قلنا إن إعلام السلطة في الجزائر يعاني من هملة تجاوزت حدود الرداءة وقلة المهنية إلى الجريمة في حق الدولة والمجتمع، وقضية نشر نصين مختلفين لرسالة الرئيس بوتفليقة، بمناسبة 19 مارس، دليل على هذه “الهملة الجريمة”ǃ أولا: كيف مرّ هذا الخطأ الفادح على أجهزة الإعلام في الرئاسة وفي الوزارة وفي وكالة الأنباء، دون أن ينتبه إليه أي واحد من جيش الموظفين الذين يمارسون وظيفة “إعلامي سامي في الرداءة” معيّن بمرسوم رئاسي؟ǃ ثانيا: وزير الإعلام، الذي حوّل نفسه إلى وزير للإشهار، مثله مثل سابقيه من الوزراء، ليس مسؤولا عن إعلام الرئاسة والحكومة وحتى وكالة الأنباء والتلفزة والإذاعة.. فكل هذه المصالح خارج دائرة صلاحيات وزير الإعلامǃ والفوضى آتية من هذه القضية.. وزير إعلام ليس مسؤولا عن إعلام السلطة. والأمر هنا لا يعود فقط إلى سوء تنظيم الإعلام الحكومي والسلطوي بطريقة تجعل وزير الإعلام “مجرد كابوية فوق طعام”ǃ بل يعود أيضا إلى أن جل وزراء الإعلام الذين أسندت لهم مهام الوزارة لم يسع ولا واحد منهم إلى تغيير هذا الواقع البائس، وتحويل الوزير إلى وزير على كل قطاع الإعلام الحكومي الرئاسي، وليس وزيرا فقط على موظفي وزارة الإعلامǃ الأمر له علاقة إسناد المسؤوليات في قطاع الإعلام والرئاسة إلى ضعاف الشخصية وإلى الهزال والرداءة. ثالثا: العاجل الآن هو تحويل الإعلام الحكومي إلى إعلام عمومي، يتولى فيه وزير الإعلام المسؤولية الكاملة عن التدفق الإعلامي في البلاد، باعتباره وظيفة عمومية وليس وظيفة حكومية، ومثل هذا الإجراء يمكن أن ينجزه وزير إعلام يعرف ما يفعل، وليس وزير إعلام يفعل ما يقال له أن يفعلǃ وليت وزير الإعلام، بعد هذه الفضيحة الخاصة برسالة الرئيس، يعمد إلى تكوين مسؤولي إعلام الرئاسة والوزارة، عوض تكوين صحفيين في الصحافة المكتوبة الخاصة، كما يدعي. رابعا: الطريف في الموضوع أن الوزير بعد هذه الفضيحة الإعلامية عمد إلى إطلاق حملة “علاقات عامة” مع بعض الصحافيين والإعلاميين لشرح ملابسات الخطأ، والهدف هو تبرير مالا يبرر.. وواضح أن الأمر لا يمكن علاجه بحملة “علاقات عامة” حتى ولو قام بها الوزير نفسه.. فالأمر يتعلق بعملية إصلاح حقيقي لواقع هملة الإعلام السلطوي، وليس إقناع الناس بأن الأمر مجرد خطأ بسيط يمكن تجاوزه.. لأن هذا الخطأ الفادح لم يكن الأول ولن يكون الأخير، ما دامت نفس الرداءة هي التي تسيّر الإعلام الرئاسي. [email protected]