مثلت اشتباكات اندلعت مساء أول من أمس بين الشرطة المصرية وأعضاء رابطة مشجعي النادي الأهلي لكرة القدم «ألتراس أهلاوي» عقب مباراة جمعت فريقهم مع فريق «صفاقس» التونسي في القاهرة، تذكيراً بالتحدي السياسي والأمني الذي تشكله روابط المشجعين المنخرطة بقوة في جولات المواجهة منذ الثورة. ويعود التوتر بين الشرطة وروابط المشجعين إلى العام 2010 حين اشتبكت مجموعات منهم مع قوات الأمن في قلب القاهرة على هامش مباريات لكرة القدم. ثم تفاقم بالمواجهات خلال الثورة في 2011، ثم التظاهرات ضد المجلس العسكري في الفترة الانتقالية، وصولاً إلى «مذبحة استاد بورسعيد» التي سقط فيها 72 قتيلاً من مشجعي النادي الأهلي عقب مباراة لكرة القدم وكان بين المتهمين فيها عدد من قيادات الشرطة.ولا يزال التوتر التقليدي بين أجهزة الأمن وأعضاء الروابط يراوح مكانه، رغم محاولات الشرطة ترميم صورتها لدى قطاعات شعبية منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي. ويتهم مسؤولون «الألتراس» بأنهم «مستخدمون من قبل جماعة الإخوان المسلمين في صراعها ضد الدولة»، خصوصاً بعد تظاهرات ظهر فيها بعض قادة الروابط جنباً إلى جنب مع أنصار مرسي.ومنذ «مذبحة استاد بورسعيد»، منعت السلطات وجود الجماهير في المدرجات وأرجأت استئناف النشاط الرياضي المحلي أكثر من مرة، لكن، مع السماح للجماهير بالحضور في أكثر من منافسة أفريقية أو دولية، عادت المواجهات وكان آخرها مساء أول من أمس، ما دعا وزارة الداخلية إلى إعلان أنها «تدرس إعادة النظر في قرار حضور الجماهير مباريات كرة القدم».وكانت محكمة النقض قبلت مطلع الشهر طعناً قدمة 73 متهماً في أحداث بورسعيد على أحكام صدرت بحقهم وتراوحت بين الإعدام والسجن وأمرت بإعادة المحاكمة، ما أثار غضب أهالي من قضوا في الأحداث وروابط مشجعي الأهلي. وظهر أن ذلك الحكم طغى على مباراة أول من أمس، إذ رفعت «ألتراس أهلاوي» صوراً للضحايا ولافتات تطالب بالقصاص.وبعد تتويج النادي الأهلي «كأس السوبر» الأفريقي في نهاية المباراة، بدأ التراشق مع قوات الأمن لفظياً بهتافات وأغاني «الألتراس» التقليدية التي تتضمن سباباً للشرطة. ثم أطلق بعض المشجعين ألعاباً نارية على قوات الشرطة التي طاردت الجماهير في المدرجات وأطلقت قنابل الغاز، قبل أن تقع مواجهات خارج ساحة الملعب.وقالت وزارة الداخلية في بيان إن الاشتباكات «أدت إلى إصابة 10 ضباط و15 مجنداً، إضافة إلى إضرام النيران في إحدى سيارات الشرطة وسيارتين خاصتين». وأعلنت توقيف عدد من «مثيري الشغب» وجهت إليهم النيابة أمس تهم «إثارة الشغب والتعدي على قوات الأمن والإتلاف العمدي للممتلكات العامة والبلطجة والتجمهر»، وأمرت بحبسهم على ذمة التحقيقات.واعتبر نائب وزير الرياضة باسل عادل أن أزمة روابط المشجعين «باتت سياسية وليست رياضية، فالشغب (أول من) أمس لم يكن متعلقاً بالحدث الرياضي أو بتعصب جماهيري، وإنما الأمر سياسي وبه قدر من الترصد والثأر تجاه الأمن». وقال ل «الحياة»: «لا يمكن إغفال الاستخدام السياسي لروابط المشجعين... بالتأكيد داخل تلك الروابط جزء ينتمي إلى الإخوان بات على خصومة مع الدولة».ورأى أن «الأمر يحتاج علاجاً سياسياً للأزمة المتفاقمة، مع وضع جهاز الأمن ميثاقاً مستقبلياً للتعامل حتى نخرج المشاغبين من دائرة المشروعية وتكون أفعالهم مجرمة». وكشف أن «الحكومة بصدد إصدار قانون للشغب الجماهيري سلمته وزارة الرياضة إلى مجلس الوزراء الذي أرسله إلى مجلس الدولة لمراجعته، وسيبدأ مناقشته الأسبوع المقبل». وقال: «نحتاج هذا القانون الذي بات ضرورة ملحة قبل انتخاب البرلمان الجديد»، لكنه رفض إعلان وزارة الداخلية إعادة النظر في السماح بحضور الجماهير للمباريات.