"لن نوزّع على التلاميذ كتبا ولا منحا ولا وصل التسجيلات قرّر أكثر من 16 ألف موظف في المصالح الاقتصادية، عبر الوطن، شلّ جميع النشاطات المحاسبية على مستوى المؤسسات التربوية، ابتداء من 08 سبتمبر المقبل، لمدة ثلاثة أيام، وهو ما سيعرقل عمليات تسجيل التلاميذ وتوزيع المنح الخاصة والكتب المدرسية، الأمر الذي سيضع وزارة التربية في مأزق حقيقي، خاصة بعد فشل نورية بن غبريط، أمس، في إقناع شركائها الاجتماعيين بضمان دخول هادئ، حيث أجمعت النقابات على أن الوزيرة لم تفصل في أهم الملفات وتبنّت سياسة الهروب إلى الوراء التي كانت وراء هزات عصفت باستقرار القطاع. أكدت نقابات التربية، أمس، استياءها من الردود المكتوبة التي سلمت لها خلال اللقاءات الثنائية التي جمعت ممثليها بوزيرة التربية، نورية بن غبريط، في حضور مسؤولين من القطاع. وقال المكلف بالإعلام على مستوى المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، مسعود بوديبة، بأن إجابات وزيرة التربية لم ترتق إلى مستوى المطالب المرفوعة باعتبارها لم تتضمن قرارات واضحة، وتفتقد إلى الصفة الإلزامية مادامت الوزيرة لم تحدد رزنامة زمنية لتجسيد بعض الالتزامات، على غرار مسابقات الترقية في الرتب المستحدثة. وقال بوديبة إن اللقاء الذي دام ساعة ونصف ساعة تضمن إجابات تحمل الكثير من المغالطات، كما أن الوزيرة ”تهرّبت” من تعهداتها السابقة بالنسبة للعديد من الملفات، كالمناصب العليا للأستاذ المنسق، تماما مثلما حصل مع ملف الأساتذة الذين شاركوا في مسابقات توظيف 2012 و2013 وتم إقصاؤهم، ”فالوزيرة لم تعترف بخطأ الإدارة، وبدل معاقبتها ضحت بالأستاذ المترشح الناجح..”. كما أن الوزيرة، يضيف، أسقطت من لائحة مطالب ”الكناباست” ملفات عديدة وهامة، تتعلق بطب العمل والسكن والخدمات الاجتماعية، مادام الاجتماع لم يتطرق لها والرد الكتابي لم يشر إليها، مشيرا، في الإطار نفسه، إلى أنها وفي إجابتها المكتوبة اعتمدت مبدأ ”التسويف”، بمعنى أنها لم تحدد آجالا لمعالجة الملفات، ويؤكد ذلك، يقول بوديبة، بأن وزارة التربية لازالت تعتمد نفس سياسة الهروب إلى الوراء، ”فهي لا تجد أي حرج في تقديم ردود هي في الحقيقة قديمة تضمنّتها محاضر سابقة بين الطرفين”. وبالنسبة لملف الآيلين للزوال، طالبت النقابة الوزير الأول بالتدخل المستعجل لمعالجة الاختلالات المتعلقة به لإنقاذ الدخول المدرسي، لأن لقاء الأمس لم يتطرق إلى أي حلول من شأنها الفصل فيه نهائيا. وبصفة عامة، عبّر المجلس عن استيائه من إصرار الوزارة على انتهاج سياسة كانت في السابق وراء احتجاجات وإضرابات هزّت القطاع، وقال بأن المكتب الوطني الذي اجتمع أمس سيستدعي المجلس الوطني للفصل في طريقة ”افتكاك الحقوق المشروعة..”. من جهته، أكد المكلف بالإعلام على مستوى اتحاد عمال التربية والتكوين بأن لقاء أمس لم يرق إلى تطلعات نقابته، باعتبار المحضر الكتابي الذي سلم إلى ممثليها أسقط مطلبا أساسيا يتعلق بالمتخرجين بعد 03 جوان 2012 ومن هم قيد التكوين، فوزارة التربية، يضيف محدثنا، التي تعهدت بترقيتهم للرتبة القاعدية وتسجيلهم على قوائم التأهيل لتحويلهم آليا إلى أساتذة رئيسيين، لم تفصل في مطلب ترقية من لهم 10 سنوات خبرة مهنية لرتبة أستاذ رئيسي ومن لهم 20 سنة لرتبة أستاذ مكون، على غرار زملائهم الذين تكونوا قبل 03 جوان 2012، ”وبهذا يتم حل المشكل بصفة نهائية وجذرية، لأن عدم معالجته يعد بؤرة توتر في القطاع.. نحن نريد حلولا لا أنصاف حلول..”