اعتبر عبد الرحمان مبتول، الأستاذ الجامعي والخبير الدولي في الشؤون الاقتصادية، أن التقرير الختامي الذي أعده صندوق النقد الدولي حول أداء الاقتصاد الوطني خلال سنة 2013، يحمل تحذيرا من مخاطر تراجع محتمل لأسعار المحروقات في الفترة بين 2014 إلى 2017، ما سيؤثر مباشرة على موارد الميزانية وبالذات التحويلات الاجتماعية. وفي تحليله للأبعاد التي يتضمنها التقرير، دعا مبتول إلى وضع نظام عقلاني يضمن استهداف سياسة الدعم الموجه لأسعار عدة قطاعات ومواد، وذلك من خلال إنشاء غرفة وطنية للمقاصة تتمتع باستقلالية. وحذر الخبير من استنزاف الاحتياطات المالية التي تحققت بفضل موارد تصدير المحروقات، التي كما أشار إليه يحتمل أن تستنزف وتنضب في 20 أو 30 سنة القادمة، بينما يرتفع عدد السكان إلى حدود 50 مليون نسمة. وتساءل في تحليله عما إذا كان هناك تفكير حول إعادة صياغة الخيارات، في وقت تتوفر فيه البلاد على احتياطات ب192 مليار دولار إلى نهاية سنة 2013، منها 83 من المائة مودعة بالخارج بنسبة فائدة 3 من المائة وتتعرض لتآكل جراء التضخم العالمي. وأشار إلى أنه وفقا لتقديرات الخبراء، فإن خزينة الدولة تتحمل كلفة عالية بفعل الدعم، كما هو الحال بالنسبة للسكن الاجتماعي، مثلا، الذي يمتص من الخزينة العمومية 30 مليار دينار. ونفس المنحى لمختلف الصيغ الأخرى. وكذا الأمر للدعم الموجه للتشغيل جراء التسهيلات والتحفيزات الموجهة للمؤسسات. ومن أجر ب15 ألف دينار، تساهم المؤسسة في أداءات الضمان الاجتماعي عن قسط ب3 آلاف دينار، بينما تتحمل الدولة النسبة المقدرة للباقي، أي 12 ألف دينار. بالإضافة إلى كلفة الخدمات الأخرى، مثل الأمومة والتقاعد والأمراض والحوادث والعطل المرضية. كما أشار التحدث، إلى ما تلتهمه قطاعات آخرى من خلال الدعم، مثل الصحة والنقل. فبالنسبة للصحة، فإن كلفة يوم واحد إقامة بمستشفى تصل إلى ما بين 7 و12 ألف دينار لشخص واحد، بينما في القطاع الخاص ما بين 15 إلى 20 ألف دينار عن كل يوم. أما الولادة فمن 3٫5 إلى 40 ألف دينار، وعملية قيصرية تكلف على الأقل 70 ألف دينار. أما العمليات الجراحية الدقيقة فتكلف بين 150 إلى 500 ألف دينار، وهي أرقام ضخمة تتحملها الدولة ويستفيد منها الجميع بمن في ذلك ميسورو الحال. نفس الوضع ينطبق على أسعار الوقود والكهرباء، حيث تصنف الجزائر الثالثة عالميا ضمن البلدان الأقل سعراً بعد السعودية وفنزويلا، تليها مصر. ويستند مبتول إلى تصريح المدير العام لشركة توزيع الكهرباء بالقول، إن وحدة كيلوواط في الساعة يكلف 3٫75 دنانير ويباع بسعر 3٫33 دنانير، وتبقى الكلفة أعلى من سعر البيع، مما أدى مباشرة إلى تعرّض سونلغاز لخسارة تعادل 44 مليار دينار وفقا لتقريرها لسنة 2012. كما أنه يذكر ما أفاد به وزير الطاقة من أن دعم أسعار الكهرباء يستمر إلى سنة 2015 وأكثر ما لا يشجع، بحسبه، على إقبال الاستثمار الأجنبي على هذا النشاط. وكمثال للفارق الذي تتحمله خزينة الدولة جراء سياسة الدعم، فإن السعر الحقيقي لرغيف الخبز لا يقل عن 25 دينارا، وجراء دعم مختلف المواد الأساسية، مثل الزيوت والقمح والحليب... فإن الخزينة العمومية تدفع فارقا يتراوح بين 2٫5 إلى 3 ملايير دولار طيلة السنوات الأخيرة، ما يعادل بين 3 إلى 5 من المائة من إجمالي الدخل الوارد من تصدير المحروقات سنويا.