اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، بأن ما تردده السلطة بشأن الإصلاحات والحكم الراشد، ما هو إلا مجرد “مصطلحات” لا وجود لها في الواقع، لأن من يحكمون البلد “ليس لديهم أي مشروع للبلاد وشغلهم الشاغل هو كيفية استمرار النظام”، ولذلك يعتبرهم غزالي أقرب إلى ذلك الراعي الذي لا يجد ما يفعله، فيقوم “بتمزيق ثيابه ثم يعيد ترقيعها”، في إشارة إلى الإصلاحات الترقيعية. ورسم غزالي صورة مخيفة عن الوضع بسبب تراكم المشاكل وعدم معالجتها في حينها، متوقعا، بالنظر إلى تدهور أسعار البترول وعدم قدرة النظام على الاستمرار في شراء السلم الاجتماعي، حدوث انتفاضة 5 أكتوبر جديدة، ولكنها ستكون هذه المرة أقوى وأعنف من الأولى. ويرى غزالي أن لقاء الاتحاد الأوروبي مع الأحزاب ليس تدخلا في الشؤون الداخلية، واصفا البرلمان الجزائري بأنه “غير موجود أصلا”، مبرزا بأن إظهار رئيس مريض يراد به إخفاء الحقيقة، وهي أن النظام هو المريض.
غزالي يستغرب من يقول إن العسكر لا علاقة لهم بالسياسة ويصرح “السلطة مركزة بين يدي مجموعة في الجيش وبوتفليقة مجرد دمية!” يرفض رئيس الحكومة سابقا، سيد أحمد غزالي، أي حديث عن تقليص نفوذ الجيش والمخابرات في صناعة القرار في البلاد، بعد التغييرات التي أجراها الرئيس بوتفليقة بالمؤسسة العسكرية العام الماضي، ويقول إن “كل السلطة موجود اليوم بين أيدي مجموعة نافذة داخل الجيش”. أما رئيس الجمهورية “فهو مجرد دمية!”. لا يرى غزالي أي جدوى من تنحي الرئيس من الحكم، بحجة أنه مريض وعاجز عن أداء مهامه: “لأن الرئيس يُستخلف طبيعيا إن كان مريضا، بينما المشكلة هي عندما يكون النظام مريضا، وهي حالة النظام الجزائري”، ويعتقد أن “كثرة الحديث عن مرض الرجل (بوتفليقة) يتم لإخفاء حقيقة مرض النظام. وإذا حدث إجماع على أن هذا النظام سيئ، ينبغي إذن أن نعمل على تغييره جذريا وبطريقة سلمية”. وعلى خلاف الكثيرين، يقول غزالي إن السلطة الفعلية بين يدي المؤسسة العسكرية “لهذا استغرب أن يقال لنا في كل مناسبة إن الجيش لا يتدخل في شؤون السلطة”، في إشارة إلى الفريق أحمد ڤايد صالح الذي دعا، في عدد من مجلة “الجيش”، إلى التوقف عن دعوة العسكر إلى التدخل في السياسة، بدعوى أنه خرج منها. وكان ڤايد بصدد الرد على رئيس الحكومة سابقا، مولود حمروش، الذي قال إن “مفتاح الأزمة السياسية يوجد بين أيدي بوتفليقة وتوفيق وڤايد صالح”. وأوضح غزالي أن “أي تغيير في البلاد صادر عن رئيس الدولة لا يمكن أن يتم بدون موافقة المخابرات”، ولا يعترف لبوتفليقة بصفة “رئيس الجمهورية، لأن حامل هذه الصفة رئيس منتخب بإرادة شعبية”، ويفضّل تسميته “رئيس الدولة”. وأفاد غزالي بأن “قناعة قوية تسود العسكر، وهي أن المدنيين هم من يسعون إليهم ليطلبوا مناصب لأنفسهم، وأنا رفضت أن أفعل ذلك طوال مساري الوظيفي في الدولة، ورفضت أيضا أن أطلب منهم اعتماد حزبي، الجبهة الديمقراطية، لذلك أن يكون لديك رأي أو قناعة مختلفة عن قناعتهم، فتلك جريمة”، وأضاف: “شغل المخابرات الجزائرية الشاغل كان مطاردة غزالي ومنعه من تأسيس حزب، بدل الدفاع عن مصالح البلد، وضمن هذه المطاردة تم تسريب معلومات كاذبة لصحيفة كتبت بأنني حصلت على الجنسية الفرنسية، كل هذا لا أعتبره حقدا من جانبهم، وإنما يعكس انعدام