الثورة الشعبية الهادئة هي التي جعلت صرح النظام القائم يسقط حجرة بعد حجرة. سقطت الحكومة ثم سقطت العهدة الخامسة ثم سقطت حكاية التمديد، واليوم حكاية إمكانية تجديد النظام لنفسه وحكاية تطبيق المادة (102) من الدستور لعبة مفضوحة تمت بين قائد الأركان وبلعيز، الهدف منها تسليم الرئيس المريض وإخوته للحراك الشعبي على أنه كبش فداء مقبول لتجديد النظام على حساب هؤلاء البوتفليقيين! الترتيب بين قايد صالح وبلعيز في تطبيق المادة 102 من الدستور بات مكشوفا للرأي العام والشعب. فبعد ساعات فقط من تصريح قائد الأركان، قام المجلس الدستوري بالتحرك لتطبيق المادة 102 وهو الذي ظل نائما طوال 7 سنوات من حدوث هذا المانع الذي يتحدث عنه قائد الأركان. هذا المانع كان موجودا عند فرض العهدة الرابعة قبل 5 سنوات، وكان موجودا عند التشجيع على الذهاب إلى العهدة الخامسة وكان المانع نفسه موجودا قبل 7 سنوات عندما كان الرئيس في مستشفى فال دوغراس! فماذا حدث حتى يتفطن قائد الأركان والمجلس الدستوري الآن لهذا الأمر؟! واضح أن القضية كان وراءها “الجهبذّ” الدستوري بلعيز، وربما لأنه يطمع في قيادة الجزائر ثلث السنة ينظم فيها انتخابات رئاسية موجهة تسمح للجيش باختيار الرئيس من جديد وفق الطرق المتعارف عليها، ويساهم بلعيز في تنصيبه مقابل استلام مجلس الأمة أو الحكومة فيما بعد! هذا وتزامن الحديث عن تطبيق المادة 102 من الدستور مع الحديث عن عدم صلاحية رئيس مجلس الأمة بن صالح لقيادة المرحلة الانتخابية كما ينص على ذلك الدستور، مرة بالحديث عن رفض الشارع له باعتباره أحد وجوه النظام البوتفليقي وعضوا قياديا في حزب الأرندي، ومرة بالقول إن جنسيته الأصلية مشكوك فيها! والخلفية هي تجاوز بن صالح إلى بلعيز في تولي المرحلة الانتقالية، وإذا كان الحراك لا يقبل ببوتفليقة لقيادة المرحلة الانتقالية، فكيف يقبل ببن صالح أو بلعيز؟! هذه حفرة سياسية حفرها هؤلاء لبوتفليقة وأسرته وللحراك، وغير مستبعد أن يقع فيها حافروها. فالمنطق يقول: أن ننظم انتخابات رئاسية نزيهة وحقيقية يشرف على تنظيمها الرئيس بوتفليقة دون أن يترشح لها تكون أكثر مصداقية من انتخابات يشرف عليها بن صالح أو بلعيز. الأفضل للرئيس أن يتجاوز هذه اللعبة الجديدة بالتقرب الفعلي من ثورة الشعب ويعين حكومة من الشباب الثائر ويكلفها بتنظيم انتخابات رئاسية حرة بإشرافه، ويكنس كل الوجوه التي أوصلت الرئيس والبلاد إلى هذه الوضعية. وهذه العملية تسمح لنا بكسب الوقت والجهد، فقد تجرى هذه الانتخابات في ظرف 45 يوما ولن يحتج عليها أحد إذا ضمن الرئيس شفافيتها مع الحكومة المكونة من الحراك. هذه الصيغة تجنبنا مخاوف تجديد النظام لنفسه. [email protected]