. أما النقطة التي تضمنت ”إيجابية” في ردود الوزيرة فتخص الرتب الآيلة للزوال من غير أسلاك التدريس، ويتعلق الأمر بمساعدي التربية الرئيسيين صنف 08 والمخبريين بجميع تصنيفاتهم ومساعدي المصالح الاقتصادية ومستشاري التوجيه المدرسي والمهني، حيث تقرر ترقيتهم عن طريق التسجيل على قوائم التأهيل بالتحويل الآلي للترقية في الرتبة الأعلى لكل من له خبرة 10 سنوات، علما أن هذه العملية مدرجة منذ شهر. وبالنسبة للذين تم ترقيتهم بين إدماجي 2008 و2012، وبعد أن قدّم الاتحاد عينات من 09 ولايات للوظيفة العمومية، أكدت الوزارة، حسب عمراوي، أنها ستقوم بإحصاء المعنيين لتسوية وضعيتهم بعد الموافقة المبدئية للوظيفة العمومية لاستفادتهم من عمليات الإدماج في الرتب المستحدثة بناء على محاضر الاتفاق. وأعلنت بأن مصالح هذه الأخيرة وافقت على إدراج مستشاري التربية المشاركين في مسابقة مديري المتوسطات، والذين التحقوا بالتكوين ولم ينهوه، في مخطط التكوين لسنة 2015، والتزمت الوزيرة أيضا بإلحاق الأساتذة المكلفين بالتدريس في اللغة الأمازيغية في ولاية باتنة بحجرات التدريس ابتداء من اليوم الأول للدخول المدرسي وترسيمهم في المادة خلال هذه السنة الدراسية. كما أعلنت عن الموافقة المبدئية من وزارة المالية باستحداث منحة خاصة للمؤطرين في انتظار تجسيدها بمرسوم. وقرر ”اينباف” عقد دورة للمجلس الوطني لتقييم محضر الوزارة، وقال بأنه تم الاتفاق على تنظيم لقاء آخر لاستدراك ما سقط من الرد الكتابي للوصاية، مباشرة بعد الدخول المدرسي، كشرط أساسي لضمان عودة هادئة. وفي انتظار ذلك، فصلت لجنة موظفي المصالح الاقتصادية التابعة للاتحاد في موعد إضرابها الوطني، حيث قررت وقف جميع العمليات المحاسبية ابتداء من 08 سبتمبر ولمدة ثلاثة أيام، بعد أن أجّلت الوزيرة البت في ملفها إلى غاية شهر أكتوبر. وبذلك، فإن جميع عمليات تسجيل التلاميذ وتوزيع المنحة الخاصة والكتب المدرسية ستتوقف، ما سيضع الوزيرة أمام مشكل حقيقي يؤدي إلى تأخر انطلاق الموسم الدراسي. من جهتها، قررت نقابة أساتذة التعليم الثانوي والتقني ”سناباست” استئناف حركاتها الاحتجاجية بداية من الدخول المدرسي، ما لم تعجل الحكومة بمعالجة ملف منح وتعويضات الجنوب، الذي لم يجد الحل النهائي لدى وزيرة التربية، بحجة أن ميزانية الدولة لا تسمح ”ونحن لا نطالب إلا بتطبيق القانون الذي ينص على احتساب المنح على أساس أجر قاعدي واحد..”. وقال رئيس النقابة، مزيان مريان، بأن تنظيمه افتك مطلبين هامين يتعلق الأول بعدم تحويل المناصب المحررة من الولايات، إضافة إلى تمكين الأستاذ الرئيسي من المشاركة في مسابقة مدير الثانوية والمفتش، وتقرر بناء على اللقاء ”الذي لم يخرج بنتائج ترقى إلى مطالب النقابة”، عقد مجلس وطني للفصل في موقف نهائي، بناء على ما سيحمله الدخول المدرسي من ردود بخصوص الملفات العالقة، حيث لم يستبعد مريان استئناف الحركات الاحتجاجية لافتكاك المطالب الشرعية.