أمرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، ولاة الجمهورية، بغلق أسواق بيع المواشي ومنع تنقل هذه الأخيرة عبر الولايات، تفاديا لاتساع رقعة الإصابات بطاعون المجترات الصغيرة الذي لم تفصح عنه رسميا بعد، وهي الملابسات التي أثارت قلق الموالين الذين بدأوا يتحركون عبر الولايات للمطالبة بحقيقة ما يحدث، وحقهم في تلقيح مواشيهم لتفادي المزيد من الخسائر، في الوقت الذي ستلتقي فيدراليتهم بمسؤولي وزارة الفلاحة غدا للاستفسار عن نتائج التحاليل. وحسب تصريحات مصادر ل"الخبر"، فإن ولاة الجمهورية، تلقوا، أمس الخميس، تعليمة من وزارة الفلاحة تحثهم فيها على ضرورة غلق أسواق بيع المواشي ومنع تنقلها لتفادي تسجيل مزيد من الإصابات. وقد باشرت الولايات تطبيق التعليمة، من خلال الإعلان عن حالة استنفار قصوى أمرت بموجبها مديريات الفلاحة بالمتابعة اليومية لأسواق بيع المواشي وتحسيس الموالين بأهمية القرار، بالنظر إلى الخسائر المسجلة ببعض الولايات التي تجاوز عدد النفوق فيها 400 رأس غنم، وتنفيذا لهذه التعليمة قامت ولاية سكيكدة بغلق أسواقها الأربعة المتواجدة بكل من تمالوس، الحروش، عزابة ورمضان جمال، وهذا تفاديا لانتشار الحمى القلاعية وطاعون المجترات الصغيرة. وفي ولاية البيض، استبق والي الولاية الوضع وأصدر قرارا بغلق أسواق الماشية عبر تراب الولاية لمدة شهر تفاديا لإصابة قطعان الغنم بأمراض تستهدف هذه الأخيرة، حيث كثر الحديث عنها مؤخرا، سواء طاعون المجترات الصغيرة أو حتى الحمى القلاعية، بعد أن لاحظ الموالون أعراضا شبيهة بالتي حدثت في ولايتي المدية والجلفة التي سجلت نفوق المواشي. وقد شرعت مديرية المصالح الفلاحية بالبيض، في حملات تلقيح واسعة لإنقاذ قطعان الماشية التي تعدّ عصب التنمية بالولاية والنشاط الأكثر استقطابا للسكان. وقد أبدى المربون قلقا كبيرا من القرار الذي وصفوه بالمفاجئ، مؤكدين إلحاحهم على ضرورة تجنيد البياطرة لضمان فعالية التلقيح ووصول القوافل إلى المناطق النائية. أما في ولاية النعامة، فقد تجمّع عشرات الموالين ومربي المواشي أمام المفتشية البيطرية للولاية، أمس، للمطالبة بتوفير اللقاح الكافي للمواشي بعد تفشي مرض غريب وسط الماشية وبدرجة أكثر الخرفان حديثة الولادة، وكذا رؤوس الماشية التي ظهرت عليها أعراض شبيهة بمرض الحمى القلاعية الذي يتخوف منه الموالون. وأبدى المحتجون قلقهم من تقاعس مديرية الفلاحة في تعاملها مع ظاهرة نفوق العشرات من الخرفان وتباطؤ المفتشية البيطرية في الكشف عن المرض. وأمام هذه التطورات خصّص والي النعامة، محمد حجار، اجتماع المجلس التنفيذي الولائي الموسع المنعقد الخميس الماضي، لدراسة الإجراءات العملية لمواجهة الوضع بعد نفوق العشرات من المجترات الصغيرة لاسيما حديثة الولادة، ومن أهم القرارات التي أعلن عنها الوالي، غلق كافة أسواق المواشي كإجراء وقائي لمدة ثلاثين يوما ومنع الرعي الجماعي وتجمّع الماشية بنقاط الشرب ومنع تنقل الماشية إلا بترخيص من الطبيب البيطري لغرض الذبح. من جهتها، أصدرت سلطات ولاية بلعباس، قرارا يقضي بغلق كل أسواق الماشية بتراب الولاية لمدة 30 يوما كاملا، كإجراء وقائي في إطار حملة