لجان المراقبة عاجزة وحديث عن التزوير لا يتوقف أسبوع قرع الطبول تزايد قرع الطبول من قبل المرشحين للرئاسيات في المنعرج الأخير لنهاية الحملة الانتخابية، وتكررت معها هواجس الخوف من التزوير والقلق من العزوف الشعبي ودعاة المقاطعة ومن مشاهد العنف أيضا، وهي كلها مؤثرات ترمي بظلالها على المشهد الانتخابي المبرمج نهاية الأسبوع الجاري. لم يكن المشهد الانتخابي حافلا بالوعود والأفكار والبرامج بقدر ما كان مثقلا بالهواجس والتشاحن والتنابز والتشويش، وحتى بالمواجهات والمشادات، وهي صور تحكي لوحدها درجة الاحتقان السياسي المرافق لرئاسيات 17 أفريل. وأمام ضعف لجنتي المراقبة والإشراف على الانتخابات اللتين ولدتا ميتتين لافتقادهما سلطة صنع القرار، ما جعلهما عاجزتين عن التأثير بقراراتهما في طمأنة أنصار المتسابقين، الأمر الذي فسح المجال للمرشحين لتصفية الحسابات كل بطريقته الخاصة. ولأول مرة تجد قوات الأمن نفسها في قلب المعركة الانتخابية للفصل بين المحتجين وممثلي تجمعات المترشحين، أو بينها وبين رافضي العهدة الرابعة من تنظيمات المجتمع المدني، وهي معطيات لم يسبق أن شهدتها المواعيد الانتخابية السابقة منذ بداية التعددية. وبعدما شهدت الأيام الأولى للحملة مرحلة حرب الملصقات في الأماكن العمومية والكر والفر في تسويد الخطابات والوعود وفي رشق المواكب بالحجارة والاعتداء على المداومات وغيرها من الحروب البدائية في المعارك الانتخابية بالجزائر، تبادل أنصار المرشحين اتهامات العمالة للخارج والتخوين وعدم الوطنية و ”الشياتة” وغيرها من المصطلحات التي زخرفت اللوحة العامة للحملة الانتخابية، قبل أن يفرض قرب موعد الاقتراع على المرشحين إخراج الطلقات النارية الثقيلة. بالنسبة للمرشح موسى تواتي معطياته تقول ”إذا لم يكن هناك دور ثانٍ فالعملية مزورة”، ومثل هذا الاستنتاج الصادر عن مشارك في الرئاسيات للمرة الثالثة له ما يبرره في الواقع. وضمن هذا السياق يعد شبح العزوف عن المشاركة في الانتخابات ليس بالمعطى الجديد، فقد سبق أن كان أقوى حزب في المواعيد الانتخابية السابقة دون استثناء، لكن هذه المرة يوجد له داعمون: الأول يتمثل في دعاة المقاطعة الذين يمثلون أحزاب فاعلة في الساحة السياسية، والثاني يقوده دعاة التصويت بالورقة ”البيضاء”، وهو ما يصعب من حسم نتائج الاقتراع في الدور الأول مثلما يتمنى موسى تواتي. لذلك عاد هاجس تزوير الانتخابات من قبل الإدارة لفائدة مرشح السلطة بقوة على ألسنة المرشحين خصوصا لدى علي بن فليس وفوزي رباعين بإطلاق تهديدات غير مسبوقة. فبن فليس يرى نفسه حسب تصريحاته في بجاية قاب قوسين أو أدنى من ولوج قصر المرادية استنادا ربما إلى الحضور الذي لمسه في تجمعاته بالولايات، وأرسل رسالة إلى خصومه في معسكر الرئيس المترشح بأن 2004 ليست 2014، معلنا عن توفره على 60 ألف مراقب لمنع السطو على الصناديق، كما