كفاءتهم”. وذكر غزالي أن الأفالان “لم يكن أبدا الحاكم الفعلي في البلاد، وإنما مجلس الثورة هو مصدر السلطة، وأنا الوحيد من رفض أن تحمّل جبهة التحرير مآسي البلاد بعد الاتهامات التي تعرضت لها إثر أحداث 5 أكتوبر 1988، غير أن النظام هو من حمّلها كل الأخطاء والمشاكل. وكرئيس حكومة، شاركت في الحملة الانتخابية لفائدة الأفالان (انتخابات البرلمان 1991)، وأعطيت صوتي لمرشح من الأفالان وأنا لا أعرفه”. ويعتقد غزالي أن “تغيير النظام سلميا أمر ممكن، بدليل أن حالتين تاريخيتين أثبتتا أن ذلك غير مستحيل. الأولى كانت مع الزعيم الهندي المهاتما غاندي، والثاني مع الزعيم جنوب إفريقي نيلسون مانديلا، وقد يأتي التغيير عندنا من داخل الجيش على يد واحد من هذه المؤسسة، ينتفض ويعلن بأن الوضع لا ينبغي أن يستمر هكذا”، وأوضح بأن الجزائر والمغرب “لم يتوصّلا إلى تطبيع علاقاتهما، لأن مخابرات البلدين تعملان دوما على افتعال التوتر بينهما”. الجزائر: حميد يس
غزالي يؤكد أن “الرئيس لا يستطيع التغيير دون إرادة الأجهزة” “السلطة تريد تعديل الدستور من أجل ربح الوقت” قال رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، إن “الأطروحة التي تقول إن الدستور هو المتسبب في المأساة، كاذبة”، وأكد أن “مراجعة الدستور الغرض منها ربح الوقت وتغليط الناس، وتحويل أنظارهم عن القضايا الجوهرية”. قال سيد أحمد غزالي الذي نزل ضيفا على ركن “فطور الصباح” ليومية “الخبر”، إنه “ليس هناك أي إستراتيجية أو مشروع بلد، والشغل الشاغل لمن يحكم هو استمرار النظام”، مشيرا إلى أن “النظام لا يقنن لإصلاح الأمور إلا في إطار مراوغات سياسية”، وقدم مثالا عن موقفه بقول الرئيس بوتفليقة “إن تقييد العهدات الرئاسية بفترة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، منافيا للديمقراطية، وذلك قبيل تعديل الدستور سنة 2008. ولما تسنى له ذلك في البرلمان، وصف الخطوة بالعظيمة ديمقراطيا، ولكنه حاليا يتراجع عن فتح العهدات”. وأفاد غزالي أن “أول كلمة ألقاها في أول مجلس وزاري، قال بوتفليقة إنه لا يرغب في هذا الدستور (دستور 96)، كما قال حينها: “أنا رئيس الجمهورية وأنا رئيس الحكومة وأنا وزير الخارجية، وأيضا رئيس تحرير وكالة الأنباء الجزائرية”. وأكد رئيس الحكومة الأسبق أن “من يضع الدستور هو من يخرقه”، كما أفاد بخصوص الإصلاحات السياسية: “لا رغبة لهؤلاء ولا نية في الإصلاحات، وإنما يريدون فقط إلهاء الناس وإرضاء الخارج”، مشيرا إلى أنه “ليست هذه المرة التي يتحدث فيها الرئيس عن تعديل الدستور، رغم أنه قدم الخطوة على أنها ملحة عام 2011 لما بدأت أحداث تونس”، وقال إن “الخطاب الرسمي كان يقول حينها إنه لكي نتفادى الأخطاء، ينبغي أن نراجع الدستور، وهذا يعني أنه يعتقد ضمنيا أن سبب الوضع المتردي يكمن في الدستور، وهذا غير صحيح، وقلت ذلك لبن صالح خلال المشاورات المتعلقة بالإصلاحات السياسية”، وتساءل غزالي: “هل الدستور لم يمنح صلاحيات للرئيس من أجل مكافحة الفساد مثلا؟”