الطريقة التي تعالج بها السلطة قضية الاحتجاجات في عين صالح وتمنراست تثير العجب فعلا... وتجعل الإنسان يشك حتى في سلامة المدارك العقلية للحكاية. المحتجون يطالبون بوقف مشروع الغاز الصخري، ويطالبون ببرامج اقتصادية بديلة لتنمية المنطقة. والحكومة تكلف الوالي بالمفاوضات مع المحتجين حول تشكيل لجنة من الخبراء لدراسة الآثار البيئية التي يمكن أن تنجم عن عمليات استغلال الغاز الصخري. وتقترح الحكومة على المحتجين أغلفة مالية لتنمية المنطقة. ! هكذا والله تعالج السلطة موضوع الاحتجاجات! أولا: القول بتشكيل لجنة خبراء لدراسة الآثار على البيئة معناه أن الحكومة لم تدرس بعد هذه القضية، وبالتالي فإن المحتجين على حق فيما ذهبوا إليه، لأن الحكومة قصرت في هذا الأمر، أو أن الحكومة تريد شراء احتجاج السكان بأغلفة مالية للسكوت عن الأضرار المادية للبيئة التي يمكن أن يحدثها الغاز الصخري.. وهذه التصرفات من الحكومة تتماشى مع نظرية شراء الناس بالأموال حتى في الأمور الحيوية والخطيرة، وهذا في حد ذاته تصرف غير مسؤول من الحكومة، أو أن الحكومة تقصد بقضية تشكيل لجنة خبراء ممارسة التسويف والتماطل والمراهنة على تفكك حركة الاحتجاج، لأن الحكومة لا تستطيع اتخاذ قرار وقف التنقيب عن الغاز الصخري، لأنها لا تملك هذا القرار! فقد يكون هذا القرار بيد الشركات الأجنبية التي تقوم بهذه المهمة وفق عقود تكون السلطة قد وقعتها بعيدا عن أعين الشعب ومؤسسات الشعب الدستورية وغير الدستورية؟! ثانيا: الحكومة فعلا تمارس الكذب على الشعب في هذه المسألة.. فمن جهة تقول إنها ستقوم بتنفيذ أعمال اقتصادية تؤدي إلى التقليل من خطر الاعتماد على البترول والغاز، ومن جهة أخرى تعمد إلى استغلال الغاز الصخري في منطقة مثل منطقة عين صالح فيها مياه جوفية ضخمة.. وأراض فلاحية شاسعة يمكن أن تطور الفلاحة.. لكن الحكومة فضلت الغاز الصخري على حساب المنطقة وتنمية المنطقة خارج موضوع المحروقات؟! ثالثا: الحكومة تريد منطقة عين صالح خارج دائرة التنمية المنسجمة مع البيئة، فالحكومة الفرنسية المحتلة جعلت من هذه المنطقة حقلا للتجارب النووية والكيماوية، وحكومة (الاستقلال الآن) تريد جعل هذه المنطقة ساحة لإنتاج الغاز الصخري على حساب البيئة والتنمية الفلاحية، لتبقى عين صالح مجالا للنفي السياسي للذين يناصبون الحكومة المعارضة ولا أقول العداء ! لماذا لا تستجيب الحكومة لطلب السكان في مجال التنمية الفلاحية، أو تنمية إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية مثلما اقترح علينا ذلك الألمان، وتعمد الحكومة إلى كراء عين صالح لفائدة الشركات الفرنسية لإنتاج الغاز الصخري الذي رفضت الحكومة الفرنسية إنتاجه فوق أراضيها. الغريب في الأمر أن الحكومة عوض أن تتحاور بجدية مع المحتجين راحت تتفاوض مع نفسها عبر نواب برلمان الحفافات ! وهي بذلك تمارس نظرية العلاج بالتعفن التي أصبحت خاصية من خاصيات حكم بوتفليقة ورجاله.