اعتبر الشيخ حسّان موسى، نائب رئيس المجلس السويدي للإفتاء، أنّ “داعش” يُعَدّ ظاهرة خطيرة جدّا على الإسلام والمسلمين، موضّحًا أن هذا التنظيم “يقدِّم صورة سيّئة عن القيم السّامية والحضارية الّتي دعَا إليها رسول الرّحمة صلّى اللّه عليه وسلّم”. وأكّد، في حوار خصّ به “الخبر”، أنّ الغرض من تأسيس “داعش” هو “تشويه صورة الإسلام والمسلمين وإعطاء صورة نمطية تقدّم المسلم على أنّه مَصّاص للدّماء وجازر للرؤوس وباقر للبطون وقاطع للطّريق وكاره للإنسانية وللقيم الإنسانية وللآخر”. ودقّ الشيخ ناقوس الخطر على الجهاديين المنتمين لهذا التنظيم والعائدين إلى بلدانهم الأوروبية، وقال: “سوف يكونون قنابل موقوتة، وسيقومون بأعمال إرهابية وتخريبية، وسيعطون المبرّر لبعض البرلمانات لسنّ تشريعات للتّضييق على الوجود الإسلامي وعلى الإسلام في الغرب”. هل توافق تشبيه البعض ل«داعش” بالخوراج؟ يؤسفني أن أقول إنّ هؤلاء لا صلة لهم بالخوارج، بل الخوارج كانوا أكثر منهم تقوى وزُهدًا ووَرعا وقُربًا إلى اللّه تعالى. وتسميتهم بالخوراج هي إساءة إلى الخوارج الّذين منهم العلماء والزُّهّاد والتّابعون. بل هؤلاء هم أشرّ خلق اللّه، وأشرّ ما عرفته البشرية. لقد نجحوا في خدمة واحدة وإساءة واحدة وراية واحدة هي راية الإساءة إلى دين اللّه عزّ وجلّ. لقد قدّموا الإسلام بعد أن اختطفوه بصورة بشعة، فقد قدّموا جزر الرؤوس وبقر البطون. لقد قدّموا هذا الدّين العظيم ووظّفوا هذا الإسلام الحنيف توظيفًا سيّئًا دنيئًا ركيكًا، من خلال عمليات مخابراتية واستخباراتية عالمية، ومن خلال بعض الدول الإقليمية الّتي تدّعي أنّها تحارب الإرهاب، وتدّعي أنّها ضدّ التكفيريين وهي تتبنّى هذا التنظيم الّذي لم يطلق رصاصة في بيتها ولم يتّجه لمحاربتها، وإنّما أشهر سيفه إلى أهل السّنّة والجماعة، ثمّ بعد ذلك ذهب إلى المواطنين المُستأمنين من المسيحيين واليزيديين الّذين سبقوا الإسلام في تلك الدّيار، فقدّموا أنموذجًا لعدم التّسامح والتّعايش والحوار، ثمّ قاموا بحزّ رؤوس إعلاميين فأصبحنا لا نستطيع أن نُدافع عن الإسلام في الغرب. فماذا نقول للغربيين بعد كلّ هذا؟! ألا تعتقد أنّ ما تقوم به “داعش” يخدم المصالح الغربية في المنطقة؟ لا شك أنّ هذه الظاهرة الشاذة وغير الإسلامية، الّتي نشأت في أرض العراق أرض بلاد الرافدين وفي أرض الشام أرض المحشر والمنشر، تُعَدّ ظاهرة خطيرة جدّا على الإسلام والمسلمين، وهي تقدّم صورة سيّئة عن القيم السّامية والحضارية الّتي دعَا إليها رسول الرّحمة صلّى اللّه عليه وسلّم. وفي الوقت الّذي يقول اللّه عزّ وجلّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} يأتي المدعو أبو بكر البغدادي ليقول: “وصَلُّوا على المبعوث بالسّيف”، وفي ذلك إشارة سيّئة إلى أنّ الإسلام دين سفك دماء وجزر للرؤوس وبقر للبطون. وكأنّ هذا الدّين الّذي جاء للبشرية جمعاء نقيًا صافيًا كالمَحجّة البيضاء لينشر الهدي والهداية وينشر الخير والوئاء والسّلام والمحبّة ويعيش النّاس في هذا الكون إخوة في الإنسانية وإخوة في التراب وإخوة في العقيدة، جعله هذا الرجل بخطابه يدعو إلى قطع الرؤوس وإلى بقر البطون وإلى الثأر وإلى نشر ثقافة الحقد والكراهية. ولاشك أنّ الإسلام اختُطف من قِبل هذه الظاهرة. الإسلام الآن مُختطف حقيقة من قِبل هؤلاء في إطار لعبة دولية قادتها بعض أجهزة الاستخبارات العالمية والإقليمية. وحاول بعض خصوم الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إبراز هذه الظاهرة السّلبية، كما حاولوا إعطاء زخم إعلامي كبير وزيادة توضيح لتلك الصّور البشعة. ما الغرض من ذلك؟ كلّ ذلك لغرض واحد، وهو تشويه صورة الإسلام والمسلمين وإعطاء صورة نمطية تقدّم المسلم على أنّه مَصّاص للدّماء وجازر للرؤوس وباقر للبطون وقاطع للطّريق وكاره للإنسانية وللقيم الإنسانية وللآخر، ولا يعشق إلاّ ذلك الفعل الشّنيع، وهو الدموع والدماء والأشلاء. إنّها صورة بشعة بكلّ الأوصاف والمواصفات، لا يمكن أن تكون إلاّ رِدَّة تعمَل على ردّة واضحة اتجاه الإسلام. فبعد أن بدأ الوجود الإسلامي في الغرب يتحقّق، وبعد أن انتقلنا من التّوطين إلى المواطنة، وبعد أن بدأنا نتجاوز إرهاصات وإكراهات وتداعيات أحداث 11 سبتمبر، يأتي هذا التنظيم الأشرّ لينقل هذه الصّورة السيّئة عن الإسلام والمسلمين. البعض يصف “داعش” ب«جيا الجزائر”، ما تعليقكم على ذلك؟ هم قد تشابهوا في الأوصاف وفي الأفعال وفي الممارسات. هم في الظاهر دعاة ولكنّهم قُطّاع طرق ولصوص دعوة. فأقوالهم تدعو النّاس إلى الجنّة، لكن أفعالهم تقول لا تصدّقوهم. إنّهم قتلة وسفّاكون للدّماء. إنّهم لا يحسنون إلاّ جزّ الرؤوس وبقر البطون. هم يكرهون الآخر ويرفضونه. وهل لديهم مرجعيات دينية مثلاً؟ ليس لديهم مرجعيات فقهية ولا علمية ولا شرعية. مرجعيتهم هو الهوى والتلبُّس ببعض الشُّبهات، بتجزئة بعض النّصوص وليّ أعناقها. هو هوى الشّيطان الّذي تلبَّس الكثير منهم فأصبحوا لا يميّزون بين الحقّ والباطل، بين الحقّ والحقيقة. لا يميّزون بين مُعَاهِد أو مَسْتَأمَن أو مواطن، فالنّاس سواء عندهم. القتل هو شعارهم والتّدمير هو دِثارُهم، والإساءة إلى الإسلام هي الصّفة التي لازمتهم في أفعالهم. ما رأيكم في السكوت عمّا يفعله هذا التنظيم؟ ❊ لم يعدّ مقبول السكوت عن هذا الأمر أو الخوف من هؤلاء المجرمين، ونحن نشاهد المسلمين والأخوة المسيحيين واليزيديين تُجزّ رؤوسهم وتبقر بطونهم وتدمّر بيوتهم وتنتهك أعراضهم باسم الإسلام. إنها بربرية، إنه إرهاب، إنه اختطاف للإسلام من قِبل شذاذ الفكر والسلوك والممارسة. وأطالب بالعمل على إعادة هؤلاء الشباب المُغرَّر بهم من هناك ووضع برامج تثقيفية ودينية لهم ومحاضن اجتماعية ونفسية لبيان فساد ما يحملون من أفكار إجرامية وتكفيرية. وهذا الأمر تحدثتُ فيه منذ بداية الأزمة السورية، والآن أكرّر الكلام نفسه بأنّه لابدّ من عمل إسلامي موحّد وجاد لاستئصال الفكر التكفيري الإجرامي، لأنّه يشكّل خطرًا على الإسلام والمسلمين وأتباع الديانات والإنسانية جمعاء على حدّ سواء. أغلب منتسبي “داعش” من الدول الغربية، ما مصلحتها في دعم هذا التنظيم؟ في بداية أحداث العراق والشام تواصلتُ مع الكثير من الأطراف، فاكتشفتُ أنّ بعض الأجهزة الأمنية في أوروبا الغربية، ومن بينها السويد، يعلمون بسفر هؤلاء ويتواصلون معهم قبل السفر. وقد أخبرني أحد الصحفيين الثقات في السويد بهذه المعلومة، فاندهشتُ، وتواصلت مع بعض الجهات وأخبرتهم بهذا الأمر، فكان الردّ من بعض الأطراف الدبلوماسية والسياسية أنّه لا توجد قوانين تمنَع هؤلاء من السّفر، ولا يوجد هناك أيّ مانع أو أيّ حاجز يمنعهم، كما أنّهم لا يستطيعون إيقافهم ولا منعهم لأنّه لا توجد تشريعات لذلك الأمر. ثمّ نقلتُ هذه التساؤلات لبعض السفراء العرب والمسلمين متسائلاً: هؤلاء سوف يذهبون، فمنهم مَن يُقتل ومنهم مَن سيعود. فالّذين يُقتلون قد يُفهَم على أنّ هذه الأجهزة الأمنية قد تَخلّصت منهم في محرقة الشام والعراق، لكن ما هو مصير العائدين منهم؟ والسّؤال إذا فسّرناه بالتّفسير التآمري فهو الأقرب إليّ في هذا الموضوع؛ أنّهم سوف يكونون قنابل موقوتة، سوف يقومون بأعمال إرهابية وتخريبية تُعطي المبرر لبعض البرلمانات ولبعض الأطراف لسنّ تشريعات للتّضييق على الوجود الإسلامي وعلى الإسلام، كما أنّها سوف تكون مبررا لزحف اليمين المتطرف النازي على المجالس والبرلمانية، وسوف تكون معادلتهم: “إمّا اليمين المتطرف أو الإرهاب”. ما الخطوات النّاجعة، في اعتقادكم، لمواجهة هذا التنظيم؟ لقد آن الأوان للمؤسسات الإسلامية الأوروبية والعالمية أن ترفع صوتها عاليًا، وأن تجهر بالقول بأن “داعش”، ومن يدور في فلكها أو يتبنّى منهجها أو يدافع عن أفكارها، هو أشرّ على الإسلام من أعداء الاسلام. وأعتقد أنّه لابد أن نجمع بين السياسة الأمنية والسياسة الثقافية، لأنّنا لا نريد أن يكون الحل أمنيا فقط، بل أن يكون أوّلًا حلاً ثقافيًا، من خلال نشر ثقافة التّسامح والتّعايش وقيم الحوار، ومراجعة المناهج التعليمية وبيان محاسن الإسلام، والتّفريق بين جهاد الدّفع وجهاد الطّلب وبين ما هو جائز وما هو ممنوع، ومتَى يكون ومتى لا يكون، وإلى غير ذلك من الموضوعات. ولابدّ من استعمال كلّ الوسائل الإعلامية، وخاصة الوسائط الّتي يعتمد عليها هؤلاء الشّباب كالأنترنت، وخاصة التويتر والفايسبوك وبعض المواقع، وذلك بنشر الكثير من المفاهيم الإسلامية وتصحيح بعض الأخطاء ودرء ودفع بعض الشُّبهات إلى البيان والتّوضيح. كما أنّها كذلك بحاجة إلى تنشيط دور المسجد وبيان رسالة المسجد ورسالة الإمام الّتي يجب أن تتحوّل إلى عنصر يكرّس الأمن والاستقرار في المجتمع ويدعو إلى الوحدة وتقليص الفجوة بين الحاكم والمحكوم، بعيدًا عن التّطبيل أو التّمجيد أو التّهويل أو التّهوين، وإنّما من خلال نشر ثقافة التّعاون والتّعايش. ويجب علينا أن نستعمل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لتوجيه الشّباب وإرشادهم، من خلال برامج حوارية وروبورتاجات وكشف بعض الحقائق وبيان بعض الشّبهات وتوضيح بعض المفاهيم، من قِبل علماء أجلاء لا ينتمون إلى طرف ولا يُحكمون من طرف وإنّما هم علماء أحرار في القول والفعل، لكن لهم مكانة علمية ويُشهَد لهم بالقبول الحسن وبالسّلوك المستقيم وبسلامة المعتقد. كما أنّنا بحاجة إلى أن تقوم الأسرة بالمسؤولية الّتي يجب عليها أن تقوم بها، وهي مسؤولية المتابعة والرّعاية والتّوجيه والإرشاد، لأنّنا لا نريد أن تكون أسرنا مثل أرحال تُرسل ومناطق ملتهبة يحترق أبناؤنا بنار الإرهاب والدّمار. تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” في سطور الدولة الإسلامية في العراق والشام، والمعروفة اختصارًا ب«داعش”، والّتي تسمّي نفسها الآن الدولة الإسلامية فقط، تنظيم دموي مسلّح، يُوصف بالإرهاب، يتبنّى الفكر السلفي الجهادي، ويهدف أعضاؤه- حسب اعتقادهم- إلى إعادة “الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة”. ينتشر في العراقوسوريا، وزعيمه هو أبو بكر البغدادي. انبثقت “داعش” من تنظيم القاعدة (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) والمعروفة أكثر باسم تنظيم القاعدة في العراق وهي التي شكّلها أبو مصعب الزرقاوي في عام 2004، الذي كان قد شارك في قوات المقاومة ضدّ قوات الولاياتالمتحدة وحلفائها العراقيين في أعقاب غزو العراق عام 2003. وخلال 2003-2011 في حرب العراق، وذلك جنبًا إلى جنب مع غيرها من الجماعات السنية المسلّحة قد تشكّل مجلس شورى المجاهدين التي مهّدَت أكثر لدولة العراق الإسلامية. مناطق التواجد في العراقوسوريا العراق: تشمل سيطرة قوات التنظيم على مساحات محدودة في المحافظاتالعراقية. وتغطّي الهجمات التي تشنّها كلّ الأراضي العراقية. ولكن تعتبر المحافظات السنية الست أو ما يعرف بالمثلث السنّي هى مراكز تواجد الدولة الإسلامية في العراق. سوريا: تتواجد الدولة الإسلامية وتسيطر على مناطق في محافظات الرقة وحلب وريف اللاذقية ودمشق وريفها ودير الزور وحمص وحماة والحسكة وإدلب ويتفاوت واللاذقية. أهم الأحداث في 2014 07 مارس: السعودية تصنّف “داعش” كجماعة إرهابية. 10 جوان: مسلحو تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام في العراق” يسيطرون على محافظة نينوى. 17 جوان: “الدولة الإسلامية” تسيطر على حقل “الشاعر” للغاز الطبيعي في حمص. 25 جويلية: سيطرة “الدولة الإسلامية في العراق والشام” على مقر الفرقة 17 بعد اشتباكات عنيفة. 07 أوت: سيطرة “الدولة الإسلامية” على اللواء 93 بالكامل بعد اشتباكات مع قوات النظام. 08 أوت: سيطرة الدولة الإسلامية على مطار الطبقة العسكري بالكامل بعد اشتباكات مع قوات النظام. إعلان الخلافة أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” بتاريخ 29 جوان 2014 عن الخلافة الإسلامية ومبايعة أبي بكر البغدادي خليفة للمسلمين. وقال الناطق الرسمي باسم “الدولة”، أبو محمد العدناني، إنه تم إلغاء اسمي العراق والشام من مسمّى الدولة، وأن مقاتليها أزالوا الحدود التي وصفها بالصنم، وأن الاسم الحالي سيُلغى ليحلّ بدلاً منه اسم “الدولة الإسلامية” فقط. قواتها العسكرية يمتلك تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” العديد من الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة والسيارات الرباعية الدفع والأسلحة المتنوعة، التي حصلت عليها من الجيش العراقي والجيش السوري. وحاربت سابقا الجيشين الأمريكي والبريطاني في العراق، وميليشيات وقطاع طرق (التي ظهرت بعد سقوط بغداد). وتحارب حاليًا القوات المسلحة العراقية، والشرطة العراقية، وقوات الصحوة العراقية، وقوات البشمركة، والقوات المسلحة السورية، والميليشيات الشيعية المتنوعة في العراق كعصائب أهل الحق وجيش المهدي وحزب اللّه العراقي، وحزب اللّه اللبناني والحرس الثوري الإيراني وحزب العمال الكردستاني والجيش الحر السوري وجبهة النصرة وغيرها. القصف الجوي في 23 سبتمبر 2014، بدأت العمليات العسكرية الأولى ضدّ التنظيم، حين قامت قوات التحالف، بقيادة الولاياتالمتحدة وبدعم من السعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن، بأوّل الهجمات الجوية في سورياوالعراق. واستمر القصف للأيّام التالية، وقامت المقاتلات السعودية والإماراتية بتنفيذ 80% من القصف. وفي 26 سبتمبر 2014، وافق البرلمان البريطاني على توجيه ضربات جوية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق. الوكالات