حشدت عدة أحزاب سياسية وتنظيمات مدنية المئات من المتظاهرين وسط العاصمة التونسية، أمس، احتجاجا على مصادقة البرلمان على قانون المصالحة الإدارية، الذي يقر تدابير عفو على الموظفين الفاسدين، الذين ارتكبوا مخالفات في العهد السابق، حيث تجمع الآلاف من المتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة، استجابة لنداء منظمة "أنا يقظ"، وحملة "مانيش مسامح" والقوى الوطنية المناهضة لقانون المصالحة الإدارية في مسيرة "الثبات ضد حكم المافيات". واعتبرت منظمة "أنا يقظ" أن ما حدث "هو محاولة السطو على الدستور التي تورط فيها جل نواب الأغلبية الحاكمة، وخرق إجراءاته بسبب عدم انتظار الرأي الاستشاري الوجوبي للمجلس الأعلى للقضاء، حول مشروع القانون، ما يشكل خرقا لمراحل مسار المصادقة على مشاريع القوانين وتعديا على مؤسسات الدولة الدستورية"، فيما يستعد عدد من نواب كتل المعارضة إلى التوقيع على عريضة الطعن، في دستورية مشروع القانون شكلا وأصلا، أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين. من جهتها، أصدرت حركة "النهضة" بيانا لتوضيح موقفها الداعم لقانون المصالحة الإدارية، بعد تململ ورفض من بعض كوادرها وقواعدها لهذا الموقف، وأفاد البيان بأن تثمين مصادقة مجلس نواب الشعب على قانون المصالحة الإدارية الذي تقدّمت به رئاسة الجمهورية، بعد أن تمّ إدخال تحويرات جوهرية على صيغته الأولية لسنة 2015، عبر توافقات جعلته أكثر اندراجا ضمن قانون العدالة الانتقالية وأحكام الدستور الجديد. وكان البرلمان قد صوّت على تمرير مشروع قانون المصالحة الإدارية في المجال المالي والاقتصادي، بعدما تم تعديله، حيث كان يشمل في وقت سابق رجال المال الفاسدين في عهد بن علي، لكنه اقتصر في شكله الجديد فقط على الموظفين العموميين الذين تورطوا في ممارسة الفساد، ونددت منظمة الشفافية الدولية التونسية اليوم بمصادقة مجلس النواب على قانون المصالحة الإدارية واعتبرت أنه "يمنح عفوا عن شخصيات ارتكبت جرائم نهب الثروات في البلاد". وطالبت المنظمة ب"سحب القانون وصياغة قانون آخر سيحقق العدل للشعب التونسي". وشددت شفافية دولية على أن "تونس خسرت من خلال هذا القانون أهم ركائز الحرب ضد الفساد"، مضيفة أن "البرلمان صوّت ضد محاسبة الفاسدين وهو أهم أسباب ومطالب ثورة جانفي 2011، ما سيعيق مجرى التحقيقات، وكذا تحديد قيمة الأموال المنهوبة من طرف المعنيين وإخفاء أموالهم".