بلغ مستوى الاستهلاك الوطني، رقما قياسيا نهاية السنة الماضية، محافظا على منحاه التصاعدي المسجل منذ أكثر من عشر سنوات، بعد أن أصبح يمثل ما معدله 40 بالمائة من الإنتاج الإجمالي للمحروقات. الأمر الذي يعكس فشل السياسات الطاقوية المتعاقبة للتحكم في الاستهلاك الوطني للمواد الطاقوية، في ظل الظرف الاقتصادي والمالي الحرج الذي تمر به البلاد منذ أكثر من خمس سنوات نتيجة تقلص عائداتها من مداخيل صادرات المحروقات بالعملة الصعبة. كشفت مصادر عليمة ل "الخبر"، عن استمرار ارتفاع الاستهلاك الداخلي لسنة 2019، بمعدل 2,3 بالمائة مقارنة بمستوى الاستهلاك الداخلي المسجل سنة 2018 والمقدر ب 39,2 بالمائة من الإنتاج الإجمالي. وهي أرقام مقلقة تجعل من مخاوف الشركة الوطنية سوناطراك بخصوص اختلال العرض والطلب على المنتجات الطاقوية مشروعة، حيث أشارت توقعاتها إلى ارتفاع محسوس للاستهلاك الداخلي في 2030، مقابل إنتاج محدود سيوجه إلى السوق الداخلي فقط ويجعلها عاجزة عن التصدير مستقبلا. وكشفت ذات المصادر، عن تراجع محسوس للكميات المصدّرة من الغاز الجزائري والمتمثلة أساسا في الغاز الطبيعي، بما معدله 30 بالمائة. وأرجعت ذات المصادر تراجع حجم صادرات الغاز إلى انخفاض الطلب عليه في كل من إسبانيا وإيطاليا بعد مرور فصل شتاء غير بارد، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة التي أصبحت سوناطراك تواجهها في الأسواق الأوروبية. ومثل نموذج الاستهلاك الداخلي الحالي للمواد الطاقوية، أحد العوامل الرئيسية التي بررت بها سوناطراك موقفها بخصوص ضرورة التعجيل في الانطلاق بالعمل بقانون المحروقات الجديد، الذي ركز في مجمل بنوده على إعادة بعث الشراكة مع الأجانب، من خلال تحسين مناخ الأعمال، وهو القانون الذي دافع عنه إطارات الشركة الوطنية قبل المصادقة عليه، في ظل الجدال السياسي الواسع الذي أثاره هذا الأخير والانتقادات اللاذعة التي طالته قبل نزوله نهاية العام الماضي إلى البرلمان، حيث تعتبره سوناطراك المنفذ الوحيد لتعزيز احتياطات الجزائر من المحروقات وضمان أمنها الطاقوي. على صعيد آخر، قالت ذات المصادر، إن ارتفاع الاستهلاك الداخلي للمواد الطاقوية يقابله إنتاج محدود من البترول والغاز لم يتعدى المليون والأربعين ألف برميل يوميا العام الماضي، وهي الحصة التي تنتجها الجزائر في إطار التزاماتها باتفاق تخفيض الإنتاج لمنظمة أوبك. أشارت وزارة الطاقة في حصيلتها الطاقوية لسنة 2018، إلى ارتفاع الاستهلاك الوطني بصفة معتبرة بما معدله 7,7 بالمائة، ليقدر حجمه ب 65 مليون طن معادل بترول، وهو ما يمثل 39,3 بالمائة من الإنتاج الإجمالي للمحروقات. أما الاستهلاك النهائي للمحروقات، فسجل هو الآخر ارتفاعا محسوسا بنسبة 7,8 بالمائة، بما قدر ب 48,1 مليون طن معادل بترول، ممثلة أساسا في الغاز الطبيعي بمعدل 17 بالمائة وغاز البروبان المميع (11 بالمائة) والكهرباء (5 بالمائة). أما الاستهلاك النهائي للمواد الطاقوية فعرف ارتفاعا طفيفا بما نسبته 1,2 بالمائة على عكس السنتين السابقتين.