بدأت حركة النهضة في تونس في عقد 276 مؤتمر محلي، تمهيدا لانعقاد المؤتمر الوطني العام المقرر في شهر مارس المقبل، وهو المؤتمر الحاسم الذي سيشد إليه أنظار الفاعلين في المشهد السياسي في تونس، لكونه المؤتمر الذي سينقل الحركة إلى وضع الحزب المدني. وتستعد حركة النهضة التونسية لعقد مؤتمرها العاشر شهر مارس المقبل، وهو ثاني مؤتمر تعقده النهضة بعد الثورة، لكنه أول مؤتمر تعقده في ظروف مريحة تنظيميا ووفقا للآليات التنظيمية التي يقتضيها العمل الحزبي. وأشرف رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، خلال الأسبوعين الماضيين على مجموعة من المؤتمرات المحلية الانتخاب المندوبين إلى المؤتمر العام العاشر للحركة، أكد خلالها على أهمية انعقاد المؤتمر العام العاشر في ظل الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه البلاد وفي ظل مناخات الذكرى الخامسة للثورة، ودعا مناضلي النهضة إلى دعم المسار الديمقراطي والتوافق السياسي وجهود الدولة لمقاومة آفة الإرهاب. وأكثر الملفات الساخنة التي سيحسمها المؤتمر مسألة نقل النهضة إلى مسار حزب مدني يرتب أدبياته السياسية على هذا الأساس، والفصل بشكل نهائي بين ما هو سياسي وما يتصل بالدعوة والفكرة الدينية، وهو ما ألمح إليه رئيس النهضة، الشيخ راشد الغنوشي، بالقول إن ”هناك توجها عاما داخل النهضة على التمييز بين السياسي والدعوي والاجتماعي”. ويعتقد مراقبون أن المؤتمر المقبل للنهضة حاسم على أكثر من مستوى، ويقول المحلل السياسي منذر بضيافي إن ”هناك انتظارات كبيرة من مؤتمر الحركة العاشر، باعتبار أن كل القضايا الأساسية تم ترحيلها من المؤتمر السابق إلى المؤتمر المقبل، وهي قضايا تتعلق بسياسات الحركة وتقييم أدائها قبل الثورة وبعدها، وأدائها في تجربة الحكومة والترويكا وتجربة التوافق السياسي الجديد”، مشيرا إلى أن أبرز النقاط التي سيحسم فيها المؤتمر المقبل هو ”الحسم في الجانب الفكري والمضمون السياسي، وفقا للمراجعات التي أقدمت عليها الحركة”، وهي مراجعات تجتهد قيادة الحركة لإقناع قواعدها بمفهومها وإيجابيتها السياسية، خاصة وأن جزءا من قواعد النهضة لم يستسغ بعد التحالفات السياسية الجديدة للنهضة مع حزب نداء تونس. واللافت أن المواقف الأخيرة التي تبنتها الحركة ورئيسها الشيخ الغنوشي بهذا الشأن، والتعبير عن انفتاح كبير تجاه قضايا المرأة وحرية التعبير والإرهاب والتطرف، دفعت بقطاع واسع من النخب السياسية والإعلامية في تونس إلى مراجعة مواقفها إزاء النهضة والقبول بها كطرف فاعل في المشهد السياسي في تونس. وفي السياق يذهب المحلل السياسي، نصر الدين بن حديد، إلى أن ”حركة النهضة تحولت لدى قطاع واسع من التونسيين من حركة متطرفة، مع كل ما يحيل ذلك إلى الإرهاب وتسفير التونسيين إلى سوريا، إلى حركة تضمن استقرار البلاد، كما أن عدد المنتقدين لالتصاق النهضة بحزب نداء تونس تناقص، وعلى عكس ذلك، هناك من يعتقدون أن النهضة أكثر المستفيدين من الوضع الحالي”.