شرعت العديد من الدول الأوروبية في وضع مخططات لكيفية رفع الحجر الصحي والفئات المعنية بها وتلك التي تتأخر عودتها لممارسة الحياة العادية. وتلتقي مختلف السيناريوهات في ضرورة الشروع في حملة واسعة لإخضاع المواطنين لتحاليل إجبارية لمعرفة إصابتها من عدمها ب"كوفيد-19" ومدى حصولها على "مناعة ضد الفيروس"، مع فرض إجبارية وضع "كمامات" في الشارع على كافة المواطنين. فأين الجزائر من هذه السيناريوهات؟. بعث رفع الحكومة الصينية الحجر الصحي عن مواطني مدينة ووهان، بؤرة فيروس كورونا الأولى قبل انتشاره في مختلف دول العالم، الأمل في إمكانية اقتراب موعد محاصرة الوباء، خصوصا بعدما شرعت عدة حكومات أوروبية في الإعلان عن مخططات لرفع الحجر الصحي عن مواطنيها مع نهاية شهر أفريل الجاري، مثلما أعلنت عن ذلك النمسا وألمانيا وحتى إيطاليا التي أقرت إجبارية وضع الكمامات في الشارع، بينما تحفظت الحكومة الفرنسية عن اقتراب موعد رفع الحجر الصحي، رغم إعلانها أنها بصدد وضع سيناريوهات استعدادا لعودة المواطنين إلى حياتهم العادية ما قبل "كورونا". وهناك شبه إجماع لدى المختصين والأطباء على أن لا عودة للحياة خارج الحجر الصحي، من دون إجراء حملة تحاليل لكل المواطنين لمعرفة الإصابات بالفيروس من عدمها وبدرجة أدق معرفة الذين تحصلوا على "مناعة" بعد إصابتهم بالفيروس والنسبة التي يمثلونها مع عدد السكان الإجمالي، وهي معلومات ضرورية، حسب الأطباء، للحيلولة دون العودة إلى نقطة الصفر، بظهور الوباء مجددا. لكن الإشكال القائم حاليا، أن أجهزة إجراء التحاليل غير متوفرة بالعدد الكافي، والصراع للحصول عليها على أشده في الأسواق الدولية وخصوصا السوق الصينية التي تستحوذ على ستين في المائة من الإنتاج العالمي، مما وضع مختلف الحكومات تحت ضغوط كبيرة، خصوصا في مواجهة شعوبها إزاء نقص وسائل الوقاية ضد الفيروس. ورغم أن حجم انتشار الفيروس في الجزائر ليس بالحجم الموجود عليه في الضفة الأوروبية، حيث لا زالت الحالات المسجلة والمعلن عنها من قبل وزارة الصحة في حدود كانت متوقعة وتتطور بنسب متحكم فيها إلى حد الآن، بعد إقرار جملة من الإجراءات مبكرا، على غرار وقف النقل العمومي وأماكن التجمعات و50 في المائة من عمال الوظيف العمومي وحتى الخاص، ورفع ساعات حظر التجوال في عدة ولايات، غير أن الأمور لم تتضح بشأن موعد رفع الحجر الصحي، وليس هناك أي حديث عن سيناريوهاته على مستوى السلطات العمومية التي أقرت تمديد العطلة المدرسية حتى إشعار آخر، وهو مؤشر على أن رفع الحجر الصحي ليس في "أجندة" الحكومة. وقد يعود ذلك، ليس فقط جراء ملاحظة ضعف سلوكات المواطنين الوقائية وعدم التزامهم الكامل بإجراءات الحجر الصحي، ولكن أيضا لضعف القدرات الوطنية في مجال أجهزة إجراء التحاليل لكافة المواطنين لمعرفة عدد المصابين بالفيروس وعدد الذين تحصلوا على المناعة ضد الفيروس وأيضا صعوبة توفير الأقنعة الطبية للجميع في الظرف الحالي، والأكثر من ذلك عدم تبين بدقة بؤر الوباء في الجزائر، وصعوبة اقتناء هذه الأجهزة حاليا لندرتها وتهافت كل الدول عليها، وأيضا لعدم انتهاء فترة الحجر بالنسبة للمرحلين من الخارج، ما يعني أن كل حديث عن رفع الحجر الصحي وحتى التخفيف منه سابق لأوانه، ومن شأنه أن يعرض كل الإجراءات الوقائية المتخذة إلى الاندثار قبل تحقيق النتيجة المرجوة منها وهي محاصرة انتشار الفيروس والحيلولة دون عودته ثانية.