على عكس التطمينات التي أطلقتها الحكومة، وتهوين آثار الزيادة في الرسم على القيمة المضافة بنقطتين بالنسبة للمعدل الأدنى والعادي، من 7 إلى 9 في المائة ومن 17 إلى 19 في المائة، فإن المتمعن في تركيبة اعتماد الرسم يؤكد بأن المواطن سيتحمّل زيادات بالجملة في العديد من المواد والخدمات، بداية من الفاتح جانفي المقبل. من الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة في مشروع قانون المالية 2017، لتحقيق إيرادات إضافية لصالح ميزانيتها؛ تلك التي تخص رفع الحد الأدنى والأعلى للرسم على القيمة المضافة، فقد تم اقتراح رفع نسبة 7 في المائة إلى 9 في المائة، ونسبة 17 في المائة إلى 19 في المائة. ومن شأن تعديل النسب أن يحدث تغييرات جوهرية في عدة مواد ومنتجات، منها الاستهلاكية، خاصة وأن الرسم على القيمة المضافة يقع بالضرورة على عاتق المستهلك النهائي. ويرمي قرار تعديل تركيبة وبنية الرسم على القيمة المضافة، التي ترتكز في الجزائر على قيمة دنيا “7 في المائة”، وقيمة عليا “17 في المائة”، إلى تحصيل موارد إضافية، وينتج عنها زيادات من إيرادات الدولة، حيث ستجني الدولة من هذا الإجراء أكبر حصيلة تقدر ب110 مليار دينار، أو 990.4 مليون دولار، سيدفعها المواطن، علما بأن الجزائر اعتمدت الرسم على القيمة المضافة منذ أفريل 1992. ويعتبر الرسم على القيمة المضافة ضريبة عامة للاستهلاك، تخص العمليات ذات الطابع الصناعي والتجاري والحرفي والحر. وتقصى من المجال التطبيقي للرسم على القيمة المضافة، العمليات ذات الطابع الفلاحي أو الخدمات العامة غير التجارية. وأدرجت الجزائر بداية من الفاتح جانفي 1995، الرسم على القيمة المضافة على عمليات البنوك والتأمين، التي كانت سابقا خاضعة لرسم معين يعرف ب "الرسم على عمليات البنوك والتأمين". ويعتبر الرسم على القيمة المضافة، ضريبة يتحمّلها المستهلك، أو المواطن، غير أنها تحصل بصفة منتظمة كلما تمت معاملة خاضعة للرسم. وفي حال خضوع الشخص للرسم على القيمة المضافة، يمكن مطالبة عملائه بخصم الرسم منه، ليتم تحريره في فاتورة من طرف الممولين، أو الذي يدفعه عند الاستيراد. ولكون الرسم على القيمة المضافة حقيقة تخص الاستهلاك النهائي للسلع والخدمات، وهي ضريبة غير مباشرة، فإن الحكومة تسعى لضمان تثمينها، من خلال مراجعة التركيبة لتوسيع استخداماتها، وبالتالي الاستفادة من إيرادات إضافية ومداخيل تغطي بها العجز في موازنتها، فيما سينتج عنها بالمقابل تأثير في مستويات الأسعار، وبالتالي التضخم، ولكن أيضا على مستويات نمو عدد من القطاعات. ويؤدي زيادة الرسم على القيمة المضافة إلى ارتفاع تكاليف معظم الخدمات، والعديد من السلع. فمثلا، سيدفع المواطن بداية من جانفي 2017، تكلفة إضافية في تذاكر السفر، هذه الأخيرة كانت تخضع لرسم على القيمة المضافة ب17 في المائة، ومن شأن رفع الرسم بنقطتين أن يؤدي إلى زيادة في سعر التذاكر، كل حسب قيمة التذكرة. وتساهم زيادة الرسم على القيمة المضافة في زيادة أكبر في سعر البنزين. ففي حين كان سعر البنزين الممتاز بزيادة الرسم على المواد البترولية ب3 دنانير، يقدر ب34.42 دينارا للتر، فإن أثر زيادة الرسم على القيمة المضافة من 17 إلى 19 في المائة تجعله يعادل 35.49 دينارا، أي بأكثر من دينار إضافي في اللتر. وبالنسبة للمازوت، الذي أضيف إليه دينار في الرسم على المواد البترولية، فإن الارتفاع يقدر ب19.76 دينارا. لكن أثر ارتفاع الرسم على القيمة المضافة، يجعله يزيد عن 20.23 دينارا، ويضاف إلى اللتر الواحد قرابة 0.50 دينارا. وإذا كانت الدولة ستجني بفضل الرسم على المواد البترولية 30.36 مليار دينار، أو 273 مليون دولار، فإنها ستجني أيضا من زيادة الرسم على القيمة المضافة في مجال البنزين، 109 ملايين دولار، سيدفعها المواطن والمستهلك أيضا . ولا يقتصر الأمر على ذلك؛ فالتأمين على السيارات ومختلف التأمينات الأخرى التي تخضع لنسبة 17 في المائة، سترتفع تكلفتها على المواطن أيضا بعد رفع النسبة إلى 19 في المائة، كما ستزيد الخدمات الفندقية ومواد استهلاكية أخرى، على عكس تصريحات الحكومة .