يبدو أن أسعار البترول قد تستقر في حدود تتراوح ما بين 98 و99 دولارا للبرميل في الفترة المقبلة، حسب تقديرات الخبراء، رغم فترة الشتاء وتوقّع إعادة تشكيل الاحتياطي، خاصة لتدعيم استهلاك وقود التدفئة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية. بالرغم من إعلان الأمين العام لمنظمة الدول المصدّرة للنفط “أوبك” بإمكانية أن تقوم المنظمة بتخفيض عرضها بحوالي 500 ألف برميل يوميا في غضون السنة المقبلة، إلا أن هذه الكمية ليست كافية نظرا إلى تجاوز المنظمة بكثير لسقف إنتاجها الذي فاق 1.5 مليون برميل يوميا على الأقل. وتتأرجح أسعار النفط بالنسبة لمؤشر برنت بحر الشمال حاليا بين 97.5 و98.7، وهو مستوى يقلّ بحوالي 6 إلى 7 دولارات عن المعدلات السابقة. ولم تتدعّم الأسعار رغم الكشف عن العمليات العسكرية في العراق والتي تستهدف تنظيم “داعش”، ونفس الأمر ينطبق على سعر البترول في بورصة نيويورك، حيث يظل يتراوح ما بين 92.5 و93.5 دولار للبرميل. ويظل الوضع الاقتصادي في العديد من البلدان الصناعية والصاعدة يؤثر على مستوى الطلب العالمي على النفط، وبالتالي على الاستهلاك والأسعار،كما أن هذا الوضع يساهم في تباطؤ نشاطات مصانع التكرير ومن ثمّ تقليص إمدادات النفط الخام خلال الثلاثي المقبل. ومن بين المؤشرات المقلقة الناتجة عن تقلبات أسعار البترول ولكن أيضا المسار الذي اتخذته الأسعار من قبل، تسجيل ارتفاع في سعر تكلفة البرميل وفي سعر توازن ميزانيات معظم البلدان المصدّرة للنفط، من بينها الجزائر، فقد قدّر صندوق النقد الدولي سعر تكلفة البرميل من النفط وسعر التوازن في المملكة العربية السعودية بحوالي 90 دولارا ويقدّر السعر وفقا لمستوى النفقات وحجم الموازنة، ويرتقب أن يتجاوز سقف 90 دولارا للبرميل بالنسبة للمملكة العربية السعودية في غضون 2015 حسب تقديرات هيئة بروتون وودز وهي أكبر وأهم البلدان المصدّرة للنفط في المنطقة بمعدلات تتراوح ما بين 8و9 مليون برميل يوميا. أما بالنسبة للجزائر، فإن معدل التوازن يصل 100 دولار للبرميل. ومن العوامل المؤثرة أيضا في أسعار البترول الارتفاع المسجل في سعر صرف الدولار. ورغم أن هذا العامل من الناحية النظرية يعني تعويضا لبعض الخسائر المسجلة في السعر، حيث أن ارتفاع الدولار يعني جعل بيع الخام المقيّد بالعملة الأمريكية أعلى، لكنه أيضا يدفعه لأن يكون أقل جاذبية بالنسبة لكافة الدول التي تتعامل بعملات أخرى غير الدولار، كما أن خسائر الانخفاض أكبر بكثير من أن تعوّضها تقلّبات سعر صرف الدولار في ظل توفر العرض وضعف الطلب العالمي وبروز منافسة شديدة انعكست سلبا على الطلب على النفط الخفيف أيضا الذي ينتمي إليه “صحاري بلند” الجزائري الذي يعتبر من بين أبرز النفوط الخفيفة في السوق. ووفقا للمعطيات المسجلة في السوق، فإن سعر البرميل فقد قرابة 15 في المائة في لندنونيويورك منذ جوان إلى سبتمبر وهي نسبة معتبرة إذا ما قيست بالتقلّبات السابقة التي عرفها برميل النفط، ولم تنفع تصريحات “أوبك” المطمئنة هذه المرة في إحداث رد فعل سريع في الأسواق.