أكثر من 200 قاعة سينما فرنسية، منها أبرز القاعات في "الشانزليزيه" بباريس، وعروض في جميع قاعات السينما بالمغرب ومالي والسنغال وروسيا وحتى بولونيا، بالإضافة إلى عروض في قاعة سينما "السعادة" بوهران والجزائر العاصمة، إنه التحدي الحقيقي لصناعة السينما الجزائرية يتحقق الآن مع تجربة جزائرية يقودها المنتج والممثل الشاب زكريا رمضان، الذي مضى بحلمه في إنجاز فيلم "الجزائر للأبد" رغم تجاهل وزارة الثقافة لمشروعه قبل نحو ثلاث سنوات. لم يحدث في تاريخ السينما الجزائرية، خصوصا الأفلام المنتجة مؤخرا في إطار احتفالات الجزائر بخمسينية الاستقلال أو ستينية اندلاع الثورة الجزائرية، أن وصل فيلم إلى القاعات السينمائية العالمية بهذه السرعة والانتشار، حيث ظلت معظم الأفلام الجزائرية حبيسة الأدراج بعد العرض الأول الرسمي للفيلم، سواء في قاعة ابن زيدون أو “الموڤار”، أو تتحول إلى عروض مجانية ببعض المهرجانات، وإن حققت جوائز في محافل سينمائية إلا أن الوصول إلى الجمهور العريض عبر لغة بيع التذاكر وحجم الإقبال ظل حلما بعيدا عن المنال لخمسين عاما. فالأفلام التي تفتخر بإنتاجها الجزائر لم تصل إلى شباك التذاكر في قاعات السينما بقوة، حتى وإن تحدثنا عن فيلم “معركة الجزائر” الذي أخرجه الإيطالي جيلو بونتيكورفو عام 1966 وفيلم “عطلة المفتش الطاهر” للمخرج موسى حداد وفيلم “واقع سنين الجمر” للمخرج لخضر حامينة، فتلك الأفلام وإن توجت بجوائز إلا أنها اعتبرت أفلام “فاشلة تجاريا” حسب تصنيف “البوكس أوفيس” الفرنسي الذي تابع حجم الإقبال في قاعات السينما الفرنسية للأفلام المتوجة بالسعفة الذهبية لمهرجان “كان”. كما لم يقبل على مشاهدة فيلم “وقائع سنين الجمر” إلا نصف مليون مشاهد سنة 1975، وهي السنة التي توج بها لخضر حامينة بالسعفة الذهبية، فللسوق التجارية للأفلام في فرنسا معايير خاصة وتبقى بعيدة عن التتويج بجائزة السعفة الذهبية، لهذا نجد خارج تصنيف “البوكس أوفيس” أفلاما للمخرج العالمي فيتوريو دي سيكا المتوج سنة 1951 بالسعفة الذهبية، وفيلم المخرج النمساوي مايكل هاينيكي “الشريط الأبيض” المتوج ب«كان” 2009، وكذا فيلم “نعاس الشتاء” للمخرج التركي نوري بلجي جيلان المتوج بالسعفة الذهبية العام الماضي. لغة الوصول إلى الجمهور ظلت تحديا حقيقيا بالنسبة للأفلام الجزائرية، وقد عرف الممثل والمنتج زكريا رمضان الطريق إليه بفضل إستراجية ترويجية اعتمدت أساسا على احترام معايير السوق العالمية للأفلام، ما دفع إلى أن يحظى الفيلم باهتمام القائمين على تسويق الأفلام. فإرادة المنتج الشاب زكريا رمضان لم تستسلم لقرار وزارة الثقافة بل مضت في رحلة دامت أكثر من سنتين لتصوير فيلمه وتحقيق الحلم كما قال: “لقد عملت لمدة سنتين دون توقف”، ولكنه لا يزال يتسأل: “لماذا رفضت وزارة الثقافة تمويل الفيلم”، كما سبق وأن تحججت بأن سيناريو “معاد للوطنية”، وهو المبرر الذي اتخدته وزارة الثقافة لرفض تمويل إنتاج هذا الفيلم الذي يعتبر الأول في تاريخ السينما الجزائرية الذي يخترق بمهنية عالية عالم “الأكشن”. فحسب المشاهد وقصة الفيلم التي اطّلعت عليها “الخبر”، فقد حمل الفيلم قوة وجرأة في الدفاع عن الجزائر وتصويرها بشكل جيد بعيدا عن لغة الأفلام التي تركز على مشاهدة معاناة الجزائر وعادة ما توافق مركز السينما الفرنسية على تمويلها، فالكثير من المشاهد البانورامية للجزائر والعلم الوطني، بالإضافة إلى اعتماد قصة جزائرية جسدت بأموال جزائرية خالصة للوقوف أمام كل محاولات الفرنسيين لاختراق الجزائر هي مشاهد فيلم “الجزائر للأبد”، الذي سيعرض رافعا العلم الجزائري في شارع الشانزليزيه بباريس وسط الجدل ولغة الكراهية التي بات اليمين المتطرف الفرنسي يرفعها بقوة خصوصا بعد أحداث “شالي إيبدو”. في هذا الإطار قال زكريا رمضان ل”الخبر”: “اليوم أصبح للجزائر فيلم قادر على الحضور في قاعات السينما الفرنسية وينافس على شباك التذاكر، لأن الكلمة في النهاية يجب أن تكون للجمهور”. تجربة المنتج زكريا رمضان من أفلام “الأكشن” استلزمت تصوير أزيد من 7 آلاف لقطة، استوحيت فكرتها من تاريخ منظمة “الجيش السري” الفرنسية. ويستعد زكريا رمضان لعرض فيلمه الجديد “الجزائر للأبد”، وذلك مع المخرج الفرنسي جون ماك مينو وبمشاركة نجم الملاكمة السابق مايك تايزن والممثلة والمغنية الفرنسية لوري بيستا والممثل الفكاهي سماعين، بالإضافة إلى عدد كبير من الممثلين الجزائريين، الذين سينقلون الشاشة الفضية الجزائرية إلى عالم “الأكشن” في عرض رسمي يوم 5 مارس القادم يليه توزيع الفيلم عبر العالم ابتداء من يوم 18 مارس القادم.