يصب القرار الأخير للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بإضافة أربعة أعضاء جدد ضمن مكتبها التنفيذي في صالح الجزائر التي تلقت، بموجب خيار "الكاف" بوضع حد لازدواجية العهدات، فرصة من ذهب من أجل استعادة نفوذها على مستوى الهيئة الكروية القارية التي فقدتها مع سقوط الرئيس السابق للكونفدرالية، عيسى حياتو، بسبب تراجع "شعبية" الجزائري محمد روراوة وسط الأفارقة، وخياره الخاطئ بالمراهنة على "عدوه" حياتو بدلا من الوقوف بجانب "صديقه" أحمد أحمد. يتعدى قرار إضافة أربعة أعضاء للمكتب التنفيذي ل"الكاف" يوم 2 فيفري المقبل خلال الجمعية العامة العادية المقررة بالمغرب، جانب الرهان على ضمان تمثيل في الهيئة الكروية القارية بالنسبة للجزائر، فالفرصة الجديدة التي لم تكن في الحسبان منذ سقوط التمثيل الجزائري بسقوط روراوة في الإنتخابات الأخيرة، لها أبعاد رياضية وسياسية واستراتيجية في ظل "اكتساح" المغرب لأقوى لجان الكونفدرالية وانتزاعها لإحدى مناصب النيابة الثلاثة لرئيس "الكاف"، وما ترتّب عنه في إعادة رسم خارطة الهيئة الكروية القارية من حيث التموقع وبسط النفوذ الذي يضمن للوافدين الجدد من موقع قوة فرض منطقهم على مستوى كل اللجان والمديريات القوية. الإعلان عن هدنة بين زطشي وروراوة واجب من أجل الجزائر الوضعية الحالية التي تمر بها الجزائر كرويا، وخسارتها لرهان المونديال الذي أعقب خسارتها لمناصبها في "الكاف" و"الفيفا" بسبب سوء تقدير ممثلها محمد روراوة الذي حرص على خدمة نفسه أكثر من خدمة الكرة الجزائرية لعدم "استغلاله" لنفوذه لتمكين الكفاءات الجزائرية من التواجد في كل اللجان القوية والمؤثرة وعلى مستوى الأمانة العامة وتنصيبهم كأبرز المكوّنين وأهم محافظي المباريات، يجعلها اليوم مرغمة على وضع "نقطة نظام" ومراجعة الحسابات والتفكير مليا في أبعاد وأهمية الفرصة الجديدة التي منحتها لها "الكاف" من أجل تدارك خسارة الإنتخابات السابقة التي أسقطت روراوة بالضربة القاضية وجعلته يخرج من الباب الضيق لتفقد الجزائر معه نفوذها على مستوى "الكاف". وانطلاقا من قناعة بأن النفوذ يضمن الولاء والإحترام ويسمح لأي بلد قوي على مستوى الكونفدرالية تفادي "الضرب تحت الحزام"، فإن إغفال أهمية الإستثمار في الفرصة الجديدة لاستعادة عضوية المكتب التنفيذي ل"الكاف" سيقضي حتما على بصيص الأمل للعودة مع الكبار وإعادة التوازن على مستوى الكونفدرالية لوضع حد لهيمنة المغرب الواضحة عليها منذ أن راهن على "الحصان الرابح" بوقوفها بجانب الملغاشي أحمد أحمد، صديق الجزائر، في "مواجهته" المفتوحة على الرئاسة مع الكامروني عيسى حياتو الذي حظي بتأييد "غريب" من روراوة وكان ذلك خطأ استراتيجيا آخر فادحا تسبب في "تقزيم" الجزائر على مستوى "الكاف". الفرصة الجديدة تضع الرئيس الحالي ل"الفاف" خير الدين زطشي وسابقه محمد روراوة أمام حتمية الإعلان عن "هدنة" وترك الخلافات الشخصية جانبا ولو إلى حين ووضع مصلحة الكرة