41 مليون دينار من زكاة الجزائريين لم تصل غزة تصريحاتي حول معابد اليهود فهمت خطأ يتحدث وزير الشؤون الدينية والأوقاف، الدكتور محمد عيسى، في هذا اللقاء الذي خص به جريدة ”الخبر” وقناة ”كي بي سي” عن المرجعية الدينية للجزائريين التي يعتبرها صمام الأمان بالنسبة لهم، تحميهم من كل فكر متطرف، ويكشف لأول مرة عن استحداث ديوان للأوقاف وآخر للزكاة، كما تطرق أيضا إلى قضية أموال الزكاة التي جمعها الجزائريون قبل أشهر، ويفتح بجرأة وصراحة ملف التنصير والتشيّع والشبكات الجهادية التي تجند الجزائريين في تنظيمات إقليمية عالمية. بداية، هناك حديث عن محاولة بعض الشبكات الإرهابية العالمية اختراق المساجد والمحيط المسجدي لتجنيد شباب جزائريين في الحركات الجهادية في الصراعات الإقليمية والدولية، هل سجلتم مثل هذه الحالات؟ ليس في المساجد وإنما في المحيط المسجدي، الأفكار المتطرفة تترصد المساجد وتحاول استغلال روادها لتجنيدهم في السوق العالمية للإرهاب، موقفنا هو الاحتياط والتحسيس، والحل هو تحصين الشباب بتعليمهم مرجعيتهم الدينية التي تعتبر صمام الأمان بالنسبة لهم. هلا أطلعتنا سيدي على هوية تلك الحركات الإرهابية العالمية؟ أنا محكوم بواجب التحفظ، لأن المعلومات التي أحوزها تتقاسمها معنا دوائر مختصة في معالجة هذه الظاهرة، ولكن دعني أقول لك إن الجزائريين جُندوا فعلا في النهر البارد في لبنان وفي العراق والآن يجندون في تنظيم داعش في العراق والشام، وكما قلت مُقاومتها تكون عبر تحصين الشباب وتوعيتهم فكريا. كيف تتعامل الوزارة مع الأئمة ممن يحملون خطابا مُتطرفا؟ الإمام تختاره الوزارة إما أنها كونته أو أن يكون تخرج من الجامعة ووظفته الوزارة، أو أنه متطوع وخضع للمساءلة، وقوة الإمام الجزائري في كونه حرا في تحرير خطبه، لا تفرض عليه رقابة قبلية وإنما بعدية، وإذا حرر خطابا متطرفا يتدخل جهاز التفتيش الذي يتحقق من المعلومة التي ترد إليه عادة من رسالة المواطن أو مقال أو تقرير جهاز الأمن، فتتم إحالته إلى المجلس العلمي وبعدها يحال على المجلس التأديبي الذي يصنف درجة الخطأ الذي يمكن أن يصل إلى الدرجة الرابعة فيفصل الإمام، وإذا تبين أن له انتماء عضويا في هذه الجماعات يحال على العدالة. هل تعتبرون أن التيار السلفي في الجزائر يشوش على الوزارة الرسمية، خاصة وأنه يطلق فتاوى تخالف تلك المعتمدة رسميا، مثل الشيخ الدكتور محمد علي فركوس؟ الشيخ محمد علي فركوس دكتور وأستاذ جامعي زميل وأحترمه كثيرا، هو لا يهدف إلى التشويش وإنما هي مواقفه منذ زمن، أدعوه لأن يتقرب من الوزارة، وإن لم يفعل سأبادر بذلك، ونحن سنعمل على التحاور والتقارب في الأفكار معه ومع السلفية وغيرها، لأننا بالحوار فقط نستطيع الوصول إلى حلول لمشاكلنا. يقول البعض إن المصليات في بعض المؤسسات وخاصة الإقامات الجامعية تحولت إلى مساحة لنشر أفكار متطرفة، هل لديكم استراتيجية لفرض الرقابة الفكرية عليها؟ المصليات تقع تحت مسؤولية الوزارة الوصية عن المؤسسة التي توجد فيها، صحيح أن هذه المساحة تستغل، هناك تياران يريدان اختراقها، التشييع والتكفير. ليس لنا موقف ضد الشيعة، ولكن الخطير أن يكون مصدرها بعض حركات التشيع التي لها خلفية استخباراتية سياسية وتحاول أن تخلق صراعا على أرض الجزائر مع السلفية. أما حركة التكفير فمصدرها استخباراتي عالمي يمكن أن تكون صهيونية عالمية، ولهذا نطلب من القطاعات المعنية كوزارة التعليم العالي مثلا أن تفتح معنا النقاش حول الأئمة الذين تعتمدهم فيها. هناك أيضا حملة للتنصير في الجزائر، هل لديكم معلومات وأرقام حول معتنقي المسيحية؟ بلغ عددهم 13 متنصرا خلال ستة أشهر الماضية، ولكن حملة التنصير ضد المجتمع بدأت تتقلص شيئا فشيئا، الدولة تعرف أسماءهم وعناوينهم وأن اعتناقهم للمسيحية غير حقيقي، أغلبهم مسكونون بروح المعارضة، لكن أقول لهم إن التعبير عن معارضة النظام يجب أن يبتعد عن الدين، فلا التنصر المصطنع ولا الإفطار العلني في رمضان سيضر النظام في شيء، وإنما يؤذي الجزائريين فقط ويشوش عليهم فقط. حكم البعض على تصريحكم بشأن إعادة فتح معابد اليهود والنصارى بأنه مقدمة للتطبيع مع إسرائيل، ما تعليقكم؟ أقول إن تصريحاتي في هذا الشأن حُورت وأُسيء فهمها، واستغلت استغلالا سياسويا مقيتا، ما قلته هو تذكير بمبادئ الجمهورية ودستورها الذي يتيح فتح هذه المعابد إذا توفرت الشروط الأمنية، لقد قلت لممثل اليهود في الجزائر: ”إذا أردتم أن يقبلكم الجزائريون ارفعوا نداء ضد ما يحصل للفلسطينيين في غزة، وافصلوا أنفسكم عن التيار الصهيوني”، ولم يحدث هذا بعد، ثم إن فتح معبد يعني الإعلان عن الهوية، ويهود الجزائر يرفضون الخروج إلى العلن. أما موقف الجزائر فهو مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، ولا يمكن أن نطبع مع إسرائيل، وهذا ما كلف الجزائر تذيل ترتيب النجاعة والعلم، لأننا رفضنا الضغط العالمي الذي يريدنا أن نعترف بدولة إسرائيل. لا تزال غرداية تشهد مواجهات وصراعات حتى أن الأسبوع الماضي سجل فيه مقتل ضحية أخرى وسط الميزابيين، وهذا بالرغم من الإنزال الحكومي في المنطقة خلال الأشهر الماضية، هل عجزت الحكومة عن إيجاد حلول ناجعة؟ دعني أكون معك صريحا، وأخرج من واجب التحفظات الرسمية لأقول الحقيقة، الحل في غرداية ليس على مستوى الوفود الرسمية، وإنما على مستوى المواطن البسيط، المجتمع سيصل إلى حل بالمرافقة وليس بالبيانات والتصريحات ولا استعراض القوة، فالمذهب ليس هوية ولا دينا وإنما وسيلة إلى التدين، الإباضية مصدرها الكتاب والسنة وحتى في الاجتهاد لا تختلف كثيرا عن المالكية، وتتدخل الوزارة في منع الاستغلال السياسوي والتوظيف الديني للقضية، خاصة وأن هناك أشخاصا يوزعون مطويات ويكتبون عبارات تعطي صبغة دينية للصراع والاجتماع العادي الذي يحصل في أي حيين وبين أي عرشين، والجزائريون تبرعوا بمليار سنتيم إلى فقراء غرداية، وأذن الوزير الأول عبد المالك سلال مؤخرا بمنح مليار أخرى قبل عيد الفطر، كما أن سياسية الدولة في حل الأزمة مضاعفة الجهد الأمني وتمكين العدالة من متابعة الوضع. وُجهت انتقادات لمصالح وزارة الشؤون الدينية بخصوص تسيير الأملاك الوقفية، فرغم أن الجزائر تعتبر من أولى البلدان الإسلامية التي قننت العملية، إلا أن الكثير من هذه الأملاك لم تسترجع، ومردود تلك المسترجعة يبقى قليلا، هل لديكم إستراتيجية جديدة لتنظيم العملية؟ أجل، أولا أحصينا جزءا كبيرا من هذه الأوقاف، حيث أن الكثير منها تستغله الإدارات والمؤسسات العمومية وحتى الأشخاص الطبيعيين، سنثبت أنها أوقاف أولا، ثم نحول وصايتها إلى الأوقاف، وسنتدارك التأخر الذي وقع في منظومة الأوقاف عبر مشروع حضرناه وهو استحداث ديوان وطني خاص بالأوقاف، وإصلاح شامل لهذه المنظومة، من ذلك رفع إيجار المحلات أو الشقق التي تدخل في إطار الأوقاف، وسنوكل مهمة الإحصاء إلى مكتب دراسة مُختص، لأن أغلب الأوقاف مسجل في الدولة العثمانية وهذا المكتب يجب أن يكون قادرا على قراءة الوثيقة العثمانية. يعني أن إيجار أي محل أو شقة أو مؤسسة تدخل في إطار الأوقاف سيرتفع ليتماشى مع أسعار السوق؟ هذا تصوري لإصلاح منظومة الأوقاف، لا يمكن أن يدفع مستغل هذا الوقف مبلغا باهظا إذا كان تحت وصاية الخواص ويدفع مبلغا زهيدا إذا كان وقفا لله. البعض يتخوف من إمكانية مصادرة هذه الأوقاف من طرف مصالحكم مباشرة بعد عملية جردها، هل سيحدث هذا؟ هذا لن يحدث، ستنقل الوصاية فقط من المؤسسة التي كانت تستغلها إلى الديوان الوطني للأوقاف الذي سيتم استحداثه، بدل الصندوق الوطني للأوقاف. وهل ستستغلون عائدات هذه الأوقاف في الاستثمارات؟ انطلقنا في استثمار حوالي 23 مليار سنتيم من مجموع 100 مليار سنتيم، لكن الاستثمار أثره بطيء في المجتمع، ولهذا فإننا قررنا تحويل وصاية القروض الحسنة (المسترجعة والمضمونة) إلى هذا الديوان، لأنه الأقدر على تقديم هذه الخدمة للشباب الذي يسعى لفتح مؤسسة مصغرة. وهل يحتاج تأطير الزكاة أيضا إلى ديوان خاص؟ هذا مشروع أيضا ندرسه، المشروع على مستوى الوزارة حاليا، وصندوق الزكاة في الجزائر لا تسيره الدولة، وإنما المزكون أنفسهم، وتضمن الدولة أن لا تتجه هذه الأموال إلى غير وجهتها، ولاحظنا أن المجتمع أصبح يثق أكثر في صندوق الزكاة الذي ارتفعت عائداته، ولهذا فإننا عندما لجأنا إلى المجلس العلمي نصحنا بتجميد القرض الحسن، وستصب تلك الأموال في فائدة الفقراء مباشرة، وترتفع من 5 آلاف دينار إلى 25 ألف دينار مثلا، ومن صبها 3 مرات في السنة يمكن أن نمنحها كل شهرين، ريثما نهتدي إلى طريقة جديدة في استثمار أموال الزكاة. وقع جدل حول موعد وكيفية إخراج زكاة الفطر، حيث دعت جهات لأن تسلم الزكاة مؤونة وليس قوتا، ويكون ذلك صبيحة العيد وليس قبلا، ما رأيكم؟ الفتوى التي تعتمدها الجزائر مبنية على الاجتهاد وليست مذهبية، هي رأي عمر بن عبد العزيز والإمام البخاري والإمام احمد ابن تيمية، حيث يجب أن نمنح الفقير ما هو أنفع له، صحيح أن هناك من يريد أن يسفه هذا الاختيار، ولكن ماذا يفعل فقير من باب الواد عندما تعطيه 50 كيلو من الأرز؟ هل يحقق بها قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ”أغنوهم عن السؤال يوم العيد؟” اكتنف موضوع الزكاة الموجهة إلى فلسطين غموض حول وجهتها، خاصة تلك التي جمعت لترميم المساجد في غزة، هل من توضيح حول هذه النقطة؟ أقول إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نشك في الإمام الذي استأمناه على الصلاة بنا! ونتهمه بأخذ أموال غزة وتحويلها لصالحه. إن أموال تبرعات الجزائريينلغزة سنة 2010 جمعت كلها وهو مبلغ قدر ب2 مليون دولار، وأعطي صك باستلام رسمي لنا نسخة منها إلى الهلال الأحمر الجزائري، والذي حول المبلغ كاملا إلى الهلال الأحمر الفلسطيني، والتقينا بمسؤول الهلال الفلسطيني، وامتن وزير الشؤون الدينية في الضفة الغربية للجزائريين وطمأنهم أن أموالهم وصلت إلى أهل غزة، صحيح لم يبنوا بها المساجد، لكنها وصلت إلى الهلال الأحمر الفلسطيني واستفاد منها الفلسطينيون بغض النظر عن كونهم من غزة أو غير غزة. وماذا عن أموال الزكاة المحصلة سنة 2012؟ جمعت الأموال في ثلاث ولايات رئيسية، في العاصمة جمع مبلغ قدر ب41.6 مليون دينار، وهو مبلغ لم يصل إلى غزة ولكن لم يتم التصرف فيه، ولم يصرف ولم يحول وهو في مكانه، وموجود حاليا في حساب مؤسسة المسجد لمديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر. أما في ولاية وهران فلم تنجح المبادرة لأن المدير لم يحظ بموافقة الإدارة المحلية لجمع المبلغ. وفي قسنطينة جمع الأئمة مبلغ 23.6 مليون دينار، وحولت الأموال مباشرة في حساب جمعية العلماء المسلمين التي كانت مخولة رسميا بأن تنقل الأموال إلى غزة، ولم نسأل الجمعية أين اتجهت هذه الأموال. هل تفكرون في اعتماد حصة ”الحجاج الأحرار” التي ألغيت قبل أكثر من عشر سنوات؟ الدولة منعت الحج الحر حتى تجنب الجزائريين الإهانة وافتراش الأرض والإقامة تحت الجسور، ولكن ما سنفعله هو التخلص تدريجيا من عدد من الحجاج لحساب الوكالات السياحية الخاصة، حاليا الديوان يتكفل ب18 ألف حاج، فيما يقسم الباقي بين الوكالات العمومية والخاصة، وهدفنا مستقبلا أن نسمح للحاج الذي يريد أن يحج حرا اختيار وكالة تتكفل بحوالي 50 حاجا من مؤسسة أو حي واحد، ولكن يفرض عليهم الانتظام، مثلما هو معمول في دول أخرى تتكفل فيها الوكالة الواحدة بالمهندسين وأخرى بالأطباء وهكذا. خرج المجلس العلمي المنعقد في غرداية بقرار تحسيس المسنين والمرضى والأرامل بعدم التنقل إلى البقاع المقدسة لتفادي الإصابة بمرض ”كورونا”، هل ستمكنون الحجاج الذين سيلغون حجهم من جوازات السنة المقبلة أو سيخضعون إلى القرعة مرة أخرى؟ أنت تعطيني فكرة طيبة جدا، هذا لم يكن محتاطا له، لأن نداءنا لم يكن إداريا، لأن الوزارة لم تلزم أحدا بل كان نداء أخلاقيا، ولكن أعدك أن أحيل هذا الملف على الديوان لدراسته هذه الإمكانية. تسجل سنويا تجاوزات خلال عملية الحج، كيف ستتابع الوزارة الوصية العملية؟ ما سنفعله هذه السنة هو أن نمكن الديوان الوطني للحج والعمرة من كل صلاحياته في التنظيم والتأطير، ونكتفي بالرقابة البعدية المالية والإدارية، إضافة إلى تقارير لجنة المتابعة في الميدان، كما سنكون في الاستماع إلى شكاوى المواطنين عبر استقبالها كتابيا، وبعدها سنقيم الموسم، فإذا كان ناجحا نعيد التجربة.