تميز العرض بتسلسل الأحداث لمعالجة موضوع حرية التعبير محورها صحفي ”عبد الحق” يجد نفسه من نزلاء مستشفى الأمراض العقلية بسبب ثورته ونقده للواقع والمحيط الذي يعيش فيه، وإخضاعه لعلاج مكثف لهدم شخصيته والدخول في صراع مع ذاته مع الأنا لتجاوز النكبة التي حلت به، فيتعرف على من يقاسمه الغرفة ”زازو” الذي دُمرت هو الآخر شخصيته، بعد أن أُرغم على تناول الأقراص المهدئة للأعصاب والمنومة، ليكتشف أنه سيلاقي نفس المصير بدخول عالم المهلوسات. شملت جدلية العرض أيضا الطبيب والممرض اللذين تمكنا من تحطيم شخصية ”زازو” الذي سيتركب جريمة قتل ضحيتها بطل المسرحية عبد الحق رفيق دربه في الغرفة وبيده قميصه الحامل 305، الذي يرمز للثالث من الشهر الخامس من كل سنة تاريخ العيد العلمي لحرية التعبير والصحافة. كتب نص العرض وأخرجه جيلالي لعوفي، مقتبسا من مسرحية الموسيقى ”تلين الطباع” لتوم ستوبارد. ليبقى السؤال مطروحا هل الصحفي خطير إلى هذه الدرجة إن قال الحقيقة ليلقى حتفه على يد الغدر مهما كان نوعها؟ ولو كان مختلا عقليا وخارج إرادته بعد أن أفقدوه وعيه الطبيعي ليتحول إلى أداة جريمة غير مسؤولة؟ للإشارة شهد اليوم الثالث من الفعاليات تقديم عمل مسرحي بعنوان ”صهد” من طرف التعاونية الثقافية ”النبراس” للفنون من ولاية أدرار للمخرج عبد القادر رواحي، عالج فيه ظاهرة التفكك الأسري وعواقبه الوخيمة على استقرار المجتمع، من خلال فتور المشاعر وموت المبادئ الإنسانية وطغيان المادة، ما ولد الصراع. يسرد العرض قصة فتاة تلتقي بأبيها بعد أن طلق أمها وتحول إلى مجرم يرغب في الانتقام من المجتمع، بينما ترك أبناءه عرضة للتيارات الفكرية الهدامة تعبث بهم، ما أدى إلى انحرافهم خصوصا الأولاد، وينتج عن ذلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي وضعف القدرة لدى الفرد على مواجهة المشكلات، وتحوله للبحث عن أيسر الطرق وأسرعها لتحقيق المراد، دون النظر لشرعية الوسيلة المستخدمة في الوصول للهدف. العرض المسرحي محاولة جادة لمسرح الجنوب الذي قال ممثل الفرقة إنه يعرف ”ركودا كبيرا لغياب الاهتمام بهذا الجانب”، خاصة في ظل قلة الإمكانيات وغياب التأطير، إضافة إلى عدم وجود معاهد خاصة وحتى ورشات تكوينية لفائدة شباب المنطقة والمهتمين بهذا المجال.