يصدر بعد أسبوع آخر عمل للروائي الجزائري محمد مولسهول المعروف باسم ياسمينة خضرا، تحت عنوان “الله لا يسكن هافانا” عن “منشورات جوليار” بفرنسا. ويتوقع النقاد للرواية أن تكون حديث الدخول الأدبي الجديد، كما ستصدر في الجزائر بداية سبتمبر عن دار “القصبة” . تقدم الرواية في 312 صفحة وحسب العنوان قصة تدور أحداثها في كوبا وفي العاصمة “هافانا”، مدينة الموسيقى والرقص والتانغو والرومبا والسحر اللاتيني الأخاذ، كل هذه التوابل حفزت الكاتب خلال زيارة له عند تصوير فيلم كان قد كتب السيناريو الخاص به. “زرت كوبا حين كنا نصور فيلما كتبت نص السيناريو فيه، وأعجبتني كوبا فقررت أن أكتب “شيئا” عن الموسيقى والشباب”، قال الكاتب مضيفا أن كوبا تشبه الجزائر لحد كبير، فالموهبة أو الكفاءة تتحكم فيها السلطة أو النظام وتقع تحت طائلة الضغوطات والقمع، والموهبة تعشق الحرية والانطلاق. هذا الشيء الذي تحدث عنه الكاتب عبارة عن رواية جديدة، ورغم أنه يفصل النص الجديد عن أي توجهات سياسية أو فكرية أو أي رسائل ضمنية، لأنه يكتب ليسجل اللحظة التي يعيشها ككاتب، إلا أنها تصدر في الوقت الذي تتأهب كوبا للعودة إلى الساحة العالمية وتفتح أبوابها للعالم الخارجي، بعد المصالحة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعد أن عاشت منذ الستينات حصارا اقتصاديا قاتلا، ونظاما يوصف بأنه ديكتاتوري. وكما يعرف عن الكاتب أنه صياد الفرص ويعرف جيدا كيف يضرب على الوتر الحساس في كل مرة (أصدر عدة روايات مرافقة لأحداث عالمية ك: سنونوات كابول 2002 والعملية 2005 وصفارات بغداد 2006 والمعادلة الإفريقية 2011 وغيرها)، فقد جاءت رواية “الله لا يسكن في هافانا” في وقتها وزمانها وبكل إرهاصاتها وتوابلها، لتخترق المجتمع الكوبي الذي مازال غامضا لعدد كبير من القراء، وعلى هذه الخلفية التاريخية السياسية القوية يقدم الكاتب للقارئ قصة حب وصراع وتقلبات في المجتمع الكوبي عبر شخصية “مغني الرومبا” الذي يرى أن عالمه الجميل ينهار بقدوم الرأسماليين من الجانب الآخر من الخليج المكسيكي، وكل شيء يتلون بالأسود في عيني هذا المغني حين يخبره صاحب الملهى الذي يعمل به منذ 35 سنة أن هناك مالكا جديدا للمحل. تبدأ مآسي الرجل بعد أن جاءت هذه السيدة من ميامي وهي من أثرياء أمريكا المستثمرين في كوبا، وتبحث عن تجديد الملهى بتوظيف مغنين شباب لجلب السياح الأجانب، ومن هنا يكتشف القارئ العالم الجديد الذي من خلاله يستشرف ياسمينة خضرا كوبا بعد الانفتاح. رغم أن الكاتب يرفض الحديث عن حيثيات العمل ليبقي شغف الاكتشاف لدى القارئ، لكن هذا التقديم وما يتضمنه من عناصر الإثارة والمفاجأة يترك الانطباع بأننا أمام نص روائي عالمي سيفرض وجوده خلال الدخول الأدبي القادم. يقول ياسمينة خضرا في تصريح ل”الخبر”: “أردت أن أكتب عن الحب عن الشبابّ، ذهبت إلى كوبا من أجل فيلم، فاكتشفت المجتمع العميق وتعرفت على اهتمامات الشباب وأردت أن أنقل تجربتي”. ويضيف حول سؤال عن الرسالة التي يمكن أن يحملها النص “لا توجد رسالة، أنا أكتب لأنقل الحقيقة وبعدها كل واحد يسقطها وفق أوضاعه وظروفه وحالته”. ويستطرد “الكتاب مرآة لنا ولذلك ردود الفعل تأتي مختلفة”. ويعلق حول ضرورة التجدد والتنوع “لدي 10 ملايين قارئ من مختلف الأوساط والجنسيات.. علي أن أكون متعددا في مواضيعي، كيف يمكن أن أشبع رغبة كل واحد، عندما أكتب أضع مواضيع عديدة”. وعن علاقة الرواية بالوضع في الجزائر وهل يمكن أن نسقط الصورة عليه، يتساءل الكاتب “الحقيقة نفسها بالنسبة للجزائري، كيف يمكن أن يقبل أن يعيش في البؤس ولا يبحث عن التغيير والتقدم نحو الأفضل ويعيش أحسن. إذا أردنا أن نغير علينا أن نبدأ باحترام الكفاءات والأشخاص الموهوبين ونحن لم نصل بعد إلى هذا النضج كمجتمع، لقد تحدثت دائما عن مفهومين: هناك النوع البشري وهناك الكائنات البشرية، نحن لم نصل بعد”.