضافة إلى العملاقين انكلترا واسكتلندا، حيث وبالرغم من الحضور القوي لمنتخبات الجزيرة التي لا تغيب عنها الشمس على حسب قول الزعيم الهندي غاندي، غير أنه ولا منتخب نجح في التأهل إلى النصف النهائي من الدورة الذي شكله الرباعي: البرازيل – السويد – فرنسا – ألمانيا. نجم المنتخب الفرنسي ونادي ريال مدريد الإسباني ريمون كوبا كان يتلقى بشكل يومي اتصالات هاتفية من قبل رئيس النادي الملكي سانتياجو بيرنابيو الذي كان يشاهد مبارياته على شاشة التلفزيون، وكان يشجعه بصورة مستمرة مثله مثل باقي زملائه في نادي العاصمة الإسبانية مدريد. ميلاد النجم الساطع ”بيليه” عرف مونديال السويد سنة 1958 م ميلاد نجم عالمي كروي اسمه ”أدسون أرانتس دوناسمينتو” المشهور باسم ”بيليه” سيصنع التاريخ بفنياته وأهدافه الكثيرة ويكتب اسمه بأحرف من ذهب، حيث شارك في العرس العالمي لأول مرة في مسيرته الكروية وهو يبلغ من العمر 17 سنة برفقة منتخب بلاده البرازيل، وساهم بشكل فعال في نيل بلاده اللقب كأول منتخب يفوز بكأس العالم بعيدا عن قارته، وأولى مشاركته في التشكيلة الأساسية مع منتخب ”السامبا” في هذه الدورة كانت في لقاء الجولة الثالثة من الدور الأول أمام الاتحاد السوفيتي، وتمكن من خطف الأنظار بتسجيله هدفا في اللقاء جعله يحافظ على مكانته الأساسية بقرار من المدرب ”فينيستي فيولا” في لقاء الربع النهائي الذي جمع منتخب بلاده أمام منتخب بلاد الغال ”ويلز”، واستطاع أيضا تسجيل الهدف الوحيد في اللقاء، وقاد بلاده إلى المربع الذهبي أمام المنتخب الفرنسي، وفي تلك المباراة انفجرت طاقات اللاعب الشاب للنادي البرازيلي المشهور سانتوس بعد تسجيله لثلاثية كاملة ”هاتريك”، وقاد هذا الفتى ”السامبا” إلى النهائي أمام منتخب البلد المنظم السويد ونجح في الحفاظ على فعاليته الممتازة أمام مرمى المنافسين، وسجل ثنائية في موعد انتهى لصالح بلاده 5-2، واختير ”بيليه” في الدورة كأحسن لاعب ناشئ بالقوة والمهارة في الأداء وخطفه الأنظار من جميع زملائه في المنتخب البرازيلي في صورة المهاجمين الآخرين فافا وڤارينشا. ”رقم فونتين سيصعب بلوغه في الدورات المقبلة” قال اللاعب السابق للمنتخب الوطني عبد المجيد بن عراب إن دورة السويد سنة 1958 ستبقى خالدة في كرة القدم العالمية نظرا لكثير من الأحداث التاريخية التي عرفتها أهمها ظهور الجوهرة السوداء البرازيلي بيليه وتسجيل المهاجم الفرنسي جاست فونتين لثلاثة عشر هدفا كاملا في ست مباريات. وأضاف بن عراب الذي شارك في المباراة الودية للمنتخب الوطني أمام نظيره سانتوس البرازيلي في ملعب أحمد زبانة بوهران سنة 1968 في تصريحه ل ”الخبر”، أن دورة السويد عرفت تسجيل أهداف كثيرة في جميع المباريات، وهو ما جعل كرة القدم تحمل متعة وجمالية كبيرتين لاسيما مع الفنيات الكبيرة التي أظهرها كثير من اللاعبين في هذه الدورة يتقدمهم البرازيلي بيليه والفرنسي ريمون كوبا، وصرح ”دورة السويد ستبقى خالدة في تاريخ كأس العالم رغم أن المشاركة اقتصرت فقط على قارتي أوروبا وأمريكا دون آسيا وإفريقيا”، مضيفا ”أعتقد أن الرقم المحقق من قبل المهاجم الفرنسي جاست فونتين في عدد الأهداف المسجلة من جانبه سيصعب بلوغه في الدورات القادمة”. المنتخبات المشاركة في مونديال السويد 1958 أمريكا الشمالية: المكسيك. أمريكا الجنوبية: البرازيل–الأرجنتين –البارغواي. أوروبا: السويد–فرنسا–ألمانيا الغربية –النمسا –يوغسلافيا –الاتحاد السوفيتي –المجر –تشيكوسلوفاكيا –انكلترا –بلاد الغال –اسكتلندا –ايرلندا الشمالية. إحصائيات الدورة عدد المباريات: 35 عدد الأهداف: 126 متوسط الأهداف في كل مباراة: 3.6 هدف العدد الإجمالي للمشاهدين : 868000 متفرج متوسط المشاهدين في كل مباراة: 24800 متفرج هدافو البطولة جاست فونتين (فرنسا) 13 هدفا. بيليه (البرازيل) 6 أهداف. ران (ألمانيا الغربية) 5 أهداف. فافا (البرازيل) 5 أهداف. بيتر بارلاند (انكلترا) 5 أهداف. نتائج الدورة المجموعة الأولى ايرلندا الشمالية – تشيكوسلوفاكيا 1/0. ألمانيا الغربية – الأرجنتين 3/1. الأرجنتين – ايرلندا الشمالية 3/1. ألمانيا الغربية – تشيكوسلوفاكيا 2/2. ألمانيا الغربية – ايرلندا الشمالية 2/2. الأرجنتين – تشيكوسلوفاكيا 1/6. مباراة فاصلة ايرلندا الشمالية – تشيكوسلوفاكيا 2/1. المجموعة الثانية اسكتلندا – يوغسلافيا 1/1. فرنسا – البارغواي 7/3. البارغواي – اسكتلندا 3/2. يوغسلافيا – فرنسا 3/2 فرنسا – اسكتلندا 2/1. يوغسلافيا – البارغواي 3/3. المجموعة الثالثة السويد – المكسيك 3/1. المجر – بلاد الغال 1/1. المكسيك – بلاد الغال 1/1. السويد – المجر 2/1. المجر – المكسيك 4/0. السويد – بلاد الغال 0/0. المجموعة الرابعة البرازيل – النمسا 3/0. الاتحاد السوفيتي – انكلترا 2/2. البرازيل – انكلترا 0/0. الاتحاد السوفيتي – النمسا 2/0. البرازيل – الاتحاد السوفيتي 2/0. النمسا – انكلترا 2/2. مباراة فاصلة الاتحاد السوفيتي – انكلترا 1/0. الدور ربع النهائي ألمانيا الغربية – يوغسلافيا 1/0. فرنسا – ايرلندا الشمالية 4/0. السويد – الاتحاد السوفيتي 2/0. البرازيل – بلاد الغال 1/0. الدور نصف النهائي البرازيل – فرنسا 5/2. السويد – ألمانيا الغربية 3/1. مباراة المركز الثالث فرنسا – ألمانيا الغربية 6/3. المباراة النهائية البرازيل – السويد 5/2.