أصدقائي الجزائريين الأعزاء اقتناعا منه بأن شراكته مع الجزائر تكتسي أهمية قصوى، يحرص الإتحاد الأوروبي على تعميق العلاقات مع بلدكم، فخلال السنوات العشر الأخيرة، تقوّت شراكتنا مع الجزائر على قاعدة الشراكة وأيضا في إطار سياسة الجوار الأوروبية التي شكّلت القاعدة لتعاوننا مع البلدان المحيطة بحدود الاتحاد الأوروبي. وعليه، فإن أول مخطط للعمل بين الاتحاد والجزائر هو اليوم موضوع مفاوضات بين الطرفين. في المقابل، فإن سياسة الجوار الأوروبية لم تنجح دائما في إعطاء الإجابات المناسبة للتطلعات المتغيّرة لشركائنا. بالإضافة إلى أن مصالح الاتحاد الأوروبي لم تتحقق بالكامل، ومن أجل هذا أطلق الاتحاد الأوروبي مراجعة عميقة لهذه السياسة. لذلك، فإن الممثلة العليا ونائبة رئيس اللجنة الأوروبية، السيدة فيديريكا موغريتي والمحافظ الأوروبي المكلف بسياسة الجوار السيد جوهانس ماهن، أطلقا مشاورات تستمر أربعة أشهر مع مجموع شركائنا. وفي هذه المراجعة، يجب أن نهتم بأربع نقاط أساسية: 1)- ما الذي يمكننا فعله من أجل الذهاب إلى المزيد من المفاضلة في طريقة عملنا مع شركائنا؟ في الشرق بعض شركائنا ملتزمون باتفاقيات شراكة واتفاقيات تجارية، ورغم أن هذه الاتفاقيات لم تصل مداها بعد، إلا أنهم يريدون المزيد، في الجنوب لدينا شركاء يريدون العمل معنا في إطار اتفاقيات دقيقة جدا، من جهة أخرى لدينا مجموعة من الشركاء، سواء في الشرق أو الجنوب، تريد العمل معنا بطريقة تفاضلية، تأخذ بعين الاعتبار الوضعية الاقتصادية والسياسية الخاصة، من هذا المنطلق يتوجّب علينا إيجاد الطريقة المناسبة للعمل مع جيران جيراننا. 2)- هذا يدفعنا إلى الاستفهام حول مسألة التبني، فلن نخرج بأي فائدة من هذه السياسة، إذا لم تكن مؤسسة على شراكة مختارة من الطرفين، شراكة الندّ للند، وعليه، فإن سياسة الجوار الأوروبية الجديدة يجب أن تعكس وجهات نظر الخبرة لشركائنا، إذ يجب أن نركّز على كل المجالات التي تحمل مصالح مشتركة للطرفين. ومن أجل أن يتبنى شركاؤنا هذه السياسة، يجب المزيد من العمل لتحقيق نتائج مرئية تأتي بفوائد ملموسة لشعوبهم، فالشعوب تريد نتائج في وقت قصير من أجل التحقق بأن سياسة ما مستمرة. 3-) النقطة الثالثة تتعلق بالتوجيه: فنحن نريد الابتعاد عن النموذج الحالي، نسعى إلى تغطية مساحة واسعة من المجالات مع كل شريك لمن يريدون ولديهم الوسائل، يجب علينا مواصلة شراكة على قطاع واسع عبر مساعدتهم على الوصول إلى معايير الإتحاد الأوربي. أما بالنسبة للبلدان التي لا تستطيع، أو التي لا تريد أن تعمّق التزاماتها تجاهنا، فعلينا أن نبحث عن أشكال أخرى من التعاون، التجارة والحركية هما نقطتا التركيز التقليديتين: نريد إعادة الاعتبار إلى قطاعات أخرى كانت بشكل أو بآخر مهملة إلى حد الآن، كالطاقة (طاقتنا وطاقة شركائنا أيضا) والتهديدات الأمنية بسبب الجريمة المنظمة والإرهاب أو النزاعات الإقليمية. 4)- أخير يجب أن تكون أكثر مرونة، وهذا يعني أننا يجب أن نكون قادرين على التفاعل مع الأزمات الطارئة حال وقوعها. كانت هذه بعض الأفكار التي يمكن أن تجدوها في وثيقة التشاور المتوفرة الآن على الموقع الإلكتروني وعلى حساب الفايسبوك لتمثيليتنا في الجزائر العاصمة. ونحن نحرض على توسيع هذه الاستشارات إلى أكبر مساحة ممكنة من أجل الوصول إلى سياسة تكثيف فعلية مع الأهداف المرجوة. البعض قد يتساءل، هل هذا الحوار على متابعة المصالح يعني بأننا بصدد التخلي عن قيمنا، الجواب واضح: لا ، تطوير الديمقراطية وتنمية حقوق الإنسان ودولة القانون، هي صفات حاسمة للاتحاد الأوروبي. أنا مقتنع بأن القيم المؤسّسة للاتحاد الأوروبي تخدم أيضا المصالح الخاصة بالجزائر، أعطيكم مثالا: ”دولة القانون هي معطى أساسي في جلب المستثمرين الأجانب، عدالة مستقلة وبعيدة عن الفساد ليست هدفا في حد ذاته، لكنها أيضا معطى أساسي في التنمية الاقتصادية لأي بلد، معطى مهم في خلق مناخ مساعد على النمو. يجب أن لا نخطئ: رفاهيتنا الحالية والمستقبلية مرتبطة بشكل كبير بالوضع في المنطقة، الوصول إلى كامل ما يمكن أن تحمله علاقاتنا مع الجزائر وبناء علاقات أكثر صلابة معها سيجعل بلداننا أكثر أمنا وسيحوّلها إلى فضاءات يحلو فيها العيش. الجزائر ساحة أساسية في جوارنا، ومن أجل هذا، فإن الاتحاد الأوروبي يريد إطلاق حوار جاد مع شركائنا هنا على المستوى الرسمي مع الحكومة الجزائرية، لكن أيضا مع المجتمع بالمعنى الأوسع، جمعيات المجتمع المدني، النقابات، وسط الأعمال والوسطين الثقافي والأكاديمي...إلخ. من أجل معرفة وفهم أحسن للاحتياجات والأولويات وأفكار الجزائريين والجزائريات حول مستقبل علاقات بلدكم مع الاتحاد الأوروبي. أدعو بقوة أصدقائنا وشركائنا الحريصين على علاقات بلدكم مع الاتحاد الأوروبي، أن يبعثوا بأفكارهم واقتراحاتهم عبر الفايسبوك، الموقع الإلكتروني http://eeas.europa.eu/ delegations/ algeria/index_fr.htm أو على العنوان البريدي: مزرعة بن واضح، نهج 11 ديسمبر 1960، ص. ب 381، الأبيار، الجزائر العاصمة. أخويًا ماريك سكوليل سفير/رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر