يحاول أمين عام الأفالان، جمال ولد عباس، قطع صلة الحزب بفترة تسيير شؤونه على يد "الكاميكاز السياسي"، عمار سعداني، باعتباره كان "جريئا" بالخوض في ملفات حسّاسة. فاختار ولد عبّاس "خطاب الهدنة"، خصوصا وأن المتابعين كانوا يرون في سعداني بأن مهمته تنحصر في تصفية حسابات. فقال ولد عبّاس: "أنا لست في حرب مع أي أحد، كما أني لست هنا لتصفية الحسابات". وشرع ولد عبّاس في التخلّص من "العادات" التي دأب سعداني على تكريسها في الحزب، منذ مجيئه في أوت 2013، فبادر الأمين العام الجديد، أمس، بمنع الصحفيين من تغطية اجتماع المكتب السياسي، بالتحديد كلمته الافتتاحية، التي كان يغتنمها سعداني لتسليط الضوء وإعطاء مواقف الأفالان من أحداث وطنية ودولية. فقد تفاجأ الصحفيون، أمس، الذين هبّوا إلى مقر الحزب في حيدرة بأعالي العاصمة، وهم يُبلغون بأن الاجتماع مغلق، ولن يسمح إلا للمُصوّرين فقط بالدخول والتقاط صور، ويعودون إلى مقرات عملهم لانتظار بيان عن اجتماع المكتب، يعطي تفاصيل عن المواضيع التي تطرق إليها ولد عباس مع أعضاء المكتب. خرجة ولد عباس إزاء الصحافة يعتبرها بعض زملاء المهنة، بأن وزير الصحة السابق يرى في الصحفيين جزءا من ماضي سعداني، الذي "عوّدهم" على خرجاته النارية. وفي الأثناء التي كان فيها المصّورون يلتقطون صورا بلا صوت، عن اجتماع ولد عباس مع أعضاء المكتب، كان الأمين العام الجديد يتحدث عن مهمته الجديدة على رأس جبهة التحرير الوطني، ويعطي رسائل "مشفرة" تخص ماضي "الحزب العتيد" لدى توليه من طرف سعداني، فأول ما جاء على لسان ولد عباس: "جئت لإعادة بناء الحزب، ولست في هذا المنصب لتصفية حسابات مع أي شخص ولا جهة". فهل كان يقصد ولد عباس فعلا بأن سعداني "خرّب" الأفالان ليُعيد هو بناءه واستعمل الحزب لتصفية الحسابات؟ كما وصف ولد عبّاس نفسه ب"رجل السلام"، موضحا: "أنا لست في حرب ضد أي أحد، فأنا رجل سلام وأرغب في إعادة مجد الأفالان إلى سابق عهده، وعلى هذا الأساس، فجبهة التحرير الوطني مفتوحة لكل الغاضبين والساخطين من أبنائها، فالباب مفتوح لهم دون استثناء لكن دون شروط، وهؤلاء لن يكون المطلوب منهم سوى الالتفات حول قيادتهم الحالية، وكذا دعم الرئيس واحترام المؤسسات المنبثقة عن المؤتمر العاشر الشرعي". وأسرّت مصادر ل"الخبر"، أن "ولد عباس تلقى تعليمات بفتح قنوات مصالحة مع الغاضبين الذين أقصاهم وحاربهم سعداني، ومن هؤلاء عبد الرحمن بلعياط وعبد الكريم عبادة ومصطفى معزوزي والعياشي دعدوعة، واستشارتهم بحكم خبرتهم في تسيير شؤون الحزب، لكن دون صفة ماعدا كونهم مناضلين، على أساس أن ما يخشاه ولد عبّاس والجهة التي فرضته على رأس الحزب، أن يشترط الغاضبون على القيادة الجديدة، تقديم أسماء من جماعتهم في الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة". في سياق آخر، أعلن جمال ولد عبّاس بأن "تغييرات منتظرة في الأيام المقبلة ستشمل لجان الحزب، كما أنّني لن أجري تغييرات على أعضاء المكتب السياسي". ومما أوردته مصادرنا بأن "ولد عباس يُحاول امتصاص غضب أطراف عديدة تطالب بإبعاد شخصيات محسوبة على سعداني، على الأقل في مناصب قيادية في الحزب". وتضم الجبهة خمس لجان هي: لجنة الدراسات الإستراتيجية والاستشراف يرأسها وزير الفلاحة عبد السلام شلغوم، لجنة الإطارات، لجنة المالية، ولجنة الرقابة ولجنة الانضباط. وفي بيان اجتماع المكتب السياسي، نوّه ولد عباس ب"الجهود والخدمات الكبيرة التي قدمها للحزب خلال توليه الأمانة العامة، وكذا أحيي أعضاء اللجنة المركزية على وعيهم العالي والتزامهم الحزبي من خلال وحدة الصف الذي أظهروه خلال عملية انتخاب الأمين العام". كما ثمّن المكتب السياسي "الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية رئيس الحزب، من أجل الحفاظ على المكاسب الاجتماعية، وحماية ذوي الدخل المحدود، من خلال التدابير المتخذة في مشروع قانون المالية".