صباح الخير أستاذ بوعقبة كم كنت دقيقا في تشخيصك، ولكن من سيهتم به.. حقا، في هذا البلد صاحب الثقة أهم من صاحب الكفاءة، كما أن أصحاب النسب والتاريخ والمال أهم من أصحاب الكفاءة، هذا أصبح مكونا من مكونات الثقافة السياسية في الجزائر. لكن الأخ سعد: ما فائدة تقييم حكم بعد أن يمضي صاحبه إلى ربه حيث هناك من يقيّم أحسن مني ومنك ومن كل البشر؟ لقد تفوّق علينا الغرب والعجم عندما أخذوا بالتقييم الدنيوي وتركوا التقييم الأخروي لصاحب العزة والجبروت، هل نحن نريد منافسة الرب في اختصاصه الذي هو فوق طاقتنا، ونترك اختصاصنا الذي هو في مقدرتنا، ولكن مع ذلك نحن عاجزون عن ممارسته، كما هو عاجز البرلمان عن ممارسة وظائفه الثلاث (التمثيلية والتشريعية والرقابية)، لأنه بكل بساطة لم يتمكن من ذلك عمليا، رغم أن الدستور منحه تلك الاختصاصات. ما فائدة تقييم سياسة بومدين أو الشادلي إذا لم نكن مؤهلين لأخذ العبر والدروس، بل فقط مستعدون للنكران والدوس. فبومدين، رغم ما يقال عن حكمه من سلبيات، وزروال رغم ما يعاب عليه من عدم تحكمه في السياسة، إلا أنهما من خيرة أبناء الجزائر. نتمنى من بوتفليقة أن يصحح الأوضاع قبل فوات الأوان حتى يدخل التاريخ الناصع مثلهما. هل يستطيع بوتفليقة فعل ذلك حتى في الوقت بدل الضائع، حسب أهل الرياضة؟ الرجاء نشر التعليق لكونه لا يجرح أحدا، ولأنه حق من حقوقي كمواطن، وعدم نشره هو إنكار لحرية الرأي والتعبير بامتياز وشكرا.. الدكتور: غضبان مبروك - باتنة يا دكتور ليتك كنت جارحا كاسرا “ما الجرح يميت إيلاما”! أذكر لك حادثة عشتها صحفيا شابا في بداية السبعينات، توضح لك وللقراء كيف كان المرحوم بومدين يراقب تطبيق مبدأ “القانون فوق الجميع”. عقد رحمه الله جلسة عمل مع الولاة وأعضاء اللجنة الوطنية للثورة الزراعية، واستمع مع الوزراء المعنيين (المالية والفلاحة) إلى تقارير الولاة حول تطبيق قانون تحديد الملكية في إطار الثورة الزراعية.. وعندما أنهى والي قسنطينة تقريره.. أخرج بومدين ورقة زرقاء من ملفه وسأل الوالي: قائلا: “لماذا يا الأخ الوالي لم تطبّق كما يجب قانون الثورة الزراعية بخصوص تحديد الملكية في بلدية ميلة؟!”. فتنبه الوالي لما قام به وقال للرئيس بومدين: “الأمر يتعلق بحالة واحدة هي للمجاهد بوالصوف، حيث لم نطبق عليه القانون”،! فقال له بومدين: الجهاد لا يعطي الناس الحق في أن يكونوا فوق القانون! ماذا يكون موقف المواطنين الآخرين عندما يعرفون هذا الاستثناء الذي هو من اجتهادك؟! وواضح أن المعلومة التي وصلت الرئيس عن تصرف الوالي كانت مصالح الأمن العسكري هي التي نقلتها لبومدين... ومعنى هذا أن كل الأجهزة كانت تقوم بدورها في محاربة الفساد والمفسدين، ولذلك كان هدر المال العام في عهد بومدين لا يكاد يذكر. وإن نسيت فإنني لن أنسى أنني شاهدت في أكاديمية شرشال شقيق المرحوم مدغري يجتاز الخدمة الوطنية مثلنا... عندما يحضر أخوه عضو مجلس الثورة إلى الأكاديمية لرؤية أخيه، لأنه ممنوع من الخروج مثلنا مدة 45 يوما الأولى في التدريب، ويقوم حرس الأكاديمية بعزف الموسيقى العسكرية لوزير الداخلية ويقدمون له السلاح.. ولكن عندما يغادر الأكاديمية يتعرض أخوه المجند في إطار الخدمة الوطنية إلى أقصى التدريب كالزحف وتعمير ظهره بالحجارة! ما أحلى الظلم عندما يمارس بعدل؟!