رافع بمعية المرشحين الآخرين بأن يقف الجيش على مسافة واحدة مع الجميع، وهو ما يعني أن أصوات الأسلاك النظامية ستكون ”البارومتر” البارز في التصعيد أو في احتواء الغضب لما بعد 17 أفريل. شبح التزوير يطارد السلطة صناديق تبحث عن العيون الساهرة ستكون تغطية مكاتب الانتخاب يوم الخميس المقبل واحدة من العلامات الفارقة بين الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة وبقية المترشحين. فالأول يحرس أصواته جيش من المتنافسين على خدمته ومعهم العاملون في أجهزة الدولة التي يتحكم فيها. أما بقية المترشحين فيبدو أن أقواهم عاجز عن تأطير ثلثي مكاتب التصويت. على الورق يظهر أن علي بن فليس الأكثر استعدادا مقارنة بالمترشحين الأربعة على تأطير مكاتب الانتخاب بالمراقبين الموالين له تفاديا لحدوث التزوير. غير أن الشرط القانوني الذي يفرض حضور 5 مراقبين فقط في كل مكتب سيحرمه لا محالة من متابعة فرز الأصوات في عدد كبير من المكاتب. ومهما يكن فإن بن فليس صرخ، قبل انطلاق الحملة الانتخابية، بأنه لن يسكت عن التزوير وبأنه ”سيدافع عن الأصوات التي سيمنحها لي الشعب الجزائري”. وظهر بن فليس خلال الحملة الانتخابية متأكدا بأن التزوير حاصل لا محالة ولمصلحة الرئيس المترشح. فهل يملك رئيس الحكومة سابقا معطيات بأن جهة نافذة في السلطة أعطت أوامر للموظفين المشرفين على العلمية الانتخابية بتوجيه النتيجة لفائدة بوتفليقة؟ أم أنه ينطلق من تجربته في رئاسيات 2004 التي صرَح بعد صدور نتائجها بأنه كان ”ضحية تزوير”؟ أم أن بن فليس بصدد رفع رسالة إلى جماعة الرئيس والعصب التي تدعم ترشحه في السلطة، مفادها أنه لن يكون مهادنا معهم هذه المرة لو زوروا الانتخابات؟ هل يحمل التحذير من التزوير تهديدا غير مباشر بتحريك الشارع؟ وهل يملك بن فليس القدرة على التجنيد إلى درجة تمكنه من الدخول في مواجهة مع النظام؟ وتوجد جماعة الرئيس حاليا في مأزق حقيقي بعد الحقائق التي حملتها أيام الحملة الانتخابية. فالشارع في الكثير من الولايات رفض قدوم الموالين للرئيس إليهم للدعاية له. وبلغهم أحيانا هذا الرفض بأشكال عنيفة، فكانت الرسالة واضحة جلية، هي أن قطاعا لا يستهان به من الجزائريين يرفض استمرار بوتفليقة وهو في حالة صحية متردية، ويعتبر ترشحه لرابعة وبالوكالة رغم ما خلفته 15 سنة من الحكم من فساد وسوء تسيير ووعود لم تتحقق.. يعتبر كل هذا إهانة له. وعلى أساس ما يمكن وصفه ب ”رفض شعبي” ظهرت ملامحه في الحملة بخصوص تزكية مشروع غريب لا يقبله المنطق، لا يمكن أن تنطلي على أحد أية طبخة في الخفاء تفرز بوتفليقة فائزا ب80 و90% كما جرى في المواعيد الانتخابية السابقة. والرئيس المترشح، كما يعرفه المقربون منه، يرفض عهدة جديدة دون تأييد شعبي واسع. ألم يقل بنبرة احتقار عشية انتخابات 1999 ”سأعتبر الشعب سعيدا بالعيش في رداءته إن لم ينتخبني بنسبة كبيرة؟!”