صدر مؤخراً للباحث البروفيسور عبد اليمين بوداود كتاب عنوانه “متطلبات الاحتراف الرياضي” صادر عن الدار الوطنية للكتاب، يستعرض فيه ميكانيزمات وآليات سير المنظومة الاحترافية. ويرى هذا الأخير أن هذا المولود الجديد يأتي في ظل التحولات والتغيرات السريعة التي تشهدها المنظومة الرياضية على الصعيد العالمي، والجزائري على وجه الخصوص، حيث أصبحت الرياضة جزءا لا يتجزأ من كيان أي أمة لها تأثيرها على تطورها وعلى جميع مناحي حياة شعوبها، وأصبح للرياضة هيئات تسيرها، وتشريعات وقوانين ولوائح تنظمها. وجاءت فكرة تأليف الكتاب الممزوج بين الطابع العلمي الأكاديمي والميداني العملي، في خضم الغموض الذي رافق ولوج الاحتراف الرياضي في الجزائر، ليسلط الضوء على الرياضة المحترفة في جوانبها التشريعية والقانونية والتنظيمية والهيكلية والإدارية والإعلامية والدعائية. وتضمن مجموعة من الفصول، ففي الفصل الأول استعرض أهم التوجهات الكبرى للاحتراف الرياضي في الجزائر بدءا بالشروط التي فرضتها كل من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والفيدرالية الإفريقية لكرة القدم الاحتراف في سنة (2000-2001)، حيث تمنع كل ناد لا يمتلك ترخيصا احترافيا من المشاركة في الدورات الرياضية ما بين الأندية انطلاقا من سنة2011. وحدّدت الفيفا مسبقا خمسة شروط للحصول على هذا الترخيص وهي شروط رياضية وإدارية وقانونية ومالية، فيما يخص المرافق والموظفين، أما الفصل الثاني تطرق إلى فلسفة ونشأة وتطور الاحتراف الرياضي وأهم الآليات القانونية والإدارية التي تنظمه، وكيفيات الانتقال من عالم الهواية إلى عالم الاحتراف، وفي الفصل الثالث تكلم بإسهاب عن الإدارة الرياضية الحديثة المحترفة وأهميتها في نجاح الاحتراف الرياضي، ويرى المؤلف أيضا أن للإعلام بمختلف وسائله دورا كبيرا في العملية، حيث خصّه بفصل كامل أبرز فيه مساهمة الإعلام بصفة عامة والإعلام الرياضي المتخصص بصفة خاصة في تطوير ونجاح الاحتراف. وفي فصل آخر تطرق المؤلف بإسهاب عن آلية عمل محكمة التحكيم الدولية والجزائرية، وفي الفصل الأخير استعرض أهم الملتقيات العلمية التي أشرف وشراك فيها البروفسيور عبد اليمين بوداود في مختلف الجامعات داخل الوطن وخارجه التي تناولت موضوع الاحتراف الرياضي، وعرض أيضا بعض لوائح الاحتراف الرياضي في دول أجنية وعربية. ويعد هذا الكتاب الأول من نوعه في الساحة الرياضة والأكاديمية والإعلامية الجزائرية الذي تناول موضوع الاحتراف الرياضي الذي طبقته الجزائر في ظل ظروف أقل ما يقال عنها غير ملائمة خصوصا من النواحي الهيكلية التنظيمية والتسييرية، بالرغم من الإرادة السياسية التي كان لها دعم قوى وكبير في التحفيز على الولوج لعالم الاحتراف، إلى أن المشرفين عليه لم يعدّو العدة من حيث تنمية وتكوين الرأس المال البشري المحترف (الاستثمار في العنصر البشري) في التسيير المالي والإداري والمنشآت والعتاد وتنظيم البطولات والتظاهرات المختلفة، كما يؤكد المؤلف أنه تم إهمال أطراف العملية الاحترافية المتمثلة في اللاعب والمدرب والطاقم الطبي والتقني والإداري والتحكيمي والإعلامي، حيث اقترح وضع قوانين أساسية تضبطهم وتنظم وتضمن حقوقهم وتوضح واجباتها، ويرى أن هناك فوضى في سوق التعاملات المالية داخل المنظومة احترافية غير مراقبة والتي لا تخضع للضريبة ولا للضمان الاجتماعي، وكذا الفوضى في تنقلات وانتدابات اللاعبين، والغموض الذي يشوب التمويل والرعاية والإشهار بالإضافة إلى معالجة الاختلال الموجود في الإعلام الرياضي عن طريق وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة. ويأمل المؤلف في أن تنظم لقاءات تقييمية للتجربة الاحترافية في الجزائر ومناقشة مختلف النقائص والسلبيات التي تشوبها مع إشراك جميع الفاعلين من باحثين وتقنيين وإعلاميين واقتصاديين وقانونيين ومجتمع مدني والقطاع الاقتصادي العام والخاص وعديد من الشركاء، ودعوة خبراء الأجانب من أجل عرض خبرات بلدانهم في مجال الاحتراف، فالمقارنة تسمح بالحصول على نتائج ايجابية. يذكر أن الشاعر عز الدين ميهوبي، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، قد خص هذا الكتاب بتقديم عنونه “الحرف والحرفة.. والاحتراف”، وتمنّى أن يشكّل الكتاب إضافة أخرى في رصيد المكتبة الإعلاميّة والرياضيّة الجزائريّة والعربيّة، وأن يكون بداية لنقاش لم يبدأ حول الاحتراف.