لن تكون آفاق استيراد المواطن الجزائري للسيارات المستعملة أقل من ثلاث سنوات مفتوحة لتحويلها إلى أحد البدائل المهمة لتعويض غلق الباب أمام استيراد السيارات الجديدة، على خلفية الظروف التي صاحبت عمل الوكلاء المعتمدين وتورطهم في قضايا ذات العلاقة بتضخيم الفواتير والحصول على امتيازات كبّدت الخزينة العمومية خسائر بالملايير. التسريبات التي كشف عنها وزير الصناعة والمناجم فرحات آيت علي، في تصريحه الصحفي الأخير في هذا الشأن، ترفع الستار عن الملامح التي سيكون عليها دفتر الشروط المنظم للنشاط والإجراءات المطلوب اتباعها للقيام بعمليات الاستيراد، من خلال فرض تدابير جديدة رغم أنه تم النص عليها في قانون المالية 2020 المصادق عليه من قبل نواب الشعب تحت قبة المجلس الشعبي الوطني. ومن هذه المنطلقات، من المقرر، حسب المسؤول الأول عن قطاع الصناعة والمناجم، أن يتم إقصاء استيراد السيارات ذات محركات الديزل منها، على اعتبار أن هذا النوع من المحركات "يطرح مشكل تلوث كبير وسيتم إقصائها من عملية الاستيراد وتعويضها بالسيارات الكهربائية الهجينة". وفي هذا الشأن، انتقد رئيس جمعية وكالات السيارات متعددة العلامات، يوسف نباش، في تصريح ل"الخبر"، التوجهات التي تتبناها السلطات العمومية على لسان وزير الصناعة، وأشار إلى الهوة الكبيرة الموجودة بين واقع الحظيرة الوطنية وبين السيارات الكهربائية، بدليل عدم توفر أدنى الإمكانيات الضرورية لاقتناء السيارات التي تستعمل هذا النوع من الطاقة، إذ أن هذا الأمر يفترض تجهيز محطات الوقود بتأمين الشحن الكهربائي للسيارات، وهو الوضع الذي تكذبه الحقيقة. أما وزير قطاع الصناعة فقد استند في تحليله إلى القول إن "غاز الوقود الجزائري لا يضمن لمدة طويلة سير محركات الديزل الأوروبية"، مضيفا أن "الأوروبيين اعتمدوا معيار "أورو6"، بينما الساري لدينا هو معيار أورو 2 ، وعليه فإذا استورد مواطن ما سيارة تشتغل بالديزل فإنها ستسير لبعض الأشهر قبل التعطل"، وهو الإطار القانوني الذي تعكف مصالحه الوزارية على العمل ضمنه مع كل من وزارتي التجارة والمالية في إطار إعداد نص تنظيمي يحدد شروط استيراد المركبات لأقل من ثلاث سنوات. وبخصوص أسعار هذه المركبات، ذكر الوزير أنها "ستكون مرتفعة"، لأن "سعر السيارة لأقل من ثلاث سنوات في أوروبا ليس منخفضا، إضافة إلى تأثير سعر صرف الدينار المنخفض مقارنة بالأورو والدولار، وكذا الحقوق الجمركية التي تصل إلى 30 في المائة والرسم على القيمة المضافة المقدرة ب19 في المائة"، وهو الأمر الذي رد عليه رئيس جمعية وكلاء السيارات متعددة العلامات بالقول بضرورة الرجوع إلى المقترحات السابقة له، حين شدد على أهمية رفع المدة إلى 5 سنوات بدلا من 3، من أجل تحقيق فارق مناسب في السعر واتخاذ استيراد السيارات المستعملة كبديل حقيقي يمكن الاستفادة منه. وأضاف نباش أن تحديد البلدان المسموح الاستيراد منها غير منطقي، لكون المواطن أو المستورد بشكل أدق هو الذي يقوم بجميع مراحل العملية وتأمين تكاليف الحصول على العملة الصعبة بإمكانياته الخاصة، فضلا عن تسديد جميع المستحقات الضريبية والجمركية المنصوص عليها، وبالتالي "فمن غير المعقول إجباره على استيراد السيارة من بلد معين دون غيره، ومن حقه في نهاية المطاف البحث عن الفرص المناسبة له أينما كانت".