سيتم في القريب إطلاق عملية لجرد وتأشير وتثمين عن طريق الإضاءة الخاصة بالمواقع والمعالم الثقافية والمعمارية والتاريخية العريقة المنتشرة عبر وادي ميزاب كما أعلن ل وأج اليوم الخميس مدير الثقافة لولاية غرداية. و ترمي هذه العملية التي خصص لها غلاف مالي بقيمة تتجاوز 30 مليون دج إلى تحديد وإحصاء التراث الثقافي والمعماري والتاريخي الذي تزخر به منطقة ميزاب المصنف ضمن قائمة التراث العالمي للمنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) منذ 1982 كما أوضح مدير القطاع إبراهيم بابا عدون. كما استفادت هذه المنطقة العريقة أيضا من تصنيف ضمن "التراث المحمي" من قبل السلطات العمومية تطبيقا للمرسوم التنفيذي رقم 05/209 المؤرخ في 4 ابريل 2005 كما ذكر المسؤول مشيرا في ذات الوقت أن مخطط حماية وتثمين للقطاع المحمي لسهل ميزاب يوجد قيد الإعداد طبقا لقانون 04/98 الصادر في 15 جويلية 1998 حول التراث بما يسمح بحماية أفضل للممتلكات الثقافية للمنطقة . وستسمح هذه العملية الواسعة النطاق بإعطاء دفع قوي لمسار الجهود الرامية إلى تثمين التراث الذي تنفرد به هذه المنطقة التي تعد بمثابة "الوجهة المفضلة الرئيسية" وبوابة الجنوبالجزائري وملتقى بامتياز للحضارات والثقافات المستدامة كما ذكر مدير الثقافة . و تعد منطقة سهل ميزاب موقعا سياحيا في غاية الأهمية الذي يجمع تراثا معماريا تقليديا فريدا من نوعه وذي مميزات هندسية خاصة بالمنطقة لوحدها وهي تتشكل من خمس قلاع عبارة عن قصور عتيقة ( العطف وبونورة وبني بزقن ومليكة وغرداية ) التي شيدت في القرن العاشر وتقع على بعد 600 كلم جنوبالجزائر العاصمة . وبنيت هذه القصور العريقة وفق تصميم معماري ينسجم مع الحياة والخصوصيات الإجتماعية للسكان المحليين . وتتميز القصور القديمة لسهل ميزاب بكونها تحمل قاسما مشتركا من حيث موقع تشييدها على نتوءات ذات طبيعة صخرية على نحو يجعل منها حصونا عالية تطل على المنحدرات المحيطة بها وفق نظرة ترتكز على معطى الحماية . وتسود هذه الفضاءات المعمارية العريقة تنظيما إجتماعيا محكما وتضم سكانا مستقرين وحضريين في بيوت تنحدر بطريقة هندسية دائرية تحيط بالمئذنة التي هي عبارة عن نواة تتوسط أعلى هيكل المدينة وهي الصورة المعمارية التي توحي لثقافة ترتكز على احترام القيم الدينية وتضمن تعايشا منسجما للسكان . وشكل المشهد المعماري والحضري لقصور وادي ميزاب مصدر إلهام للعديد من المختصين عبر العالم في الهندسة المعمارية والمهتمين بمجالات المحافظة على التراث المادي. و قد سجل سهل ميزاب تراثا عالميا وهو يغطي محيطا قوامه 4.000 هكتار يضم في عمقه بناءات تقليدية وواحات قديمة ونظام تقليدي لسقي البساتين ومعالم ومواقع تاريخية التي يصل عددها إلى أكثر من مائتي موقعا . وقد باشرت السلطات العمومية خلال السنوات الأخيرة عدة عمليات لترميم وتفعيل التراث المادي العريق الذي تشتهر به غرداية بهدف إدماجه ضمن حركية التنمية المستدامة التي تشهدها البلاد. وتوجد حاليا أكثر من أربعين عملية لترميم المعالم التاريخية قيد الدراسة كما أشير إليه . وترمي عمليات الترميم لهذا التراث المادي الذي يشهد بمدى إبداع وعبقرية الأجداد في مجال الهندسة المعمارية وفي الثقافة وفي سقي الأراضي إلى تعزيز فرص بروز سياحة مستدامة محترمة للثقافة المحلية والهوية وناقلة للتنمية .