. وشجب غزالي ما أسماه الاعتداء على القانون، في معرض حديثه عن قانون الأحزاب الذي تم تغييره، في سياق ما تراه السلطة انفتاحا عام 2011، بينما يرى غزالي أن الانفتاح قد تم من خلال دستور 89، وربط المتحدث ذلك بمصير حزبه المعلق، حينما قال إن “الحكومة عرقلت وحرمت الحزب (الجبهة الديمقراطية) من أي نشاط منذ 14 سنة تحديدا”، كان غزالي يتحدث عن المادة 22 من القانون، قبل تعديله، والتي تقول إن الحزب يعتبر معتمدا آليا بعد شهرين من إيداع الملف في حال عدم الحصول على الاعتماد المكتوب. ويعتقد غزالي أن “قانون الأحزاب الجديد يتنافى مع مبادئ القانون الدولي”، مشيرا إلى أن “الإصلاح والحكم الراشد كخطابات تتكرر منذ سنوات، ما هي إلا مصطلحات، لأن هناك تناقضا مطلقا بين الدستور والخطاب السياسي مع الواقع”. ويتأسف ضيف “الخبر” لما أسماه “غياب معارضة وتغييب النقاش الحقيقي بين الرأي والرأي الآخر”، وتساءل: هل رأيتم السلطة تناقش؟ وفي رده عمن يمكن أن يناقش داخل أطراف النظام، قال: “النظام لا يظهر وهناك من يتكلم باسمه، وهن الراقصات”، قبل أن يؤكد “أرفض التشخيص، فأنا لا أتحدث عن أشخاص، وإنما عن آلية حكم فاشلة، لأننا في السابق كنا نقول إن أصحاب القرار هم فلان وفلان، ولكن هؤلاء ماتوا، بينما لم يتغير شيء في نمط الحكم”. وعن فرضية “حكم الجيش”، أجاب “القول بحكم الجيش ليست حقيقة مطلقة”، لكنه بالنسبة للتعيينات في أعلى هرم الدولة قال: “ليس هناك تعيين دون موافقة الأجهزة”، كما قال في معرض حديثه عن “التغيير” إن “الرئيس لا يستطيع التغيير دون إرادة الأجهزة”. الجزائر: محمد شراق
ضيف “الخبر” يتوقّع أحداث أكتوبر جديدة قريبا “عهدة بوتفليقة هي الأغنى لأسوأ فترة اقتصاديا” يشبّه سيد أحمد غزالي، رئيس الحكومة سابقا، المسار الذي تتجه فيه الجزائر حاليا، بسنوات الشاذلي التي سبقت فترة الأزمة. ويصل غزالي من خلال هذه المعاينة، إلى قناعة مفادها بأن الجزائر مقبلة على أحداث أكتوبر جديدة في القريب العاجل، مع الفارق في أن المنتظر سيكون قويا بدرجات مضاعفة. يتجاوز غزالي مسألة انخفاض سعر البترول في الأسواق العالمية وتأثير ذلك على النظام في الجزائر، منبها إلى إشكالية أعمق من منظوره، تتعلق بكون الجزائر “هي البلد الوحيد في العالم الذي يعيش على ثروة لم يخلقها الجزائريون”، ويتجلى ذلك، حسبه، في “ميزانية الدولة التي تتشكّل في ثلثيها من الجباية البترولية، وحتى الثلث الباقي يحتاج للمحروقات بطريقة غير مباشرة”. ويعتقد غزالي أن “النظام في الجزائر لا يكترث إلى المؤشرات الاقتصادية التي باتت خطيرة، كالتضخم ونسبة البطالة ونسبة النمو مثلا”، وصارت عينه على مؤشر وحيد هو “احتياطي الصرف الذي يمكن من خلاله معرفة عدد سنوات الاستيراد”، وكأن ما يهم النظام، حسب ضيف “الخبر”، هو “كم من الوقت في يده لإسكات أفواه الناس؟”. ورغم أن فترة الرئيس بوتفليقة كانت، وفق رئيس الحكومة السابق “أغنى فترات الجزائر على الإطلاق، بمداخيل فاقت 800 مليار دولار، مقابل 140 مليار دولار زمن الشاذلي، و25 مليار دولار فترتي بومدين وبن بلة مجتمعتين”، إلا أن “فترته كانت أسوأ فترات الجزائر اقتصاديا، بسبب غياب سياسة واضحة، إلى جانب التبذير والفساد”. ومع أن السعودية ليست مثالا يحتذي به غزالي، إلا أنها أسست 6 مدن جديدة وأنجزت آلاف الكيلومترات من الطرقات السريعة: “طبعا لا يعني ذلك أن هذا البلد خال من الفساد.. لكن عندنا لا يوجد سوى الفساد!”