نصبت أحزاب سياسية وشخصيات وطنية، أمس، “هيئة التشاور والمتابعة”، تنفيذا لتوصيات ندوة الانتقال الديمقراطي. وتميز الاجتماع بغياب رئيسي الحكومة السابقين مولود حمروش وسيد أحمد غزالي، في حين كان لافتا للانتباه حضور القياديين في الفيس المحل كمال ڤمازي وعلي جدي، إلى مقر خصمهما الإيديولوجي الأرسيدي، واعتذار الأفافاس في آخر لحظة عن تلبية الدعوة. استجابت أحزاب سياسية وشخصيات، لنداء تنسيقية الانتقال الديمقراطي، في التأسيس لهيئة “التشاور والمتابعة”. واستقر العدد النهائي للشخصيات التي تتكون منها على 25 بحجم الحضور في الاجتماع مع إمكانية توسيعها للشخصيات الراغبة في الانضمام مستقبلا. وأبدى الحاضرون وفق ما استقي من داخل الاجتماع المغلق داخل مقر الأرسيدي، “توافقهم التام على ضرورة العمل المشترك”. وحضر الاجتماع ثلاثة من رؤساء الحكومة السابقين، هم علي بن فليس، ومقداد سيفي وأحمد بن بيتور الذي شارك بمعية رؤساء التنسيقية، محسن بلعباس، عبد الرزاق مقري، جيلالي سفيان، محمد ذويبي، باستثناء عبد الله جاب الله الذي أوفد عمر خبابة ممثلا عنه. واصطحب علي بن فليس أربعة من رؤساء أحزاب قطب التغيير، هم الطاهر بن بعيبش وجمال بن عبد السلام وجهيد يونسي ونور الدين بحبوح. وعن الأكاديميين، شارك ناصر جابي، إلى جانب الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي والمحلل السياسي والأمني أحمد عظيمي، والحقوقي مصطفى بوشاشي، والباحث محمن أرزقي فراد والكاتب الصحفي سعد بوعقبة. كما حضر رئيس المجلس الشعبي سابقا، كريم يونس، بعد غيابه الطويل عن المعترك السياسي وانهماكه في العمل البحثي التاريخي. وفي البيان الختامي الذي صدر عن الاجتماع، ثمّن الحاضرون “ترحيب الشعب الجزائري بمبادرة الانتقال الديمقراطي”، وأعلنوا “تأسيس هيئة التشاور والمتابعة، ووضع قانون داخلي لها وبرنامج للأشهر القادمة”. وأبرزت مصادر “الخبر” أن “آليات العمل داخل هيئة التشاور والمتابعة سيحددها قانون داخلي سيتم إعداده لاحقا”. واتفق الحاضرون على “تركيز العمل في الفترة القادمة ميدانيا، من خلال إقامة التجمعات والمهرجانات قصد الاقتراب أكثر من الشعب وإقناعه بضرورة تبني خيار الانتقال الديمقراطي”. وخلال الاجتماع، أوضح علي بن فليس أن “أولى مهام ومسؤوليات العارضة، في نظري، هي إعداد مشروع تصور مشترك لإخراج بلادنا من الأزمة السياسية التي تواجهها”. وألح بن فليس على ضرورة أن “يوكل لهيئة التنسيق والمتابعة إعداد نظام داخلي للمعارضة الوطنية الموحدة دون المساس بالحقوق والحريات الطبيعية التي يتمتع بها كل كيان سياسي أو بهويته السياسية”. وساد اللقاء هدوء كبير كان أقرب إلى الرتابة، عكس الصخب المعروف عادة عن النشاطات السياسية. ورأى أعضاء في التنسيقية أن ذلك طبيعي بالنظر إلى أن الاجتماع تقني يبحث تنصيب هيئة تجمع أقطاب المعارضة، ولم يكن منظموه يبحثون عن تحقيق صدى سياسي واسع من ورائه، مثلما حدث في ندوة مزافران التي اختير لتنظيمها خيمة كبيرة ودعي إليها أكثر من 600 شخص. وكان منظر دخول القياديين في الفيس المحل، كمال ڤمازي وعلي جدي، إلى مقر الأرسيدي الأكثر لفتا للانتباه. ودفع الفضول الصحفيين إلى سؤالهما عن سر هذا التقارب مع حزب كان بالأمس يعتبر من أشد الخصوم العقائديين لمناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ. فرد كمال ڤمازي قائلا: “لا شك أن هذا تطور إيجابي، ونحن منفتحون على كل المشارب السياسية”، مستشهدا بلقاء تاريخي جمع “عبد القادر حشاني مع عبد الحميد مهري وحسين آيت أحمد”. وظل الاجتماع مغلقا، يقطعه من حين لآخر، خروج بعض الشخصيات لأداء صلاة العصر. وبقي التساؤل إن كان الهدوء الذي ساد أجواء اللقاء، هو ذلك الهدوء الذي يقال إنه يسبق أجواء العاصفة!؟ لاسيما وأن “عاصفة” التغيير التي تراهن عليها المعارضة لن تتحقق وفق مراقبين إلا بالعمل الميداني الحقيقي، بعد أن وضعت أسسها النظرية في العمل المشترك. الأفافاس يرفض المشاركة ويفضل بدلا عنها اللقاءات الثنائية أفاد حزب جبهة القوى الاشتراكية بأنه “لا يرغب حاليا في الانضمام لهيئة التشاور والمتابعة”. وذلك في معرض رده على دعوة تلقاها أمس الأول من تنسيقية الانتقال الديمقراطي للمشاركة في اجتماع أقطاب المعارضة. وأوضح حزب جبهة القوى الاشتراكية، في بيان له أمس، أنه يفضل حاليا “إقامة علاقات ثنائية مع القوى السياسية والاجتماعية، توخيا لإقامة ندوة الإجماع الوطني قبل نهاية السنة”. وأبرز الأفافاس أن ذلك يأتي “تطبيقا لمقررات المؤتمر الخامس الذي يهدف إلى إعادة بناء الإجماع الوطني. وقد تبنى المؤتمر ورقة طريق في هذا الإطار”. وكشف بيان الأفافاس أنه تلقى دعوة المشاركة أمس الأول، في تنصيب هيئة التشاور والمتابعة. وذكّر الأفافاس بمشاركته في الندوة الأولى لتنسيقية الانتقال الديمقراطي، يوم 10 جوان 2014، تعبيرا منه “عن روح الإجماع وعرض نظرته لمخرج ديمقراطي وهادئ للأزمة التي تمر بالبلاد”. وقال الحزب في البيان الذي وقعه سكرتيره الأول، محمد نبو، إنه “يواصل باهتمام واحترام متابعة مبادرات تنسيقية الانتقال الديمقراطي”.