تعدّدت المصائب وتنوّعت البلايا مع تعاقب الأيّام واللّيالي، ومن أبرزها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، فأضحى المواطن وخاصة الفقير والمحتاج لا يستطيع مجاراة غلاء المعيشة. تعتبر مشكلة غلاء الأسعار من أبرز المشكلات الّتي تسيطر على هموم الفرد والأسرة، ولا سيما الطبقات الفقيرة الّتي هي دون حدّ الكفاية، ومنها ما يكون قد وصل إلى حدّ الكفاف حيث الشّقاء والمعيشة الضنك، أي الّتي تعاني من نقص في الحاجات الأصلية للحياة الكريمة الّتي كفلها لها الإسلام. وللحدّ من تأثير هذه الظاهرة على حياة المواطن، لابدّ للمسلم من الالتزام بهذه الإرشاد، وهي: - الرّضا والقناعة بما قسمه اللّه له من رزق، وهذا يحقّق له الارتياح النّفسي والاطمئنان واليقين بأنّ اللّه قد ضمن له رزقه، يقول اللّه سبحانه وتعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}، ويقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها وأجلها فاتّقوا اللّه وأجملوا في الطلب خذ ما حلّ وضع ما حرّم”، وهذا السلوك يجنِّب المسلم الشّرَه والتّهافت على التّخزين والكسب بدون حقّ. - ترتيب أولويات الإنفاق، فعندما ترتفع الأسعار يجب على المسلم أن يرتّب أموره، حيث يبدأ بالضّروريات ثمّ يلي ذلك الحاجيات، فلا يجوز في ظلّ غلاء الأسعار أن ينفق على الكماليات وعنده ارتفاع في الأسعار في الضّروريات والحاجيات. - الاقتصاد في الإنفاق عمّا كان من قبل، ولا أقول التّقطير ولكن مزيد من الاقتصاد، فقد ورد في الأثر: “ما عال من اقتصد”، وكذلك “الاقتصاد نصف المعيشة”، ولذلك عندما ترتفع الأسعار يجب على المسلم أن يزيد من الاقتصاد. وما نقوله الاحتياط لنوائب الدّهر بمعنى أنه في أوقات السّعَة والرّخاء أن يدخر لوقت الكساد. - عدم التّهافت على التّخزين، وقد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سيّدنا بلال عن مسألة التّخزين دون ضرورة. - عدم الاحتكار (تتعلّق بالتّجار)، لأنّ الاحتكار يؤدّي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، يقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: “لا يحتكر إلّا خاطئ”، ويقول عليه الصّلاة والسّلام: “من احتكر طعامًا أربعين يومًا فقد برئ اللّه منه”، فقد غلا السّعر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وجاء الصّحابة يشكون هذا الغلاء وقد ربطوا أحجارًا على بطونهم فإذا بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم القدوة والرّحمة المهداة كان قد ربط حجرين على بطنه الشّريفة. الجماعة المسلمة المتكافلة الّتي تتكافل مع الفقراء والمساكين وسط غلاء الأسعار بمزيد من الصّدقات الجارية والتطوّعية مصداقًا لقول اللّه عزّ وجلّ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، وقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمى”.