. لذلك فالسلطة وخاصة الحاشية المحيطة ببوتفليقة تواجه تحديا مزدوجا. أحدهما يعكسه صعوبة إحداث تزوير شامل هذه المرة، لأنه سيكون مفضوحا أمام العالم. والثاني تلبية نزوة تسلطية لدى بوتفليقة تتمثل في إهدائه نسبة دعم شعبي مرتفعة، وهذا ما يبدو مستحيلا هذه المرة. الجزائر: حميد يس على النقيض سيد احمد عقابة ممثل المترشح موسى تواتي في لجنة المراقبة ل ”الخبر” ”سطوة المال تهدد الانتخابات” هناك مخاوف من تزوير الانتخابات في ظل هواجس العزوف والمقاطعة وما شهده المسار الانتخابي من عنف، ما مدى تخوفكم من هذه الرباعية؟ نحن قررنا دخول المعترك الانتخابي بغية التغيير، والتزوير قد بدأ منذ إعلان الرئيس عن استدعاء الهيئة الناخبة، وهو يتجلى حاليا بصفة يومية، حيث لم يقدم الطاقم الوزاري استقالته، وهؤلاء ينشطون الحملة الانتخابية لفائدة مرشح الزمرة ويتقاضون رواتبهم من الخزينة العمومية. أما بالنسبة للمقاطعة، فمؤكد أنها تؤثر كثيرا في العملية الانتخابية، مع كل احتراماتي للمقاطعين، لكن هذا الخيار لم يكن مناسبا. لكن بوتفليقة أعطى ضمانات لنزاهة الرئاسيات؟ هناك تصرفات مشينة تمس نزاهة الانتخابات، هذه أضحوكة في العالم، وما يحدث من تسخير وسائل الدولة لفائدة الرئيس المرشح فاق التجاوزات. وهل لديكم آلية معينة لحماية أصوات الناخبين يوم 17 أفريل؟ كما تعلمون فنحن كنا قدمنا مشروعا للداخلية يخص الانتخاب الإلكتروني، لكنه لم يأخذ به، وتساءلنا كيف يمكن أن تسحب الأموال إلكترونيا ولا يمكن تبني الانتخاب الإلكتروني؟ وبالنسبة للجان المراقبة، هل ترى أنها فاعلة بشكل يمكنها من مراقبة صارمة للعملية الانتخابية؟ بالنسبة لهذا الملف، هناك كيل بمكيالين: فكل اللجان التي يرأسها ممثلو الرئيس المترشح تمنح لها إمكانيات ضخمة وتسخر لهم كل الوسائل، أما من يترأس اللجان من ممثلي باقي المترشحين فيعانون يوميا من انحياز الإدارة لفائدة مرشح الزمرة، وهذا يبين أن الكلام عن الحياد شيء والواقع شيء آخر، فمثلا لحد الآن لم تتمكن اللجان من الاطلاع على قوائم مؤطري العملية الانتخابية بما يمكن من تقديم الطعون حيال من لا تتوفر فيه الشروط الضرورية، وهذا بمثابة تزوير مسبق، والإدارة معنية بهذه العملية لأنها هي من يقع عليها قانونا واجب التشهير بقوائم مؤطري العملية الانتخابية. وهل ستقومون بتحالفات مع ممثلي المترشحين الآخرين من أجل المراقبة؟ قدمنا تعليمات للقواعد للتنسيق مع أي كان من أجل تعزيز المراقبة، إلا ممثلي الرئيس المترشح، ولاحظنا أن سلطة المال تهدد فعلا العملية الانتخابية لأن مساندي الرئيس المترشح أنفقوا ألف مليار من أجله، وحسب التوقعات فإن أغلبية المراقبين سوف يواجهون مشاكل وليس من السهل مواجهة مجموعات المال، لكن إرادة المراقبين ستتصدى لهم ولو من خلال التحكم في 70% من المراقبة، والمشكل الأكبر يوجد في محاضر الفرز النهائية على مستوى البلديات وكذلك الولاية التي يوجد بها مكان تتم فيه العملية النهائية، لكن هذا المكان ممنوع على ممثلي المترشحين. الجزائر: حاوره محمد شراق عباس ميخاليف قيادي في مديرية الحملة للمترشح علي بن فليس ل ”الخبر” ”التزوير القبلي قد بدأ” هناك مخاوف من تزوير الانتخابات في ظل هواجس العزوف والمقاطعة وما شهده المسار الانتخابي من عنف، ما مدى تخوفكم من هذه الرباعية؟ بالنسبة لهاجس التزوير، هناك نية مبيتة منذ المرحلة الأولى لجمع التوقيعات، حيث استعملت كل الوسائل بما فيها سجلات الناخبين وتوظيف رؤساء البلديات والدوائر والولاة في جمع 4 ملايين توقيع في ظرف 72 ساعة. لكن الرئيس بوتفليقة أعطى ضمانات بأن تكون الرئاسيات شفافة؟ رغم تعليمات الرئيس والقول إن العملية ستكون شفافة ونزيهة، لكن إمكانيات الدولة استغلت بما في ذلك نشاط الوزراء، ولاحظنا كيف كان يتم ملء القاعات باستغلال سيارات الدولة والنقل المدرسي وغير ذلك، وبالنسبة لنا فإن التزوير القبلي قد بدأ، وكما يقال فإن الرجل السياسي مدان حتى تثبت براءته. أقول إن الشعب واع وليس قطيعا من النعاج، والمشكلة الكبيرة هو أن السلطة أصبحت تباع وتشترى، كما أن المال الوسخ استوطن مؤسسات الدولة، وأنا أطرح سؤالا: هل أصبحت رئاسة الجمهورية للبيع؟ أقول لا، لأنها رمز ومؤسسة تابعة للشعب الجزائري وليس لجماعة معينة، ونحن نريد حكم المؤسسات. وفي حال تأكد حدوث تزوير، ماذا ستفعلون؟ نحن نحذر من اغتصاب إرادة الشعب، نحن لا نرضى بأن نأخذ صوتا حراما كما لن نسكت عن صوت حلال أخذ منا، وتقديراتنا تقول إنه يمكننا أن نحقق الفوز في الدور الأول، وهذه تقديرات لا تنم عن زيادة في التفاؤل ولا مبالغة في التوقع، والجزائر سنة 2014 ليس هي الجزائر 1914، وقمنا بسبر للآراء أكد هذه التوقعات علاوة عن التجاوب خلال التجمعات ونسب الإقبال.. إن ما يحدث بناء على الحملة الانتخابية مقلق جدا، في ظل مخاوف التزوير والمقاطعة وما لوحظ من عنف. ومن الناحية التقنية، كيف يمكن منع التزوير وهل أنتم على استعداد لمنعه؟ ندعوا الشعب إلى حماية صناديق الاقتراع ونعمل على أساس أن تكون عملية المراقبة من قبل الشعب عشية عملية الفرز، لأن القانون يسمح لممثل المترشح بأن يتحصل على محضر والمواطنين كذلك، والمحضر يجب أن يعلق بالمكتب وليس بالمركز، لكن هناك قلقا لأن لقاءات قد بدأت مع رؤساء دوائر وولاة قصد منح نسبة معينة للرئيس المترشح. وبالنسبة لمراقبة عملية التصويت، هل لديكم العدد الكافي من المراقبين؟ قد غطينا عملية المراقبة بنسبة عالية جدا، ووزعنا 50 ألف مراقب على المستوى الوطني، ونحن واعون بمهمتنا، وأكرر أن المواطن له الحق في حضور عمليات الفرز وأن يسجل ملاحظاته، وتناهى إلى أسماعنا بأن أمورا تحضر من أجل تغليط الناس في هذا الشق، والقانون يقر بأن يسلم المحضر لممثل المترشح وكذلك للمواطنين. الجزائر: حاوره محمد شراق