مكافحة وباء الحمى القلاعية وطاعون المجترات الصغيرة داخل الولاية. وذلك بعد حوالي 48 ساعة من صدور قرار مماثل عن مصالح ولاية البيض المجاورة، مما ترك الانطباع بوجود حالة استنفار معلنة ومخاوف لدى السلطات من إمكانية تسجيل بؤر للعدوى يصعب التحكم فيها مستقبلا. وتعد ولاية سيدي بلعباس، من أهم الولايات التي تعرف حركية في مجال تربية الماشية على مستوى الجهة الغربية من الوطن بالنظر لأعداد رؤوس الماشية المحصاة داخل إقليمها الجغرافي. وهي التي تقرر غلق أسواقها التسعة خلال مدة لن تقل عن 30 يوما تماشيا مع منع كل التجمعات الحيوانية الخاصة بالأغنام والأبقار والماعز عبر ترابها الإقليمي. وتضمّن القرار الذي تم توزيع مضمونه للتنفيذ عبر كامل بلديات الولاية ال 52، منع تنقل الحيوانات من وإلى تراب ولاية سيدي بلعباس، مع استثناء رؤوس الماشية التي يحوز أصحابها على شهادات بيطرية رسمية تثبت صحة ومصدر ووجهة تلك الحيوانات. في الوقت الذي تضمّن فيه القرار الولائي الأخير جملة من الإجراءات الوقائية والاحترازية الواجب اتخاذها من قبل الموالين ومربي المواشي والسلطات المحلية عبر جميع بلديات الولاية في تعاملها مع كل ما من شأنه الوقاية من حدوث أي انتقال للعدوى أو الوباء، مع تطبيق الإجراءات القاضية بمكافحة حدوث بؤرة في أي نقطة من نقاط الولاية، بما في ذلك نشر كل الأرقام الهاتفية الخاصة بالبياطرة المختصين إقليميا وضرورة التنسيق بين رؤساء البلديات ومصالح الطب البيطري بإشراك مصالح الأمن والدرك عبر المحاور الطرقية. ويأتي القرار الذي تم نشره وتوزيعه على جميع البلديات للتنفيذ، كنوع من حالات الاستنفار اتقاء وتجنّبا لانتقال العدوى، في وقت نفت فيه مختلف الدوائر المعنية التي اتصلت بها "الخبر" أي صلة للقرار، باكتشاف حالة وبائية عبر قطعان الماشية بالولاية، بعد أن وصفت الخرجة ب "الاحترازية لا غير". وعن حالة "الغليان" المسجلة في أوساط الموالين بسبب هذا الوضع، اتصلنا برئيس الفيدرالية الوطنية للموالين، أين أكد لنا أنهم يتعاطون مع كل المعلومات بحذر، خاصة وأن وزارة الفلاحة لم تقدّم لهم بعد نتائج تحليل العينات التي أخذت من الولايات المتضررة، على غرار ولايتي المدية والجلفة، الأمر الذي يجعل الإجراءات المعلن عنها مبالغ فيها إذا لم يكن هناك خطورة، فإذا أثبتت التحاليل وجود مرض الطاعون أو حتى ارتفاع عدوى الحمى القلاعية، فحتما الموال سيلتزم بها حفاظا على قطيعه، حسبه، لكن إذا لم تكن الإصابات خطيرة، فلا يمكن وقف نشاط الموالين لمدة طويلة، يضيف عزاوي. والفيدرالية، حسبه، سوف تلتقي بمسؤولي الوزارة غدا الأحد للاستفسار عن نتائج التحليل، على أن تقوم بتوجيه الموالين بعدها وفق النتائج. وضع يعيد الجدل من جديد حول تعامل وزارة الفلاحة مع خطر حقيقي يترصد الماشية. فمن جهة، تؤكد أن نتائج التحاليل لم تظهر، ومن جهة أخرى، تفرض قرارات تستخدم عادة لحالة الطوارئ بغلق الأسواق ومنع تنقّل المواشي، وهو الارتباك الذي صدّرته إلى الموالين الذين بدأوا يتحركون عبر الولايات للمطالبة بمعلومات صحيحة عما يحدث، بالإضافة إلى حقهم في توفير اللقاح لحماية مواشيهم من الأمراض التي قد ترفع حصيلة الخسائر.