حملت رسالة طويلة بعثتها التنسيقية الوطنية للأطباء المقيمين الى رئيس الجمهورية وتحصلت "الخبر" على نسخة حصرية منها، تشريح عام للوضعية الحالية للأطباء المقيمين عبر المستشفيات، وطالبت القائد الأول بالبلاد التدخل العاجل لإنقاذ كرامتهم التي حاول مسؤولي القطاع الدوس عليها. كما تقول الرسالة.
" باسم أكثر من خمس عشرة ألف من الأطباء المقيمين الجزائريين ، نخُط لكم هذه الرسالة سيدي و في داخلنا قهر و حسرة يتخللها ضوء خافت من الأمل مصدره الوحيد ثقتنا في عدل وحكمة سيادتكم" ، بهذه العبارات بدأت رسالة التنسيقية التي أعربت عن فقدانها الثقة في كل الهيئات وبقي أمامها رئيس الجمهورية فقط لإنصافها.
وبلغت التنسيقية الرئيس أنهم شرعوا منذ اكثر من شهرين في حركة إحتجاجية بعد أن أوصدت أمامهم كل أبواب الحوار الجدي ،"ففئة الأطباء المقيمون تقاوم بشدة كل محاولات الإذلال من أي طرف كان ، والدافع وراء احتجاجاتنا هو استعادة الكرامة المهدورة ...هذا ما يحصل منذ سنوات ،تقارير وشكاوى و تظلمات تُرفع باستمرار الى الوصاية ، تقابلها وعود و تطمينات ثم حوار من أجل الحوار ثم تهميش و تجاهل و الآن تنصل من المسؤولية من طرف الوزارة الوصية".
واستمرت رسالة التنسيقية للرئيس بالتأكيد أن " بعض مسؤولي القطاع بلغ بهم الأمر إلى حد أخذ المرضى كرهائن ، يساومون الطبيب المقيم بين عمله و كرامته و بين المريض ، في خرق وتعد على كل القيم الإنسانية و الإجتماعية و الأخلاقية .....كيف تفسرون إجبار الطبيب على العمل في وسط لا يتوفر فيه الأمن ناهيك عن الوسائل و الظروف الإنسانية ؟....، كيف للطبيب المقيم الشاب الذي لا يتعدى سنه الثلاثين سنة أن يعمل بكل عطاء و هو يرى الآلة القانونية و التشريعية تسخر كل مواردها من أجل إعاقته و وضع العراقيل أمام مستقبله" .
وفي سياق الحديث عن التهميش الذي طالهم في مشاورات قانون الصحة تساءلت التنسيقية " كيف لنا أن نرضى بقانون يُعد خلف أبواب مغلقة و ذلك لشلنا و إعاقتنا و لعل أكبر دليل على هذا الكلام هو مشروع قانون الصحة الجديد الذي يُحضر في الخفاء ، بعيدا عن الأعين لغاية في نفس يعقوب"، وعادت التنسيقية لمبدأ المساواة بتذكيرها أن " الدستور الجزائري يفرض المساواة الكاملة بين كل المواطنين الجزائريين ،مهما كانت إنتماءاتهم... إن هذا المبدأ يُنتهك باستمرار و دون أدنى مبالاة حين يُطبق على الطبيب، و لعل أكبر دليل على ذلك هو الإستثناء المجحف للأطباء من قرارات الإعفاء من الخدمة الوطنية دون غيرهم من المواطنين الجزائرين الذين تتوفر فيهم كل الشروط التي تنطبق على الطبيب و رغم ذلك يستثنى الطبيب من حقه في الإعفاء في خطوة محيرة تكرس الظلم و الإجحاف في حقه ، فهذا الأخير كأنه ارتكب جريمة نكراء بخياره دراسة الطب" والأمر نفسه بالنسبة للخدمة المدنية الإجبارية "يكمن الخلل في كون هذه السياسة تكريس للفشل المستدام و لماذا يفرض فقط على الطبيب وحده بإجبارية أداء الخدمة المدنية، في نوع من الإذلال النفسي في حين أن باقي خريجي الجامعة الجزائرية لا تفرض عليهم أي إجراءات مماثلة".
ونوهت الرسالة الى الأهمية التي أولاها الرئيس للمرأة " لا يخفى عنكم سيدي الرئيس أن أكثر من ثلثي عدد الأطباء المقيمين هُن من النساء ، ضحين بشبابهن للدراسة و التكوين المتخصص ، يعملن في ظروف جد صعبة، أقلها البعد عن الأهل.... فهل تعلم سيدي الرئيس أن الطبيبات المقيمات الجزائريات محرومات من أبسط حقوقهن ، إنه حق الأمومة حيث صار موضع خيار و مساومة من طرف أشباه المسؤولين، الأمومة في فترة الإقامة في الطب صارت تُعرض الطبيبة إلى أبشع و أفظع المواقف من ضغط نفسي و جسدي و اعتداءات لفظية و إجراءات تعسفية ، فتحرم من تكوينها أو من أجرها و عطلتها في تعد صارخ آخر ليس فقط على القانون إنما حتى على الأخلاق والإنسانية".
وختمت الرسالة ب"فخامة الرئيس ، إن الضغط الرهيب ، و المساومات و الإجراءات التعسفية ، ستؤدي بِنَا إلى ما لا تُحمد عُقباه ، خصوصا أن الثقة بين الأطباء و الوصاية بلغت أدنى منازلها وثقتنا فيكم أكبر من أن يُعكر صفوها تصريح استفزازي من مسؤول أو حملة منظمة من إعلام و أقلام مأجورة لا تريد الخير للبلاد و العباد ، هذه رسالة و صرخة باسم الآلاف من الأطباء المقيمين الصامدين المثابرين الواثقين في إنصافكم لها".