من المنتظر أن يسجل إنتاج الحبوب، هذه السنة، أدنى مستوياته منذ أكثر من عشر سنوات، ما وصفه الفلاحون “بالموسم الفلاحي الكارثي”، بعد أن تقلص إنتاج الحبوب لهذه السنة إلى 30 مليون قنطار، مقابل 52 مليون قنطار تم تسجيلها منذ حوالي أربع سنوات فقط، ما سيزيد من التبعية الغذائية للجزائريين، بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيق الأمن الغذائي، الذي مثل المحور الأساسي في برنامج الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، منذ توليه الحكم سنة 1999. بهذا تكون البحبوحة المالية المسجلة خلال الأربع عشرة سنة الماضية، والتي صرفت على برامج متنوعة بما تجاوزت قيمته 800 مليار دولار، قد عجزت عن تأمين غذاء الجزائريين، حيث تبقى 80 بالمائة من احتياجات الجزائريين، بما فيها المواد الغذائية، تستورد من خارج الديار. وتبقى الجزائر تصنف في قائمة دول العالم الأكثر استيرادا للحبوب، حيث تحتل المرتبة الثانية إفريقيا بعد دولة مصر. وقال محمد عليوي، الأمين العام لاتحاد الفلاحين الجزائريين، في تصريح ل«الخبر”، إنه من المتوقع أن يصل إنتاج الحبوب لهذه السنة ما حجمه 30 مليون قنطار، مقابل 35 مليون قنطار السنة الماضية، مؤكدا أن فاتورة استيراد الحبوب لهذه السنة ستمثل أكثر من نصف احتياجات الجزائريين الذين يستهلكون 70 مليون قنطار من الحبوب سنويا. وتأتي أرقام عليوي لتتناقض وتصريحات الوزير السابق للفلاحة والتنمية الريفية، عبد الوهاب نوري، الذي أكد أن إنتاج الحبوب لهذه السنة سيتجاوز 30 مليون قنطار، مقابل 49,1 مليون قنطار الموسم السابق، ما يمثل تراجعا في الإنتاج بحوالي 35 بالمائة مقارنة بالموسم الفارط. وأرجع الأمين العام لاتحاد الفلاحين انخفاض المحصول إلى سوء الأحوال الجوية ونقص الأراضي المسقية، مؤكدا أن تعميم تقنيات الري على مليون قنطار من الحبوب سينتج عنه انخفاض في الفاتورة بنسبة 95 بالمائة. للإشارة، يقدر إجمالي المساحات المزروعة بالحبوب ب 3,4 مليون هكتار، منها نحو 60 ألف هكتار فقط تعتمد على المياه من شبكات الري. على صعيد آخر، ذكرت مصادر مسؤولة من الديوان المهني للحبوب أن الجزائر، التي تعد من أكبر مستوردي الحبوب في العالم، أصبحت تتميز عن غيرها باستيراد الحبوب، خاصة القمح بنوعيه الصلب واللين ذي النوعية الرديئة، والذي تصرف عليه الملايير لإعادة معالجته من السوس حتى يصبح صالحا للاستهلاك. غير أن ذلك حدث في زمن البحبوحة، فماذا عن سنوات التقشف والحكومة تنوي تقليص وارداتها لمواجهة أزمة انهيار أسعار البترول؟ للتذكير، اشترت الجزائر، السنة الماضية، 11 مليون طن من الحبوب، بما قيمته 3,67 مليار دولار، مقابل 3,31 مليار دولار سنة 2013. وفي سياق متصل، أكد المدير العام للديوان المهني للحبوب، محمد بلعبدي، ل«الخبر”، الذي التقته الأسبوع الماضي، على هامش نشاط بخميس مليانة، أن الجزائر توقفت عن استيراد بذور القمح الصلب والشعير منذ أكثر من 20 سنة، بينما لا تزال تستورد بذور القمح اللين الذي يمثل حصة الأسد من الاحتياجات الوطنية من الحبوب، بنسبة تقدر ب72 بالمائة. واعتبر بلعبدي أن جهود الدولة وكذا استخدام الأسمدة والتقنية الحديثة في زراعة الحبوب من قبل المنتجين الكبار لهذه الشعبة الإستراتيجية، خلال السنوات الأخيرة، سمح برفع الإنتاج الذي لم يصاحبه للأسف، يضيف بلعبدي، بناء وتشييد مخازن جديدة لتجميع الحبوب، ما تسبب في فوضى التخزين على مستوى مخازن تعاونيات الحبوب والبقول الجافة. وأعلن بلعبدي أنه تقرر إنجاز 39 مخزنا، منها 30 سيتم إنجازها بواسطة المنشآت الحديدية على المستوى الوطني، وذلك لتغطية العجز الكبير المسجل في هياكل التخزين، منها مخزن ببلدية العطاف ولاية عين الدفلى بسعة 200 ألف قنطار، تضاف لتلك الموجودة بخميس مليانة، خاصة بعد أن حققت عين الدفلى إنتاجا قدر ب574 ألف قنطار هذا الموسم.