دعا الوزير الأول عبد المالك سلال اليوم الأربعاء ببسكرة إلى تحويل قدرة الجزائر على الصمود أمام تراجع مداخيلها في ظل هبوط أسعار النفط إلى دعامة لتحويل الاقتصاد الوطني، كما حث الفاعلين في النشاط الموازي إلى إيداع أصولهم بكل ثقة في البنوك والتصريح بأجرائهم. وقال سلال في مداخلته لدى افتتاح أشغال اجتماع الثلاثية (حكومة نقابة و أرباب عمل) "إن التسيير الرشيد للمالية العمومية والقرارات الإستباقية المتخذة يمكنان الجزائر من التصدي بشكل أمثل للانخفاض المفاجئ لأسعار البترول، وعلينا الآن أن نحول هذه القدرة على المقاومة إلى دعامة تحول اقتصادنا نحو إنتاج الثروة وخلق مناصب الشغل".
وتهدف هذه المساعي حسب سلال إلى "تجنيد القوى العاملة في البلاد لمواجهة التحديات التي تنتظرنا" حيث أكد أن العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو قد توج وفاقا بين أرباب العمل والنقابة والجهاز التنفيذي وسيسمح بدفع عجلة النمو وبناء اقتصاد ناشئ كمحور رئيسي في البرنامج الرئاسي. "الحقيقة تعني اعتماد سعر 45 دولار للبرميل كقاعدة لإعداد قانون المالية لسنة 2016 الذي من شأنه ان يساهم في دفع عجلة النمو دون اللجوء إلى التقشف لأننا نملك قدرات كافية للمقاومة وتحسين الوضع".
وأمام تراجع الموارد المالية يضيف الوزير الأول فإن "رد الفعل البدائي وكذا الحسابات الجافة والمتهكمة التي تبناها بعض المحللون كانت تدعو إلى التصرف على أساس أنه إذا كانت المداخيل قد انخفضت بنسبة 47 % خلال السنة الفارطة يجب تقليص النفقات وفق نفس النسب، ولاسيما النفقات غير المنتجة ألا وهي التحويلات الاجتماعية، غير أن هذا المنطق المؤسف لا يراعي الطبيعة الاجتماعية والديمقراطية للدولة الجزائرية العصرية التي رآها آباؤنا المؤسسون والتي تم التعبير عنها من خلال بيان أول نوفمبر 1954''.
من جهة أخرى حث الوزير الأول الفاعلين في النشاط الموازي الى تسوية أوضاعهم بكل ثقة قائلا: "أغتنم هذه الفرصة لأحثهم بقوة على إيداع أصولهم بكل ثقة في البنوك وعلى التصريح بأجرائهم ليس لأنهم مجبرون على القيام بهذه الخطوة بل لكونهم سيجدون في ذلك ميزة ويمكنهم القيام باستثمار وسائلهم المالية في القطاع المنتج".
وأكد سلال في هذا الصدد انه "تم اعتماد مقاربة صريحة وصادقة ونزيهة إزاء الفاعلين في مجال النشاط الموازي من أجل طمأنتهم وتمكينهم من تسوية أوضاعهم عبر ترتيبات للمطابقة بسيطة وشفافة ودون خلفيات أخرى ما عدا واجب الوفاء بحقوق رمزية"، وطمأن الوزير الأول انه "لن تكون هناك أية متابعة قضائية أو ضريبية" ضد هؤلاء الفاعلين مفندا الإشاعات المروج لها بأن الدولة اتخذت هذه الإجراءات من اجل الاستحواذ على الأموال المتداولة في القطاع الموازي".
وتعد عملية المطابقة الضريبية الإرادية واحدة من الإجراءات الرئيسية لقانون المالية التكميلي 2015 الذي يرمي إلى تطهير الاقتصاد الوطني من النشاطات الموازية، حيث تهدف هذه الإجراءات إلى تحفيز الأشخاص الطبيعيون غير متورطين في عمليات تبييض الأموال أو تمويل الإرهاب الذين يمكنهم تحويل رؤوس أموالهم من الحلقة الموازية نحو البنوك مقابل دفع رسم جزافي يقدر ب 7 بالمائة.
وحسب بنك الجزائر يقدر حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية بحوالي 1000 إلى 1.300 مليار دينار، ومنذ تطبيق هذا الإجراء تمكنت 1500 وكالة بنكية ناشطة عبر كامل التراب الوطني من استقطاب مبالغ هامة حسبما صرح به مؤخرا وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة.