يتوجه الوزير الأول، عبد المالك سلال، إلى باريس رفقة أكبر وفد وزاري يزور فرنسا منذ سنوات، كانعكاس على تقارب على محور الجزائرباريس على المستويين السياسي والاقتصادي، ويشارك سلال الذي يرتقب استقباله في قصر الإليزيه من قبل الرئيس فرانسوا هولاند، رفقة ما لا يقل عن عشر وزراء في اجتماع اللجنة الحكومية السامية الجزائرية الفرنسية، والتي يتضمن جدول أعمالها حوالي 21 ملفا ومشروعا، مع ارتقاب الاتفاق على 10 إلى 12 في عدة مجالات تشمل الصناعة والصحة والتعليم. وأشار مصدر مطلع ل” الخبر” أن السلطات الجزائرية ترغب في ضمان سلال لتجسيد كافة البرامج على المستوى الخارجي، لاسيما تلك المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية الثنائية، وعليه، فإن سلال، سيزور عددا من الدول خلال الفترة المقبلة، من بينها فرنسا أولا، ثم بريطانيا في 10 ديسمبر، فالبرتغال، حيث تأخذ الزيارات طابعا اقتصاديا ولكن بخلفيات سياسية أيضا. وتعرف العلاقات الثنائية منذ زيارة فرانسوا هولاند لجزائر في ديسمبر 2012، تقاربا سياسيا وأمنيا واقتصاديا، رغبة من باريس في التموقع والإبقاء على مصالحها، مع إبراز توجهات جديدة على المستوى الاقتصادي تلبية لدعوات ومطالب جزائرية، في وقت تظل فيه الجزائر من بين أهم الأسواق والمنافذ للشركات الفرنسية في المنطقة الإفريقية، حيث قارب حجم المبادلات التجارية بين الجانبين في السنة الماضية 13 مليار دولار “6.74 مليار دولار صادرات جزائرية لفرنسا” و” 6.25 مليار دولار واردات من فرنسا” بميزان تجاري لفائدة الجزائر بعد أن كان لسنوات لغير صالحها. في نفس السياق، عرفت العلاقات البينية تطورا على خلفية تعيين مسهل للاستثمارات الفرنسية في الجزائر في 2009، ممثلا في جون بيار رافارين، والذي تم تعويضه هذه السنة بجون لويس بيانكو، حيث تمت تسوية أهم الملفات المسطرة بين الجانبين، كان آخرها افتتاح مصنع تركيب سيارة رونو سامبول الجديدة بواد تليلات بوهران، قبل انعقاد اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية “كوميفا” في 10 نوفمبر الجاري. وينتظر أن يتم التمهيد للمشاريع المرتقب الاتفاق عليها بزيارة يقوم بها خليفة رافارين إلى الجزائر، وتشمل الملفات مشاريع صناعية من بينها تركيب الحوامات أو الطائرات المروحية الموجهة لأغراض متعددة والتي تضمن تصنيعها “آرباص هيليكوبتر”، المعروفة سابقا ب”أوروكوبتر” والتي زودت الجزائر سابقا بحوامات من طراز “إيكوراي” لفائدة مصالح الأمن والحماية المدنية والجمارك، ويعتبر السوق الجزائري من أهم أسواقها، ويعود مشروع الشركة إلى 2012، أين أبدت اهتماما بالوجهة الجزائرية بعد أن أقامت مكتبا تمثيليا بها، كما يتم ترسيم مشروع تركيب القاطرات الخاص بألستوم بعنابة، والموجهة لمشاريع التراموي، حيث نجحت ألستوم في افتكاك عدة مشاريع منها. ويضاف إلى ذلك اتفاقية تخص “إير ليكيد” لإنتاج الغاز الصناعي بعنابة، كما ينتظر تجسيد المشاريع المسطرة مثل مشروع “صانوفي” لصناعة الأدوية بسيدي عبد الله ومشاريع أخرى لمجموعات فرنسية في المجال الصناعي، فضلا عن مجالات التعليم والصحة. ويبدو أن باريس راغبة في اعتماد مقاربة جديدة تضمن أكبر المكاسب الاقتصادية لفائدة مؤسساتها، مع تجسيد نشاطات صناعية أولية دون تحويل النشاط الأصلي واعتماد التدرج في نسبة الإدماج، على غرار مشاريع رونو وألستوم، حيث أبقت فرنسا على نشاطها وبالتالي مناصب عمل وحداتها وقامت بتصدير أجزاء من سيارة داسيا لوغان المركبة في رومانيا، مع تدرج نسبة الإدماج عن الجانب الجزائري، بالمقابل سعت باريس إلى إقناع الطرف الجزائري بالمساهمة في حيازة شركات فرنسية لإنقاذها، وتقوم أيضا بضمان توسيع شبكة المؤسسات الفاعلة في السوق الجزائري. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا تمتلك 450 مؤسسة في الجزائر بمعدل توظيف عام يصل قرابة 40 ألف منصب عمل، واستثمارات تقدر بحوالي ملياري أورو، إلا أن المنافسة أضحت شديدة، وإن استفادت الشركات الفرنسية من عقود تفويض تسيير في العديد من القطاعات الاستراتيجية مثل المياه وتسيير المطارات والنقل والإشهار وغيرها. وترغب باريس في إبداء حسن نواياها، من خلال تجسيد مشاريع صناعية واستثمارات دون أن تحول النشاط الأصلي للمؤسسات التي تواجه صعوبات مالية، كما أنها ترغب في ضمان حصص سوق أكبر في سوق مفتوح وتنافسي، مع دخول الشركات الصينية والتركية في مجال التجهيز.