قال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني في تصريح تلفزيوني أول أمس “نحن فقط مع تدخل عسكري يهدف إلى إحلال السلام، وتأكيد مسيرة السلام” في ليبيا. وهذه المرة الثانية خلال 10 أيام التي يعلن فيها وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني استعداد بلاده للتدخل عسكريا في ليبيا “في حال طلبت منها الأممالمتحدة ذلك”، مشترطا أن يسبق هذه الخطورة “بدء عملية تفاوض تمهد لانتخابات جديدة تضمنها حكومة حكيمة، والتي في غيابها لن يؤدي ظهورنا بالبزة العسكرية إلا الى المجازفة بمزيد من سوء الأوضاع”، مضيفا “نحن نعمل بالتعاون مع بلدان المنطقة والأممالمتحدة”. ووصف الوزير الإيطالي ليبيا بأنها “على حافة الانهيار”، مشيرا إلى أنها انقسمت إلى قسمين في برقة وطرابلس، وأنه “يجب أن نعرف أن أيا من الطرفين لا يستطيع أن يسيطر عسكريا على الآخر”. ولفت إلى أن “المصرف المركزي الليبي يواصل العمل ويدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية ضمن حدود الدولة، باستخدام عائدات النفط والغاز التي لا تزال تدفعها (شركة إيني الإيطالية للنفط والغاز) أيضا”. وخلص رئيس الدبلوماسية الإيطالية إلى القول “لن نستسلم أمام ذوبان ليبيا، وسنكون عنصرا فعالا في تحديد مسيرة انتقال سياسية وحدوية، نُخضِع لها أي حضور عسكري محتمل لحفظ السلام”. فرنسا تسعى لمحاربة القاعدة في الجنوب الليبي وليست إيطاليا البلد الوحيد المتحمس للتدخل عسكريا في ليبيا، حيث سبق لوزير الدفاع الفرنسي “جان ايف لودريان” أن طالب في سبتمبر الماضي “بقية دول أوروبا بدعم بلاده في تشكيل تحالف لوقف العنف واقتلاع الإرهابيين” من ليبيا. وقال جان ايف لودريان في مقابلة نشرتها جريدة “لوفيغارو” الفرنسية “يجب أن نتدخل في ليبيا ونحرك المجتمع الدولي لذلك”، مؤكدا أن فرنسا بإمكانها تحريك قواتها المنتشرة في عدد من دول الجوار إلى الحدود الليبية. وأضاف أنه طالب وزراء الدفاع في دول الاتحاد الأوروبي بدعم التدخل في ليبيا خلال اجتماعهم في مدينة ميلانو الإيطالية، كما حبذ تحركا فرنسيا مماثلا في الأممالمتحدة. وقال لودريان “فلنتذكر أننا قمنا بعمل جماعي في مالي، ونجحنا في تعاوننا العسكري واسع النطاق من أجل تحرير هذا البلد من التهديد الجهادي”. وأوضح أن الجنوب الليبي يشكل بؤرة لما سماها “المجموعات الإرهابية”، حيث يتزودون بكل شيء بما في ذلك الأسلحة، ويعيدون تنظيم أنفسهم ليهددوا شمال ليبيا حيث المراكز السياسية والاقتصادية في البلاد. واعتبر وزير الدفاع الفرنسي أن الانتشار العسكري لقوات بلاده قد يتوسع في اتجاه الحدود الليبية بالتنسيق مع الجزائر، والتي اعتبرها عاملا هاما في المنطقة. الجزائر ومصر.. مواقف متباينة إقليميا تعتبر مصر أكثر الدول العربية حماسة للتدخل العسكري الخارجي في ليبيا، حيث أكدت جريدة الأخبار المصرية في موقعها أمس أن رئيس الحكومة الليبية المؤقتة في طبرق حصل خلال لقاءاته مع المسؤولين المصريين على دعم رسمي قوي بالسلاح والأموال إن تطلّب الأمر لفرض سيطرة الحكومة على الأرض، شرط التنسيق الأمني المستمر مع القاهرة على الحدود، فضلاً عن موافقة مصر على التدخل العسكري البري والجوي للتصدي لتنظيم “داعش”، في حال محاولة أعضائه فرض سيطرتهم على الأراضي الليبية. لكن الرغبة الأوروبية والمصرية للتدخل عسكريا في ليبيا، خاصة أنها مازالت تحت طائلة البند السابع الذي يتيح للأمم المتحدة السماح بتدخل عسكري لحماية المدنيين، تصطدم برفض الجزائر أي تدخل عسكري في ليبيا، وتدعمها في ذلك من دول الجوار كل من تونس والسودان، كما أن الاتحاد الأوروبي يرفض هو الآخر فكرة إرسال قوات إفريقية لحفظ السلام إلى ليبيا، بينما يبقى موقف النيجر وتشاد غير واضح من التدخل العسكري، إلا أن البلدان يخضعان للنفوذ الفرنسي حيث توجد قواعد عسكرية فرنسية في البلدين. وتتلخص الرؤية الجزائرية للحل، حسب جريدة الأهرام المصرية، في أمرين: الأول أنَّه لا يمكن اعتبار أي من أطراف النزاع حائزًا للشرعية والمشروعية بشكل كامل والآخر يفتقدها، والثاني أنَّ جميع المدعوين للمشاركة في الحوار جزء من الأزمة وجزء من الحل، وهو ما يختلف مع الموقف المصري الداعم بشكل قوي لحكومة الثني في طبرق ضد حكومة الحاسي في طرابلس، وهو ما تجلى في الاجتماع الأخير لدول الجوار الليبي الذي عقد الخميس الماضي في الخرطوم، والذي لم يتطرق للاعتراف بحكومة الثني بالرغم من الدعم المصري القوي لهذا الطرح.