"لا عقود عمل دائمة ولا قروض استهلاكية ولا تعويضات في قانون العمل الجديد" كشفت المركزية النقابية، أمس، أن إلغاء المادة 87 مكرر ستترتب عنها آثار مالية بقيمة 2400 مليار سنتيم في ثلاثين قطاعا عموميا، وشددت بالمقابل رفضها مشروع قانون العمل الجديد، كونه “ردعيا” و”استعباديا”. اتهمت فيدراليات اتحاد العمال الجزائريين الحكومة بالتحيز للباترونا، مادام أن 50 بالمائة من مضمون المشروع تخدم أرباب العمل على حساب العامل، من خلال عودة العقود غير الدائمة ومنع النقابيين من المشاركة في لجان المساهمة أو التصويت في مجلس الإدارة. اجتمعت، أمس، الفيدراليات والاتحاديات التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين بمقر المركزية النقابية، وهو اللقاء الخامس والأخير، ويدخل في إطار النقاش الوطني الخاص بمشروع قانون العمل الجديد، وإلغاء المادة 87 مكرر. وأجمع الأمناء العامون للفيدراليات الثلاثين على أن إلغاء هذه المادة ليس سوى مجرد محاولة من الحكومة التستر على “الكوارث” التي تضمنها المشروع التمهيدي، باعتباره ظل مطلبا عماليا ونقابيا، والإعلان الرسمي عنه هو مكسب كبير سيستفيد منه أكبر عدد من موظفي القطاع العمومي الاقتصادي، ليتضح بعد الإعلان عنه بأن الحكومة تخطط لقانون أكثر “مرارة” من المادة 87 مكرر في حد ذاتها، “فالمشروع الجديد يكرس استغلال العامل البسيط ويجرده من جميع حقوقه لصالح رب العمل”، وهو ما يترجمه قرار العودة إلى عقود التشغيل غير الدائمة، حيث ركز عليها النص، بما يوحي بأن المشرع يريد رفع جميع أشكال الحماية عن العامل داخل المؤسسة التي تشغله. فالعقد غير الدائم، بحسب عمار طاكجوت، رئيس فيدرالية عمال النسيج، يسقط جميع الحقوق التي تكرسها مختلف قوانين العمل، فلا يحق للعامل في هذه الحالة، يضيف، الانخراط في أي تنظيم نقابي، ما يجعله عرضة لجميع أنواع التعسف والمضايقات، كما يحرمه من القرض الاستهلاكي الذي تعتزم الحكومة إطلاقه العام المقبل، وأكثر من ذلك، فإنه يعطي لرب العمل “حق” التعسف” وانتهاج جميع ممارسات التضييق لطرد العامل دون أي تعويض مادي. وتضمن المشروع، بحسب نفس المتحدث، مقاربات خطيرة تهدد العمل النقابي وتتجه نحو تكريس هشاشة منظومة الشغل، وهو ما جاء على لسان عجابي، الأمين العام لفيدرالية عمال الموانئ، حيث قال إن السلطات تريد، من خلال المشروع، الاستحواذ على لجان المساهمة داخل الشركات والمؤسسات الاقتصادية، من خلال منع النقابيين من الترشح إليها، للانفراد بالقرارات المصيرية التي تهم العامل. وبحسب نفس المتحدث، فإن 50 بالمائة من مضمون الوثيقة جاء للتضييق على النشاط النقابي، وكسر التضامن العمالي، لفائدة أرباب العمل. الأمر الذي تبناه الأمين العام لفيدرالية عمال البترول، سيد علي بلجردي، الذي تساءل عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عودة العقود غير الدائمة، وإن كان قد أكد بأن ذلك يدخل في إطار التزامات الجزائر بالالتحاق بالعولمة، كونها وقعت على مختلف الاتفاقيات الدولية في مجال الشغل، إلا أنه شدد على أن الجزائر، اليوم، لا توجد في نفس الوضعية التي اضطرت دولا أخرى كإسبانيا واليونان، اللتين تعيشان أزمة اقتصادية خانقة إلى انتهاج نفس الممارسات. وقال نفس المتحدث إن الجزائر تحررت اليوم من جميع القيود والضغوطات المالية، وما على المشرع الذي وضع المشروع إلا التدقيق في النتائج “الوخيمة” التي تتحملها دول أجنبية كرست هذا النوع من العقود. و لم يخف بلجردي امتعاض فيدراليته الشديد من مضمون النص، في شقه المتعلق بعقود العمل والاتفاقيات الجماعية والنشاط النقابي. وقال إن المركزية النقابية تملك قوة نضالية بإمكانها الضرب بقوة، في حالة عدم مراجعة هذا الشق وتصحيح الاختلالات التي تضمنها. وأجمعت فيدراليات المركزية النقابية على أن الحكومة “تحايلت” على العامل البسيط، من خلال تقديم “طعم” إلغاء المادة 87 مكرر، لتمرير مشروع قانون العمل الجديد، وهو ما لن تتسامح معه الطبقة الشغيلة التي فضلت، طيلة السنوات الماضية، بحسب ممثلي هذه التنظيمات، انتهاج خط التفاوض والحوار والمشاورات الذي رسمته قيادة المركزية النقابية، وهو ما سيقضي عليه النص الجديد في حالة المصادقة عليه في نسخته الحالية، حيث سيفجر فتنة كبيرة داخل نفس الشركة بين رب العمل والمستخدم، ويلهب فتيل الاحتجاجات والإضرابات التي طالما تجنبها الاتحاد.