. ويعقد وزير خارجية بداية التسعينات، مقارنة بين نهاية فترتي الشاذلي والفترة الحالية، فيقول: “لا يأخذون العبر مما جرى في الماضي وسندفع الثمن غاليا. كان سعر البترول في جانفي 79 يساوي 12.35 دولارا، ثم استلم الشاذلي الحكم، فارتفع إلى 19 دولار ثم 25 دولارا، ووصل أخيرا إلى 41 دولارا. بحساب التضخم العالمي، هذا السعر يفوق 120 دولار التي وصل إليها سعر البرميل في السنوات الأخيرة. لكن ما الذي جرى بعد ذلك؟ انهار كل شيء”. ويضيف غزالي “وضعوني في أسوأ اختبار في حياتي عندما كنت سفيرا للجزائر في بروكسل، واضطررت لأمد يدي إلى الأوروبيين حتى يساعدوننا على شراء القمح”. وتتشابه، حسب غزالي أيضا، سياسة التبذير المعتمدة، وقال “بعد استلام الشاذلي الحكم، أشار عليه القريبون منه إلى أن يهدم سياسة بومدين التقشفية، فوضع عبد الحميد الإبراهيمي مخططات مكافحة الندرة، وأغدقوا على الشعب بالموز والأجهزة الكهرومنزلية.. لكن كل ذلك انتهى اقتصاديا إلى مديونية ضخمة، وسياسيا إلى أحداث أكتوبر”. أما اليوم، يضيف: “فسياسة التبذير بلغت حدا لا يطاق، والجزائريون تعوّدوا على نمط معيشة، دون بذل جهد، لن يكون بمقدور النظام توفيره مستقبلا، لأنه لا يملك الأموال”. وعلى ضوء ذلك، يتوقع غزالي أن “ننتهي قريبا إلى أحداث أكتوبر جديدة ب3 أو 4 مرات الكوارث التي حصلت في أكتوبر 88”. الجزائر: محمد سيدمو
قال ضيف “الخبر”
* “الخبر” من الصحف القليلة التي تستحق الاحترام، رغم صعوبة الأوضاع التي تشتغل فيها وسائل الإعلام في الجزائر، لأن الصحافة ليس لديها “المادة الأولية” بسبب منع المعلومة عنها من قبل المسؤولين الذين يسعون لتغذيتها بالإشاعات لإبعادها عن الأمور الجوهرية. * صندوق ضبط الإيرادات أنشئ للسطو على صلاحيات البرلمان في مراقبة مداخيل الميزانية من إيرادات ونفقات، بحيث تتحكم الهيئة التنفيذية في ثلاثة أرباع مداخيل الدولة التي توجد خارج عن أي رقابة، فالبرلمان يراقب 37 دولارا فقط، أما البقية من سعر البرميل الحقيقي فهي في يد الحكومة. * لو نظمنا استفتاء حقيقيا لصوت الشعب الجزائري، فإن نسبة 90 في المائة ترفض هذا النظام. أما النسبة الباقية، فهم المستفيدون من النظام القائم من أصحاب المليارات الذين مهما أكلوا لن يشبعوا ولن يقنعوا مهما أصبح لديهم من أموال، وبالتالي هم في عداد المرضى. * “الرئيس بومدين كان يتابع بواخر النفط باخرة باخرة وكان أشد حرصا على الحفاظ على كل سنتيم من أموال البترول للحيلولة دون المساس بأموال الشعب. لكن عندما تصبح الرشاوى في سوناطراك مع سيبام بملايين الدولارات، فإن قوت أجيال من الجزائريين يتهدده الخطر”. ويبدي غزالي الذي اشتغل وزيرا للطاقة في وقت الرئيس بومدين، قلقه من وجود سبب مخفي للتراجع الكبير في إنتاج النفط الجزائري، قد يكون، حسبه، الاستغلال السيئ للحقول في الفترة الأخيرة، وقال إن النظام لم يعد يهتم بشركة سوناطراك التي صارت إلى وضع كارثي، وانشغل عوضا عنها بالألاعيب السياسية وبتحقيق الثراء عبر الفساد. * “التدخل الأجنبي لا ولن يكون إلا إذا قبلنا نحن ذلك”، واستدل بقول الرئيس الراحل محمد بوضياف، دقيقتان قبل اغتياله بعنابة حينما تحدث عن التدخل الأجنبي بالقول “خيرنا منا وشرنا منا”. * “في عام 96 سربت معلومة مغلوطة على أنني تحصلت على الجنسية الفرنسية، وهذا كذب”، “قبل 25 سنة من الآن، كان هناك 5 آلاف مسؤول سام في الدولة يحوز على الجنسية الفرنسية”.