الجزائرية في المقام الأول مثلما هو حاصل لدى عدة بلدان برزت وتفوقت بفضل الإلتفاف حول هدف واحد بعيدا عن الخلافات والخلفيات، ويستوجب أيضا على السلطات تحريك الآلة الديبلوماسية والنظر إلى المقعد المقترح على مستوى المكتب التنفيذي على أنه "طوق نجاة" لتمكين الجزائر من استعادة قوتها وكسب "معركة" جديدة أمام المغرب وتوجيه رسائل مشفرة للأفارقة بأن الجزائر بلد لا يقل قوة عن بقية البلدان التي "تحتكر" المناصب المهمة واللجان القوية على مستوى الهيئة الكروية القارية. روراوة أفضل خيار لترويض المغرب والأعضاء الفاعلين في "الكاف" مقارنة بزطشي ووجب اليوم قطع الشك باليقين والحسم في الإستراتيجية الواجب اعتمادها وتبنيها من أجل مصلحة الجزائر والكرة الجزائرية، ووجب أيضا النظر إلى مقعد "الكاف" من زاوية تفوق الجانب الرياضي، ونستقر على "الفارس" المناسب لخوض المعركة الجديدة، كون النظرة البراغماتية تدفعنا مرغمين للمراهنة على محمد روراوة، بكل سلبياته وأخطائه السابقة، بدلا من خير الدين زطشي، كون الرئيس السابق للإتحادية أكثر خبرة وتمرسا ومعرفة بخبايا "الكاف" وأكثر تحكما بلعبة الكواليس مقارنة بالرئيس الحالي، وهو (روراوة) رجل ذا كاريزما كبيرة مكنته في وقت سابق من تبوأ مناصب على مستوى كل الهيئات القارية والإقليمية والدولية، ولم تعد دواليب الحكم الكروي تخيفه أو تثير دهشته على خلاف خير الدين زطشي الذي كرّس كل وقته في بداية خطواته في اجتماعات مختلف الهيئات الكروية لأخذ صور مع الأسماء البارزة في "الكاف" و"الفيفا". الكرة اليوم متواجدة في مرمى السلطات التي لم تستسغ قبل أشهر موقف روراوة منها حين راح يجرّدها من كل الفضل الذي بلغته الكرة الجزائرية من خلال منتخبها الأول ونواديها، ملصقا كل "الإنجازات" بشخصه، ويتعين عليها وضع النقاط على الحروف مع روراوة ومع زطشي ومع وزير الشباب والرياضة وكل الفاعلين من أجل الإلتفاف حول هدف واحد وهو إعادة بسط نفوذ الجزائر على مستوى "الكاف" وقطع الطريق أمام المغرب لمزيد من الهيمنة، وهي (المغرب) التي لم تتجرّع إلى غاية اليوم تكليف "الفيفا" لمحمد روراوة، في 2014 بقيادة لجنة لمعاينة وضع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي غرقت في الفوضى والخلافات في عهد رئيسها السابق ساسي الفهري بسبب تدخل وزير الشباب والرياضة في شؤونها، ما يضع روراوة اليوم أقوى رجل قادر على "ترويض" المغرب والأعضاء المؤثرين في الهيئة الكروية القارية ويتعين اعتماده رسميا من طرف "الفاف" للعودة إلى مقعده في "الكاف". تجدر الإشارة إلى أن التونسي طارق بوشماوي، عضو مكتبي "الكاف" و"الفيفا" معني بازدواجية عضوية المكتب التنفيذي للهيئة الكروية القارية، وسيكتفي، على غرار أربعة أعضاء آخرين، بتواجده في "الكاف" بصفته عضو في "الفيفا"، ما يضع المقعد الجديد لمنطقة شمال إفريقيا محل صراع بين الجزائر وليبيا فقط، كون المغرب وتونس ومصر ممثلين بفوزي لقجع وطارق بوشماوي وهاني أبو ريدة.