حمّل عضو الأمانة العامة لتيار الغد السوري، القيادي السابق بالائتلاف السوري المعارض، حمل قاسم الخطيب، المعارضة السورية مسؤولية العلاقة مع الجزائر، لافتا إلى أنها لم تنتبه ولم تستمع للأصوات المطالبة بالاقتراب من القيادة في الجزائر، وأنها سمحت للنظام بأن يكون قريبا منها. وحذر من صوملة وأفغنة سوريا، وارتداد تردي الأوضاع هناك إلى المنطقة، وأن تكون موطنا للإرهاب وموزعة له إلى كل أنحاء العالم. وكشف المعارض السوري، في حوار مع “الخبر”، أن 40% من الأراضي السورية تحت سيطرة تنظيم داعش. مشيرا إلى أنها غير مأهولة بالسكان. بينما يسيطر النظام على المناطق التي تعج بالسكان. واعتبر الخطيب وجود داعش ضمان استمرارية الأسد، وأن 75% من التمويل والدعم تصله منه. كيف تقرأ تطور الأوضاع في حلب؟ هل تعقتد أنها ستكون ضرورة ملحة وذريعة لاستئناف العملية السياسية، أم إنها ستؤدي لتطورات مأساوية؟ إلى الآن لا توجد إرادة دولية لإنهاء الأزمة في سوريا. من يدعمون الجيش الحر والكتائب الإسلامية هم موجودون، ومن يدعمون النظام موجودون أيضا. وإلى الآن لم يتفق الروس والأمريكان على حل الأزمة السورية. ولا المجتمع الدولي أخذ الموافقة من كل الأطراف الداعمة للمتصارعين على الأرض. وتركوا الباب مفتوحا وعبارة عن معارك كر وفر.. فيقدمون المساعدات والسلاح للجيش السوري كي يحرر بعض البلدات والمدن.. ومن ثمة يقدم السلاح بشكل أكثر للنظام وشبيحته ولمن يدعمهم من المتطرفين الأفغان ومن شيعة إيران ومن الميليشيات العراقية والقائد العباس والحرس الثوري وحزب الله، يقدمون لهم الدعم ليحرروا المناطق التي أخذها الجيش الحر.. إذن الباب مفتوح لاستنزاف حرب طويلة الأمد، ولم يأخذ المجتمع الدولي قرارا بحل الأزمة السورية. والخاسر الأول والأخير هو الشعب السوري.. ومن يُقتل هو الشعب السوري. والبنية السورية وصلت إلى مرحلة الانهيار بالكامل. أي مدينة وأي بلدة تشهد هكذا حربا بالنهاية سيكون مآلها مثل اليابان عندما ضربت بالسلاح النووي والقنبلة النووية. بتصوري بعض المدن السورية ومنها حمص والرقة وحلب وريف دمشق في هذا الطريق. عندما تتابعين الصور التي تصلنا تشعرين أنها ليست في حرب طيران أو حرب مدفعية أو دبابات ولا صواريخ متوسطة المدى، إنما هناك سلاح كيماوي وقنابل ذرية تضرب بالمنطقة. ومع الأسف الشديد، الخاسر الأول والأخير هو الشعب السوري. هناك نقطة مهمة يجب أن يعلمها الجميع، في حال المجتمع الدولي لن يكون جادا من الآن ولمدة سنة في حل الأزمة السورية، ستشهد المنطقة حربا شيعية - سنية تشارك فيها إيران بشكل واضح والسعودية والخليج، ستكون على الأراضي السورية. ومن يدفع الثمن هو الشعب السوري. في نفس الوقت ستشهد المنطقة حربا كردية- عربية. وستكون هناك أيضا حرب مسيحية إسلامية، إذا لم يكن المجتمع الدولي جادا في حل الأزمة السورية. وأيضا سيزيد ذلك من أزمة السوريين، وسيتوسع الإرهاب في سوريا وفي كل المنطقة. سوريا ستكون أفغانستان والصومال، وستوزع الإرهاب إلى كل أنحاء العالم. حتى مصر سيصيبها الإرهاب وأيضا السعودية وباريس ولندن وموسكو والرياض والكويت وليبيا. بالتأكيد الإرهاب كمؤسسة أو منظمة إرهابية ستتوزع إلى كل أنحاء العالم، وسينتشر هذا المرض السرطاني في العالم، وستكون سوريا معقلا للإرهاب إن لم يكن المجتمع الدولي جادا في حل الأزمة السورية. وما حقيقة تراجع بعض الحلفاء الأوروبيين والإقليميين، حتى تركيا، في تقديم الدعم والمساعدة للمعارضة؟ طبعا هذا ما سعى إليه نظام الأسد منذ البداية في أن يحول حالة سوريا من ثورة شعب عانى الاستبداد منذ 50 عاما، وعندما خرج الشعب إلى الشارع فتح السجون للمتطرفين في سجن صدنايا بمساعدة رياض المالكي، الذي فتح أبواب سجن أبوغريب الذي كان موجودا بالعراق وأخرج منه كل قيادات التنظيمات الإرهابية وزجهم في الساحة السورية. وهنا التنسيق كان واضحا بين المالكي والأسد في إخراج الإرهابيين من السجون السورية والعراقية ليعبثوا في الأرض، كي تتحول الثورة السورية من ثورة شعب عانى الاستبداد ومظاهرات سلمية ومطالب بالحرية والديمقراطية والكرامة، ليبين للمجتمع الدولي أنها ثورة إرهاب وليست ثورة شعبية. أما فيما يتعلق بوقف الدعم للمعارضة، لا أحد أصبح يقدم الدعم للمعارضة السورية ككل. المعارضة السياسية أو المدنية ليس لها أي دعم، هم لا يدعمون المعارضة المسلحة، إلا المتطرفين. وهناك غرف موك بدعم أمريكي تدعم الجيش الحر الذي هو موجود في الجبهة الجنوبية في مدينة درعا والقنيطرة وريف حماة ودمشق والقلمون. إنما في شمال سوريا لا يوجد طبعا كتائب الجيش الحر التي هي موجودة في ريف حلب، ولها دعم من الموك. إنما هناك دول عربية ودول إقليمية تدعم المتطرفين وبشكل واضح، ومنها جبهة النصرة وأحرار الشام. وأنا برأيي أن أغلب الكتائب الموجودة تقاتل اليوم هي كتائب متطرفة باستثناء ما تبقى من الجيش الحر الموجود في بعض ريف حلب، وبعض الكتائب الإسلامية المعتدلة وبقايا الجيش الحر تقاتل في مدينة حماة وريف حلب. وهناك شعب سوري صامد داخل هذه البلدات المحاصرة يحمل السلاح ويدافع عن نفسه، وللأسف الشديد، بقايا سلاحه. مع العلم أنه لا تستطيع قوات النظام أن تجتاح هذه البلدات لأن أهاليها يدافعون عنها. وهم يعرفون حق المعرفة أن النظام سيستعمل معهم البراميل والصواريخ والمدفعية ولا حول ولا قوة لهم. لو تحدثنا بلغة الأرقام كم تبلغ مساحة الأرض التي يسيطر عليها “داعش” والنظام والجيش الحر؟ هناك فرق بين الجغرافيا الفارغة والجغرافيا المليئة بالسكان. “داعش” يسيطر على ما يقارب من 35 إلى 40% من الأراضي السورية، إنما غير مأهولة بالسكان. مناطق شاسعة صحراوية تصول وتجول بها “داعش” كما تريد من تدمر باتجاه الشمال إلى الرقة ودير الزور وشرق مدينة حلب باتجاه البوكامال حتى نصل إلى الحدود العراقية سيطرة كاملة ل«داعش”. ومنه نقول إن الدواعش مسيطرون على أماكن فارغة. إنما النظام يسيطر على مناطق بها كثافة سكانية، لأن الكثير من السوريين من الرقة ودير الزور وحلب نزحوا تجاه اللاذقية وطرطوس والساحل، وهناك كثافة سكانية عالية ليست من الطائفة العلوية فقط، إنما من كل الطوائف. اليوم هناك الطائفة السنية طغت على تواجد الطائفة العلوية بهذه المناطق، لأنه بالأساس مشكلتنا لم تكن طائفية وإنما مع النظام، حيث إن هناك العديد من الشعب السوري رفض الخروج تجاه مصر أو تركيا أو لبنان ولجأ إلى المناطق التي هي أكثر أمانا بسوريا، وهي المناطق التي يسيطر عليها النظام. أما الجيش الحر فيسيطر على حماه وريف حماه، منطقة القلومة وريف دمشق، باستثناء دوما التي كان قبل الثورة عدد سكانها في حدود 800 ألف، واليوم عدد سكانها في حدود 200 ألف، ويتواجد بها ما يقارب من 16 ألف عسكري ينتمون إلى زهران علوش، أو ما يسمى ب«جيش الإسلام”، وهم أيضا إسلاميون، برأيي، غير معتدلين وليسوا متطرفين. هم آمنوا بالثورة ولم يحملوا أي راية سوداء أو بيضاء. ويتقاسم “داعش” و«جبهة النصرة” و«الجيش الحر” مخيم اليرموك الذي كان يقطنه ما يقرب من 250 ألف فلسطيني. بينما تسيطر الكتائب الإسلامية المعتدلة على ريف حلب الشرقي والجنوبي والشمالي، وإلى حد ما على الحدود التركية. فيما يخص “جبهة النصرة” هي مسيطرة في مدينة إدلب، و«الجيش” الحر يسيطر على جزء من حلب أيضا، وهو متهادن يتعامل مع الكتائب الإسلامية المعتدلة ويقاتلون “داعش”. بعد خمس سنوات من الثورة، برأيك لِم يظل الأسد متمسكا ببقائه؟ عبر التاريخ لا يوجد حاكم انتصر على شعبه، ولدينا في سوريا ثورة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة. وضعنا كسوريين يختلف عن وضع الجزائريين. وتجربة الحرب الجزائرية تختلف عن الحرب في سوريا. وكان الكثير من المحللين يقولون إن سوريا سيصل مصيرها إلى مصير الجزائر. وبعدما وصل عدد الضحايا إلى 350 ألف سيتصالح الشعب ويحكم الجيش. هذا الكلام غير صحيح، وصل العدد إلى المليون ولم يحصل شيء. بما يكشف أنه ليس هناك قرار من المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة السورية. سوريا لها أهمية جغرافية هي بوابة الوطن العربي، لو دخلت تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، موقعها الجغرافي، جمال هذا البلد وخيراته، حدودها مع إسرائيل، لها أهمية عبر التاريخ، قامت فيها أطول دولة إسلامية. عندما نقرأ تاريخ الدولة الإسلامية نبدأ من الدولة الأموية، سوريا ليس فيها تطرف أو داعش أو إسلام سياسي. الشعب السوري حتى في إسلامه هو إسلام مدني. التطرف موجود في المشرق والمغرب والحجاز والعراق. نحن كسوريين لم نعان عبر آلاف السنين من التطرف، ثقافة الذبح بالسكين ليس للسوريين.. في سوريا إسلام معتدل ومدارسنا وجامعاتنا مختلطة. عندما يختلف اثنان يذهبان إلى شيخ المسجد، إفتاؤه مدني. نكسر العصا في النصف. لا يوجد تطرف في سوريا.. وستعود دون الأسد، وستكون من أجمل البلدان في العالم. وهذه التجربة بالتأكيد استفاد منها الشعب السوري كثيرا. إنما موضوع التفاوض على وجود الأسد، فيما لو تفاوضنا على هذا الأساس، بتقديري لن يتم إلا بضمانات دولية، مرحلة انتقالية لكي لا تنهار مؤسسات الدولة، تحديدا مؤسستي الداخلية والدفاع. نحن لا نريد مثلما حصل في ليبيا عام 2011.. ولا نريد مثلما حصل في العراق في 2003.. اليوم العراق أكثر من ربع قرن ولاتزال الحرب مستمرة. نحن لا نريد إنهاء الجيش السوري، لأنه ليس جيش النظام. في النهاية جيش الدولة مؤسسة مهمة من مؤسسات الدولة هي من تحمي حدودنا وأمن الوطن والمواطنين، وقد ذهبنا إلى جنيف 1 و2 ووافقنا على الحل السياسي. ومن لا يريد الحل السياسي هو نظام الأسد، لأنه يدرك أننا إذا وصلنا إلى حل سياسي بشار الأسد انتهى، واستمراريته في مسألة أنه يدعي أنه من يحارب الإرهاب. وبالأساس هو من سمح للإرهاب بالدخول ويتغذى على وجوده واستمراريته. وضمن هذا الإرهاب يثبت للمجتمع الدولي أنه من يقاتل الإرهاب. مع العلم أن 75% من تمويل “داعش” تأتيه من النظام السوري، من آبار النفط. البلد الآخر الذي استفاد هو تركيا عبر خبراء حرب ورجال أعمال أتراك، بدأ بتهريب النفط السوري أيضا إلى هناك، ومن يستفيد منه هم داعش. على مستوى الكهرباء “داعش” تحت سيطرته سد الفرات، وهو مولد حقيقي وطاقة حقيقية للكهرباء تغذي نصف سكان سوريا، يأخذ النظام الكهرباء من “داعش” ويدفع ثمنه. ومن هنا وجود الإرهاب هو حماية للأسد، ووجود “داعش” أيضا استمرارية الأسد الذي دائما يدّعي منذ 22 جانفي 2012، وكان موجودا المعلم، الذي وضع قبل أي كلام في أي خطوة نخطوها نحو الاتجاه السياسي، وقال جئنا لنتفق كيف نحارب الإرهاب!! وما تقييمكم لموقف الجامعة العربية ودورها من الأزمة السورية؟ منذ بداية الثورة كان موقفها مع الشعب السوري وثورته. التقينا في أكتوبر 2011 مع نبيل العربي أمين الجامعة العربية آنذاك، واستقبل المعارضة ودعوا إلى مؤتمر في نهاية 2012 تحت مظلة الجامعة، وكان من أقوى المؤتمرات التي انعقدت بالنسبة للمعارضة السورية وتوقيتها وكانت جادة في حمل الشعب السوري ومقدراته، وكانت الجامعة داعمة للمعارضة السورية. الآن مع الأسف الموضوع معقد، هناك أكثر من مؤتمر عقد من أجل إعطائه للمعارضة السورية والائتلاف، مؤتمر في الكويت، قطر ومصر، إنما من الناحية القانونية لم يستطيعوا أن يعطوا للمعارضة والائتلاف مقعدا بالجامعة. كان هناك اعتراض من هيئة التنسيق الوطني التي كانت تسمى آنذاك “معارضة الداخل”، رفضوا وطالبوا الأمين العام بعدم تسليم المقعد للائتلاف، وفي نفس الوقت كانت بعض الاعتراضات، منها الجزائرولبنان والسودان والعراق، رفضوا أن يوقعوا على تسليم المعارضة السورية مقعدا بالجامعة. مع العلم أنه في أكثر من اجتماع كان رئيس الائتلاف معاذ الخطيب، وحضر الجربا عندما تسلم رئاسة الائتلاف اجتماع وزراء الخارجية العرب، أكثر من مرة، إنما النظام السوري هو خارج الجامعة، واعتبروا من يضرب شعبه بالبراميل المتفجرة وبالطائرات والصواريخ لا يحق له أن يجلس على مقعد. هناك تخوف من الأكراد بعد الإعلان عن رغبتهم في تشكيل كونفدرالية تركيا.. ما حقيقة التخوف؟ الشعب الكردي هو جزء ومكون أساسي من مكونات الشعب السوري، عانى من الاستبداد كما عانى العرب، عانوا من السجون كما عانى العرب، لهم حقوق وعليهم واجبات. الكرد إخوتنا ونحن شركاء في بناء الوطن. نحن مع وحدة الأراضي السورية مع الحقوق الكاملة للإخوة الكرد، سواء في مدارسهم أو جامعاتهم ولغتهم، إنما ضمن وحدة سوريا. أما فيما يتعلق بموضوع الكونفدرالية بعد رحيل الأسد، سيتشكل وفد وهيئة تحقيق ويكون هناك دستور كامل متكامل سيشارك فيه الإخوة الكرد وستكون لهم كامل حقوقهم. هذا من ناحية، ومن طالب بالكونفدرالية في هذه المرحلة هم جزء غير كبير من الكرد: حزب الاتحاد الديمقراطي المسيطر في الحسكة والقامشلي وكوباني وتل الأبيض. مع العلم أن تل الأبيض لا توجد فيه نسبة 30% كردي، في الحسكة والقامشلي نفس الشيء ليس الأغلبية كردية. مع العلم أن الأكراد منتشرون عبر كامل سوريا ولهم أحياء خاصة في حلب ودمشق، ولهم الحق أن يقطنوا في كامل الجغرافية السورية. إنما موضوع الكونفدرالية نحن كمعارضة سورية مرفوض في هذه المرحلة والتوقيت غير سليم، نحن مع وحدة الشعب السوري وأراضيه. أنتم كمعارضة ما الذي تنتظرونه من الجزائر؟ أنا أحمّل مسؤولية العلاقة مع الجزائر للمعارضة السورية. الإخوة الجزائريون هم أصحاب تجربة في موضوع التطرف، وإلى الآن المجتمع الجزائري يعاني. وأحلام مستغانمي كتبت عن تجربة الجزائريين فيما يخض موضوع الإرهاب والتطرف، ومن يقرأ لها يعرف حجم معاناة الجزائريين والجزائر من الإرهاب. المعارضة السورية كانت بعيدة كل البعد عن القيادة الجزائرية، وسمحت للنظام أن يكون قريبا منها، وفي أكثر من مؤتمر للمعارضة كان هناك صوت حق يطالب بضرورة أن نكون مع الإخوة الجزائريين. وآخر بلد عربي سهّل موضوع التأشيرة للسوريين هي الجزائر. وهناك سوريون في أزمتهم ومحنتهم موجودون على الأراضي الجزائرية. والسؤال المطروح: هل يقبل الجزائريون الاستبداد وقتل الشعب السوري؟! بالتاكيد لا، وستتوضح الصورة للإخوة الجزائريينوالعراقيين الشرفاء، وستتوضح الصورة لكل أبناء العروبة فيما يخص ما جرى في سوريا. وفي النهاية سنتصالح جميعا على الخير وليس على الشر ونعود إلى جامعة الدول العربية، الكل موحدون وندافع عن حقوقنا وحقوق اليمنيين والليبيين، وهذا ما نأمله، ونعتبر كل ما مر علينا من الربيع العربي محنة لا بد منها.