كما ينقلب السحر على الساحر، كما يقع الإنسان في الحفرة التي حفرها لأخيه، كما عاد “بوسعدية” في تلك القصة القديمة، حين أظناه الجوع إلى أكل حبات التين التي بال عليها حين شبع.. كذلك سقط نظام “الإصلاحات والتعديلات وإصلاح الإصلاحات” في الفخ الذي نصبه لهذا الشعب المغبون.. وانتهى به الأمر إلى التفكير في “ضرورة” عرض مسودة الدستور الملطخة بنواياه السيئة على استفتاء شعبي!؟ السبب، ليس حبا في استشارة الشعب طبعا، وإنما اختلال موازين الفبركة في آخر لحظة، ما اضطر “السيناريست” إلى تعديل المشهد الأخير. فبدل أن ينتهي المشهد على صورة أيدٍ مرفوعة في “برلمان الحفافات” كما يسميه الزميل سعد بوعقبة، ويصفق الجمهور الصغير في قاعة السينما المغلقة.. اكتشف السيناريست أنه لم يعد يملك الأغلبية، وأن بعض الحفافات بدأن يفهمن في السياسة، وأخريات تم شراءهن مسبقا بمال الفساد، كما أن بعض صعاليك السياسة بدؤوا بابتزاز “هيئة التزوير” والمطالبة بزيادة أجورهم 300% لمعادلة رواتبهم برواتب الوزراء (المساواة في الرواتب وليس في الجهد المبذول!!) مستغلين فرصة “ضعف النظام” واعتماده عليهم كعرابين لمخططه الجهنمي.. المشكلة الكبرى أن أغلبية “الآفة-الآن” كما يسميها الزميل لحبيب راشدين، فقدت أغلبيتها المصطنعة، بفضل العمل الجريء والمدروس الذي يقوم به أمينها العام لتفتيتها وتحويلها إلى “بلقان” و “لبنان” يتصارع فيها الإخوة الأعداء، على امتيازات القيادة التي لم تعد تطالب بتقاسم الحكم ضيزى بينهم، وإنما بتقاسم الريع فقط. والدليل أن العصابة التي تطالب بزيادة 300% هي المعول عليها في تمرير مسودة الدستور الملطخة بالمؤامرة على مستقبل الشعب.. سيقول أحدهما ما العمل؟ ويجيب آخر: من المستحيل تلبية أطماع “المشحمين” بزيادة مجنونة في أجورهم المرتفعة أصلا والتي لا تعادل أي جهد مبذول.. ويتساءل آخر: ألم يزوروا الانتخابات التشريعية السابقة من أجل الدستور، وضربوا جبهة التحرير ب220 فولت؟ هل تفتت القضبان السيئة التلحيم تحت الصعق الكهربائي العالي؟ ويجيب آخر: ما لم ينتبه له هذا النظام هو أنه في سياسة البيع والشراء التي فرضها علينا لم يحسب حساب أطراف أخرى استفحلت واستغنت من ريعه وأصبحت قادرة بدورها على شراء الفساد والغباء اللذين وظفهما النظام في تزويره الصاعق ضد المعارضة والكفاءات.. وهكذا دار السحر على الساحر. وعليه، لم يجد “الخبث السياسي” الذي يسير هذه المرحلة، سوى تفويت الفرصة على “المتآمرين” على السياسة الرشيدة التي يحكمنا بها فخامة الرئيس من فراش الموت، سوى اللجوء إلى استفتاء الشعب المغلوب على أمره، وبالطبع من ورائه الإدارة الجهنمية البارعة في التزوير والاحتيال على إرادة الشعب.. وإذ يستفتونك غدا في الدستور، أيها الشعب المغلوب على أمره، وإذا لم تكن قادرا على استجماع قواك الحية لمواجهة الإهانة مرة أخرى فقل.. حسبي الله ونعم الوكيل.