لم تشكل مهزلة المنتخب الوطني في دورة الغابون ، حالة إستهجان المناصرين الجزائريين الذين تنقلوا هنا بأموالهم الخاصة ، فحسب ، بل الخيبة مست أيضا الجالية العربية المتواجدة هنا بفرانس فيل، والتي كانت تعلق أمالا كبيرة على رفقاء أحسن لاعب في القارة السمراء ، غير أن لا محرز و لا براهيمي و لاسليماني ولا .. تمكنوا من حفظ ماء وجه المنتخب المونديالي . إعتبرت الجالية العربية المتواجدة هنا في مدينة فرانس فيل الغابونية ، خروج المنتخب الجزائري من المنافسة الافريقية مبكرا ، بمثابة "مفاجأة مدوية" ، خاصة وأن العديد منهم ، باستثناء طبعا التونسيين ، إختاروا عن قناعة تشجيع " الخضر" في مجموعة ثانية ضمت السينغال و زيمبابويوتونس .
هل أخطأ طارق اللبناني الاختيار ؟
طارق اللبناني صاحب العديد من المحلات التجارية بفرانس فيل و حتى في العاصمة ليبروفيل ، كان من بين العرب الذين أعدوا العدة لتشجيع ومساندة المنتخب الجزائري ، على حساب المنتخب التونسي ، وهو ما تجلى في المقابلات الثلاثة التي لعبتها تشكيلة المدرب المستقيل جورج ليكنس ، حيث كان في كل مباراة يقتني ما يقارب ال 50 تذكرة ، لمنحها لعمال محلاته الغابونيين ، لحثهم على المجيء إلى الملعب و تشجيع المنتخب الجزائري في مبارياته . وبعد خيبة الاقصاء من الدور الاول ، بدا طارق اللبناني (متزوج وأب لطفل ) ، متأثرا و مندهشا في نفس الوقت ، حيث قال ل"الخبر" لم أفهم ماذا يحدث في المنتخب الجزائري ، فلديكم لاعبين ينشطون في أندية معروفة في أروبا و لديكم إمكانات كبيرة ، غير أن لا شيء من هذا إنعكس فوق أرضية الميدان ."، مضيفا " قبل إنطلاق البطولة إتفقت مع زوجتي على أن نشجع الجزائر ، على حساب المنتخب العربي الاخر تونس ، وهذا (يضحك) ، نكاية في صديقي التونسي مكرم الذي نصحني في البداية أن أختار تونس ، لكنني رفضت غير أنني الان عرضة للسخرية من صديقي التونسي ." ووأوضح طارق ، المناصر والمتشدد لنادي نجمة اللبناني ، الذي سبق وأن دربه الجزائري محمود قندوز ، أن المنتخب الجزائري ظهر مهلها في جميع خطوطه وليس الدفاع فقط ، بدليل أنه لم يقو حتى على الفوز في جميع مبارياته الثلاثة ."
أما التونسي مكرم ، الذي يعد حاليا العدة للتنقل رفقة العديد من التونسيين المتواجدين في فرانس فيل ، إلى العاصمة ليبروفيل ، لمساندة رفاق المساكني في مهمة التغلب على بوركينافاسو ، في لقاء الدور ربع النهائي ، فقد بدا هو الاخر مندهشا للوجه الشاحب الذي ظهر به المنتخب الجزائري ، لاسيما في مباراته أمام تونس ، حيث قال ل"الخبر" قبل المباراة ، كنت خائفا إلى درجة أنني لم أتناول أي وجبة ليلة اللقاء ، لكن بمجرد إنطلاق المباراة أمامكم شعرت بنوع من الارتياح و شعرت أيضا أن الجزائر لو تلعب مائة عام ، لما تمكنت من الوصول إلى حارسنا المثلوثي ، رغم بعض الفرص التي أتيحت لكم ." وأوضح مكرم التونسي ، تاجر هنا بفرانس فيل ، أن ما أدهشه " هو غياب الروح القتالية التي غالبا ما صنعت الفارق للمنتخب الجزائري في مبارياته السابقة " ، مستدلا بالمباراة الكبيرة التي خاضها رفاق عنتر يحي في أم درمان السودانية ، مستطردا " لو لعبتم بنفس روح مباراة أم درمان ، لما أوقفكم أحدا في هذه الدورة ، خاصة في ظل تواضع منتخبنا الذي لا يملك نجوم مثل الجزائر و كذا تواضع و المنتخب الزيمبابوي الذي إجتزناه برباعية ، على عكس منتخبكم الذي فرض التعادل عليه بطعم الانتصار ." وبكثير من الديبلوماسية ، اضاف مكرم " أنتم شرفتم العرب في مونديال البرازيل الاخير ، وهذا هو الاهم .. أما في إفريقيا فالجميع بإمكانه إنتزاع اللقب و بإمكانه أيضا الخروج من المنافسة " مستدلا في كلامه بخروج حامل اللقب منتخب كوت ديفوار و منتخب البلد المنظم للدورة الغابون . ولم يفوت مكرم التونسي ، الفرصة لتوجيه نداء للجزائريين مازحا " تغلبنا عليكم رياضيا فوق أرضية الميدان ، وهذا لا يعني أننا الاقوى ، ما عليكم إلا إعادة ترتيب الامور وأنصح لاعبي المنتخب بالتنقل في الصيف إلى تونس ، لقضاء عطلهم هناك في شواطىء سوسة و الحمامات و مونيستير ونابل .."..
"الاقصاء ليس نهاية العالم "
تركنا مكرم التونسي ، وإتجهنا نحو عبد الرزاق المغربي ، صاحب محلات التنظيف هنا بفرانس فيل ، فوجدناه منتشيا بورقة التأهل إلى الدور ربع النهائي التي إنتزعها منتخب بلاده ، بعد إزاحته من الطريق حامل اللقب ، منتخب كوت ديفوار ، في مجموعة صعبة ضمت منتخب الكونغو الديمقراكية و منتخب الطوغو الذي يلعب له النجم أديبايور. عبد الرزاق الملتزم ، كما يشهد له زملائه المسلمين هنا بفرانس فيل ، إستهل كلامه معنا بالقول " لا فرق بيننا ، نحن كلنا مسلمين ، ففوز المغرب ، يعني بالضرورة فوز الجزائر و تونس ومصر ، وعليه علينا كلنا الان مساندة بعضنا البعض في السراء و الضراء ."، مضيفا " لا يجب البكاء على الاطلال ، صحيح أن المنتخب الجزائري كان مرشحا في هذه الدورة .. لكن الان خرج من الدور الاول ، وهذا لا يعني أنها الكارثة ، فمجتماعتنا عليها أن لا تولي الكثير من الاهتمام للأمور الجانبية ككرة القدم ، على حساب الامور الاساسية ، كعقيدتنا و أخلاقنا و مكتسباتنا ." وأوضح المغربي عبد الرزاق الملتحي " على المنتخب الجزائري الذي لم يظهر أي شيء هنا بالغابون أن يراجع حساباته و أن يمنح عارضته الفنية لمدرب محلي ، على الاقل في حالة الخيبة سيتأثر و سيشعر بالخيبة ، كما يعيشها الشعب الجزائري ، على عكس المدرب الاجنبي الذي يفكر بعد الهزيمة أو الفوز على أمواله وكيفية مضاعفتها و الاستفادة من خيراتنا ." وبالرغم من تأهل منتخب بلاده إلى الدور ربع النهائي بقيادة مدرب فرنسي إسمه هرفي رونارد ، إلا أن عبد الرزاق ، بدا صارما في موقفه ، قائلا " كنت أفضل مدرب محلي من بني جلدتي ، لكن الجامعة المغربية إختارت هذا التقني الاجنبي .. أتمنى فقط أن يحقق نتائج في مستوى تطلعات الجمهور المغربي الذي لم يبق أمامه إلا كرة القدم للتنفس ." "كنا نعول على الجزائر ، لكن حدثت الكارثة" الجالية المصرية هنا بفرانس فيل ، هي الاخرى عبرت عن تأسفها لخروج المنتخب الجزائري من الدورة مبكرا ، وهو ما ترجمه عبد الاله ، صاحب مطعم في ليبروفيل ، إلتقيناه في شوارع " بوتوس " بوسط مدينة فرانس فيل ، قائلا ل"الخبر" " أعتقد أنها الكارثة بالنسبة للمنتخب الجزائري الذي كنا نعول عليه كثيرا لرفع راية العرب في المجموعة الثانية ، لكن شاءت الاقدار أن يرفعها المنتخب التونسي الذي لم يكن مرشحا في المجموعة ." واضاف عبد الاله الذي تعذر عليه التنقل أمس إلى مدينة بورت جونتي لرؤية مباراة منتخب بلاده أمام غانا ، لاسباب شخصية مهنية ، " غياب الروح القتالية للمنتخب الجزائري سبب في الخروج المبكر ، حتى أن المدرب البلجيكي لم يكن أيضا في المستوى ، وهو ما شاهدناه في المقابلات التي لعبها " الخضر" في هذه الدورة.
"سنبقى أوفياء للجزائر"
الجالية الموريتانية المتواجدة هنا بكثرة ، هي الاخرى ساندت المنتخب الجزائري ، بدليل مساعدتهم للأنصار الجزائريين عند مجيئهم إلى فرانس فيل ، وتنقلهم بكثرة إلى الملعب لمؤازرة رفاق سليماني في مهمة تشريف الالوان ، لكن خيبتهم كان كبيرة بعد الاقصاء في الدور الاول ، وهو ما عبر عليه ولد تكا عزيز صاحب مطعم في فرانس فيل ، قائلا " الجزائر لم تخيب أبنائها ، بل نحن أيضا الموريتانيين الذين فضلنا مساندة الجزائر ، على حساب منتخبات عربية متواجدة هنا ، لأننا نحترم كثيرا الجزائر ومواقفها السياسية الديبلوماسية ، بدليل أن أول بلد عربي إعترف بإستقلالنا هو الجزائر ." ولم يكتف ولد تكا عزيز بذلك ، بل أضاف " حتى وإن خرجت الجزائر من دورة الغابون ، فسنبقى نساند منتخب بلادها الذي شرفنا في البرازيل."