تخسر الخزينة العمومية 51.6 مليار دينار سنويا وهي قيمة المعاملات التجارية غير المفوترة، والتي تتجاوز دفع المستحقات الضريبية، بصرف النظر عن المعاملات التي تتم ضمن القنوات غير الرسمية على مستوى السوق الموازية، كونها لا تخضع لرقابة الجهات المختصة على مستوى وزارة التجارة بالدرجة الأولى. وكشف وزير التجارة، عمارة بن يونس، أمس، أن قطاعه سجّل بلوغ قيمة المعاملات التجارية غير المفوترة خلال الأربع سنوات الماضية ما يعادل 206.5 مليار دينار، واعتبارها عينة لظاهرة التهرب الضريبي التي تجد أبعادا أخرى ضمن الممارسات المتعلقة بالتجارة الموازية، في حين قال إن تقديم أرقام دقيقة حول هذه الظاهرة غير ممكن نظرا لطبيعتها غير القانونية التي تتجاوز صلاحيات وزارة التجارة إلى قطاعات وزارية أخرى. وذكر بن يونس، خلال إشرافه على اليوم الدراسي حول التجارة الموازية، أن نتائج التحقيق الذي أطلقته المصالح الرقابية التابعة لوزارة التجارة تكشف اتساع ظاهرة الممارسات التجارية الموازية، من منطلق أنها تمس العديد من القطاعات وفروع النشاطات والخدمات، وأشار في هذا المجال إلى الصناعة التحويلية على غرار الصناعة الغذائية، النسيج ومواد التجميل، إلى جانب الأنشطة التجارية المحلية والخارجية ومجال التوزيع على مستوى الجملة والتجزئة. واعترف المسؤول الأول على قطاع التجارة بأن الإشكال المطروح بالنسبة لمواجهة ظاهرة التجارة الموازية يرتبط أيضا بغياب مؤسسات متخصصة في التوزيع، رغم أنه أشار إلى الأظرفة المالية التي أنفقت من قبل السلطات العمومية في إطار تحسين تواجد الفضاءات التجارية وتقريبها من المواطن أو المستهلك، كما هو الشأن بالنسبة لبرنامج إنجاز الأسواق الجوارية المخصص له غلاف مالي قدره 12 مليار دينار، والمخطط التكميلي لإنجاز الأسواق المغطاة بقيمة 10 ملايير دينار، على اعتبار أن ظاهرة التجارة الموازية لاتزال تسيطر على جزء كبير من الاقتصاد الوطني قدّره الوزير بشكل تقريبي بما يفوق 50 في المائة، على أنه نوّه أيضا بالمجهودات المبذولة من قبل الحكومة في المجال التشريعي لدفع التجار الفوضويين إلى الاندماج في النشاط القانوني، مشيرا إلى العمل على إلغاء جملة من الحقوق الجبائية على غرار الضريبة الجزافية الموحدة، وإلزامهم بدفعها بصفة تدريجية على مدار ثلاث سنوات، فيما نفى إمكانية اللجوء إلى العفو الصربي الكامل وقال إنه غير مطروح في المرحلة الراهنة. وشدد المتحدث على أن ظاهرة الاقتصاد الموازي تعرقل البرامج والمخططات المسطرة من طرف السلطات العمومية لتطوير مردودية الاقتصاد الوطني وتنافسية المؤسسات المحلية، بينما أكد على ضرورة ترقية استهلاك المنتج الجزائري، من دون فرض عراقيل جبائية على السلع المستوردة وإنما من خلال إقناع المواطن بأن إنتاج الشركات الجزائرية العمومية والخاصة يستجيب لنفس معايير الجودة التي يتمتع بها أي منتج أجنبي، قبل أن يضيف بأن وزارة التجارة تعتزم، في ظرف أقل من شهر، إطلاق حملة تحسيسية لاستهلاك المنتوج الوطني.وعلى صعيد آخر، ذكر عمارة بن يونس بأن المفاوضات لاتزال متواصلة بشأن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، من خلال الإجابة على مجموعة إضافية من النقاط، قال إنه سيتم الفصل فيها قبل نهاية السداسي الأول من السنة الجارية.