انقسم المصريون إلى معسكرين انتخابيين: فريق يرى في فوز حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي المصري انتصارا للثورة المصرية، وآخر يرى في فوز وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي إنقاذا للدولة ومؤسساتها، خاصة في ظل الحرب التي دخلتها لمحاربة الإرهاب والتصدي للعمليات الانتحارية التي تطال العديد من المنشآت الحيوية والعسكرية. وبين مؤيد للسيسي وداعم لصباحي يقع الشارع المصري المنقسم، ولم يقتصر انقسام المصريين على الشارع فقط بل امتد إلى المنازل، وبات الاختيار بين المنافسين في الرئاسيات محل جدل بين أفراد العائلة الواحدة، ويقول متابعون إن الغالبية العظمى من جمهور السيسي من كبار السن الذين يرون فيه الشخص المناسب لعودة الاستقرار والأمان للبلاد، وتمثل النساء الغالبية الساحقة من المؤيدين للمشير الذي طالما أشاد بهن في خطاباته، كما تقف شريحة كبيرة من رجال الأعمال بقوة خلفه أملا في عودة الهدوء إلى الشارع المصري، ما سينعكس بالإيجاب على أعمالهم واستثماراتهم. وفي المقابل، تلتف وراء حمدين صباحي فئة الشباب والعمال والفلاحين، وترى هذه الفئات أن وصول المشير إلى الحكم أكبر تأكيد على عودة دولة العسكر، وأن وصول صباحي تأكيد على مدنية الدولة، الشعار الذي رفعه الثوار أثناء ثورة 25 جانفي التي أطاحت ب30 سنة من نظام مبارك. وفي خضم هذه المعطيات، ظهرت أصوات أخرى تنادي بالمقاطعة وترى أن الرئاسيات القادمة تفتقد لأبسط شروط المنافسة الحقيقية، على غرار حركة 6 أفريل التي كانت وقود ثورة 25 جانفي، وكذا حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والبناء والتنمية، وتُشبِّه هذه الأحزاب الانتخابات بالاستفتاء على شخص السيسي، وطالبت منافسه صباحي بالانسحاب من “المسرحية الهزلية” إعلاءً لمبادئ وأهداف الثورة. لكن يبقى الرهان في مصر أن تبلغ نسبة الناخبين المشاركين في هذا الاستحقاق الانتخابي، تلك التي سجلتها الانتخابات الرئاسية الماضية التي فاز فيها الرئيس المعزول محمد مرسي، أو الاستفتاء على الدستور الجديد.