كشف محمد صايب ميزات، الباحث في مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي للتنمية، في محاضرة بمركز “كراسك” وهران، عن استقرار ”17658 طبيب و14115 مهندس بفرنسا بعد هجرتهم من الجزائر، 36 بالمائة منهم يمارسون مهام أقل من مؤهلاتهم وبأجور متدنية”. قدّم المحاضر خلال مداخلته بعنوان “من هجرة الأدمغة إلى حركية الكفاءات- نظرة حول المغرب”، لأول مرة، إحصاءات علمية محيّنة حول الظاهرة بعيدا عن الأرقام “الخيالية” المتداولة كرقم 40 ألف طبيب جزائري بفرنسا دون سند علمي ودراسات ميدانية. وأوضح محمد صايب ميزات أن “مفهوم الأدمغة لا ينطبق على الطلبة المسجلين لمواصلة دراستهم في الخارج أو من يحوزون على مستوى جامعي أو جذع مشترك، بل يتعلق بالأساتذة في الطب والأطباء المتخرجين والمهندسين وحتى مسيرين لشركات وإدارات ومبدعين، لأن فقدان هذا النوع من الكفاءات هو ضياع لسنوات من الاستثمار المالي في هذه الموارد البشرية”، معتبرا أن “القول بأن التحويلات المالية للمهاجرين تشكل تعويضا لهذه البلدان هو مجرد سراب وحيلة”، مستدلا بقيمة الأموال المحولة إلى الجزائر والتي لا تتعدى 200 ألف دولار مكونة بنسبة 90 بالمائة من معاشات المتقاعدين. لكنه أشار باستغراب إلى ارتفاع نسبة التحويلات المالية من الجزائر إلى الخارج من طرف عمال أجانب، وهو ما يشكل عجزا في الميزانية. كما أكد الباحث أن “عدد الأطباء الجزائريين بلغ أكثر من 17 ألف طبيب وأكثر من 14 ألف مهندس من إجمالي أكثر من 95 ألف جزائري يحوزون على مستوى جامعي”، حسب ما بينته دراسة مشتركة بين مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي للتنمية والمنظمة الدولية للعمل، تتعلق بالبلدان المغاربية مع التركيز على الجزائر. وأظهرت الدراسة بأن “36 بالمائة من الأطباء والمهندسين يمارسون مهام متدنية مقارنة بشهاداتهم الجامعية مقابل أجور منخفضة في سنة 2012”. وتبين من خلال المنحنى البياني لسنوات 1991 إلى 2004 أن هجرة الأطباء والمهندسين سجلت ارتفاعا كبيرا ابتداء من سنة 1997، وهو ما يمكن تفسيره بانعكاسات سنوات الإرهاب وحالة اللاأمن والاحتجاجات في قطاع الصحة. غالبية التخصصات الطبية المعنية بهذا النزيف هي الإنعاش والتخدير، أطباء الأمراض العصبية وطب العيون، وبلغت نسبة التخفيض في التصنيف ما بين 2005 و2008 أكثر من 47 بالمائة من هذه الشريحة، حسب معايير الجنسية والشهادات، واستقى المتحدث مثالا بكندا “غالبية سائقي السيارات في هذا البلد هم أطباء جزائريون”، واستخلص بأن الشهادات الجزائرية على غرار غالبية بلدان المغرب غير معترف بها في الكثير من البلدان حتى قطر والكويت. ولم يخف الباحث تشاؤمه بخصوص عودة هذه الكفاءات، وفي المقابل دعا إلى الاستثمار في الكفاءات الموجودة في الجزائر التي تزخر بأكثر من مليوني جامعي، بمنحها الإمكانيات اللازمة لتحقيق وثبة اقتصادية.